كيف تنعكس إنارة الموقع الأثري في جرش على المجتمع المحلي؟

جرش- يتطلع السكان في محافظة جرش بقدر كبير من التفاؤل إلى مشروع إنارة الموقع الأثري في المدينة بشكل متكامل، الذي أعلنت عنه مؤخرا بلدية جرش الكبرى، بهدف جعله نقطة جذب سياحية رئيسة والمساهمة في رفع أعداد الزوار وإطالة مدة إقامتهم داخل المدينة.
ومن المرتقب أن يسهم المشروع في تحقيق أثر اقتصادي مباشر على سيدات المجتمع المحلي من خلال وحدة تمكين المرأة في البلدية.
وبحسب ما ذكر لـ”الغد”، رئيس لجنة بلدية جرش الكبرى محمد بني ياسين فإن خطة المشروع تتضمن تنظيم فعالية شهرية لإنارة الموقع بالشموع، على أن تكون هذه الشموع من إنتاج سيدات المجتمع المحلي، في إطار دعم المشاريع المنزلية والحرفية داخل المحافظة.
وأشار بني ياسين إلى أن إطالة مدة زيارة الزائر تسهم في زيادة الإنفاق داخل المدينة، ما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد المحلي، مؤكدا في الوقت ذاته، أن المشروع يهدف إلى تعزيز الحركة السياحية في مدينة جرش الأثرية.
وتطرق إلى وجود دراسة لمشروع بيئي وسياحي على طريق جرش– المفرق بطول 600 متر وعرض 40 مترا، يتضمن إنشاء حدائق وممرات ومسارات للدراجات الهوائية، مبينا أن البلدية ستطرح المشروع للاستثمار قريبا في نفس توقيت إنارة المدينة الأثرية.
ويؤكد بني ياسين أن إنارة الموقع الأثري على مدار العام ستسهم في توفير أسواق ومواقع عرض وتسويق دائمة للمنتجين في جرش من حرفيين ومشاريع تمكين المرأة ومشاريع إنتاجية ومطابخ إنتاجية عددها بالمئات في جرش، وتوفير آلاف فرص العمل، ولها سمعة وجودة تضاهي بها المنتجات العالمية، حيث ما تزال لغاية الآن تعاني من تحديات كبيرة أهمها مواقع التسويق والعرض وارتفاع أثمان مدخلات الإنتاج وانخفاض أسعار المنتجات بسبب الظروف الاقتصادية للقوى الشرائية.
نقطة جذب سياحي
وأوضح أن المنتجين في جرش ينتظرون المهرجانات والفعاليات بفارغ الصبر، وهي لا تتجاوز خمس فعاليات في أفضل الأحوال، وهو عدد محدود مقارنة بكميات الإنتاج، مما يجعل إيجاد أسواق دائمة لهذه الفئة مطلبا ضروريا، وسيكون مشروع إنارة الموقع الأثري أساس هذه الخطوة كذلك، فضلا عن إقامة فعاليات متواصلة خاصة في فصل الصيف، لاسيما أن ضعف الإنارة يعوق إقامة العديد من الفعاليات، في حين أن تحسينها سيساهم في إقامة الفعاليات على مدار الساعة داخل الموقع، خصوصا أن الموقع نقطة جذب سياحي عالمية.
وأكد بني ياسين أن من أهداف المشروع كذلك تنشيط حركة السياحة في الليل وإقامة فعاليات متواصلة، كون مساحة الموقع 550 دونما، وبعض المواقع الأثرية لا يمكن زيارتها ليلا بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية وتضاريسها.
بدوره، قال الدليل السياحي أنس العياصرة إن مشروع إنارة الموقع الأثري من المشاريع الإيجابية التي تنشط الحركة السياحية ليلا داخل الموقع وتشجع على إقامة الفعاليات والأنشطة والمعارض والتسوق ليلا، فضلا عن إضفاء لمسة جمالية على الموقع ليلا وإتاحة الفرصة لهواة التصوير ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي للاستمتاع بجمالية الموقع الأثري ليلا، أسوة بالمواقع السياحية العالمية التي تشهد حركة سياحية على مدار الساعة بسبب الإنارة، لا سيما إذا كانت الإنارة بطريقة وألوان وأشكال جذابة ولافتة.
ويعتقد العياصرة أن المدينة الأثرية بحاجة إلى هذه المشاريع التي تهتم بقطاع السياحة على وجه الخصوص، لا سيما بعد مرحلة تعافي قطاع السياحة، وأهم هذه المشاريع ربط المدينة الأثرية بالحضرية ومشروع إنارة المدينة الأثرية، خصوصا أن مدينة جرش الأثرية من أكبر وأجمل المدن الأثرية على مستوى العالم.
مواقع التسويق محدودة
من جهتها، أكدت المنتجة جميلة أبو ملحم “أن أهم التحديات التي تواجه مشاريع تمكين المرأة في جرش هي التسويق ومواقع العرض، لا سيما أن كميات الإنتاج كبيرة جدا ومواقع التسويق محدودة، ولا تتجاوز بضعة مهرجانات وأنشطة في أوقات مختلفة من العام، ومدتها قصيرة وغير كافية وعدد زوارها متواضع”.
وأضافت أبو ملحم “لكن إذا تم توفير أسواق تراثية داخل الموقع الذي يعد نقطة جذب سياحي على مدار العام وفي كل الأوقات، فهذا التوجه يساهم في تسويق المنتجات الجرشية وعرضها بطريقة مناسبة، خصوصا أن إقامة سوق دائم للجرشيات والمنتجين والحرفيين والمهنيين من أهم المطالب منذ سنوات، وتنفيذ مشروع إنارة المدينة الأثرية يساهم في إيجاد سوق دائم في مواقع مميزة وسهلة الوصول إليها وتشهد حركة سياحية نشطة على مدار الساعة”.
وعادة ما تواجه العديد من السيدات اللاتي أطلقن مشاريعهن الإنتاجية الخاصة في محافظة جرش، تحديا بارزا يتمثل بمدى القدرة على الاستمرار في تلك المشاريع، لا سيما في فترات تراجع أعداد الزوار والسياح، فضلا عن تراجع تشهده حركة التسوق بشكل عام، وإلغاء العديد من المهرجات التي كانت تقام في المحافظة كل عام.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ إن التحديات المتعلقة بتسويق منتجاتهن تلقي أيضا بظلالها على ظروف عملهن، خصوصا مع عدم توفر معامل لتصنيع المنتجات الزراعية، وقلة التدريب والتأهيل والتطوير لتمكينهن من مواجهة المتغيرات والتحديات، وغياب مهرجانات عدة كانت تقام في المحافظة، وذلك كله يهدد استمرار مشاريعهن ومصدر دخل العاملين فيها.
لذلك برزت سابقا دعوات إلى ضرورة عودة المهرجانات التي كانت تقام في جرش وتعد من أهم مقومات الحفاظ على هذه المشاريع، مثل مهرجان اللبنة ومهرجان العنب ومهرجان المونة ومهرجان جراسا وغيرها من المهرجانات اليومية التي تنفذها الجمعيات ومشاريع تمكين المرأة.
إقامة فعاليات محلية وعالمية
بدوره، يرى عضو لجنة إدارة مجلس محافظة جرش أحمد القادري أن إنارة الموقع الأثري من المشاريع التي يجب تنفيذها منذ سنوات في جرش، لا سيما أن إنارة المدينة الأثرية من المشاريع السهلة، إذ يتم إنارة الموقع سنويا خلال فعاليات مهرجان جرش ويتم إحياء الموقع ليلا خلال مدة المهرجان، وبعدها يهجر الموقع مساء، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن الدليل على نجاح المشروع هو الحركة التي يشهدها المهرجان والتي لا تقل عن خمسة آلاف زائر يوميا.
وأضاف القادري أن إنارة الموقع تساهم في زيادة الجذب السياحي وإقامة فعاليات محلية وعالمية على نظام الفعاليات التي تقام بالمهرجان، مما يشجع على زيارة الموقع ليلا والاستمتاع بجماليته، خصوصا في فصلي الصيف والربيع ومع اعتدال درجات الحرارة، لا سيما إذا تواجد في الموقع فعاليات وأنشطة وبرامج ترفيهية وأسواق ومعارض دائمة تستقطب الزوار وتتيح لهم عرض المنتجات في مواسمها بشكل مباشر.
يشار إلى أن بلدية جرش الكبرى حصلت على منحة إيطالية بقيمة 1.8 مليون دينار تهدف إلى ربط المدينة الأثرية بالمدينة الحضرية وتطوير الوسط التجاري للمدينة، وهو مشروع وصفه الخبير السياحي وعضو مجلس محافظة جرش سابقا الدكتور يوسف زريقات بأنه “حلم كبير ومشروع سياحي ضخم”، مضيفا في الوقت ذاته، أن “الجرشيين يترقبونه كونه الوسيلة الوحيدة لربط المدينة الأثرية بالحضرية، وسينقل السياحة إلى العالمية وسيوفر فرص عمل لأبناء المحافظة، لا سيما أن الأهالي لا يستفيدون من السياحة حتى الآن ولم ينخرطوا بالعمل السياحي ولا يرون السياح أصلا”.
وأوضح زريقات “أن مشروع الربط سيحل جميع التحديات التي تعانيها السياحة، منها مدة مكوث السائح في جرش وإنشاء مشاريع سياحية إضافية توفر فرص عمل لأبناء المحافظة”، مشددا على “ضرورة أن تكون البلدية قادرة هذه المرة على تنفيذ المشروع بشكل سريع وفوري، خصوصا أنها وعدت مرات عدة سابقا بتنفيذه، لكن دون جدوى”.
صابرين الطعيمات/ الغد