في ظل جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي // د. حسين احمد عايد ربابعه

التعليم والمعاييرand StandardsTeaching

لم يعد بوسعنا اليوم أن نتقبلفي تعليمنا مقولة “علينا النظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس ولا ننظر إلى الجزء الفارغ منه“، انها مقولة تبرر النقص وتعطيه صفة رسمية، فالتعليم لا يقبل وفي أي حال جزء فارغا لا ننظر اليه، ومع ذلك لا بد من وضعالنقاط على الحروف في تحويل النقص إلى كمال، هكذا هي جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي وفق معايير عالية الجودة واضحة ومحددة وقابلة للقياس، جاءت لتحفز التربويين وتكرمهم من خلال تنافس شريف محكي المرجع، فهي تنظر إلى التعليم بنظرة شمولية متكاملة مترابطة، بعيدا عن التصنع والتكلف والانحصار، وتضع أولوية أن يكون الكأس ممتلئ تماما لا نقص ولا عيب ولا خدش فيه، هذه رسالة جائزة الملكة رانيا العبدالله تنص بوضوح أن التعليم لا يسمح بالنسبة ولا يسمح أيضا بتحاشي تدوين الأخطاء وذكرها،بل يجب التوقف الفوري عندها، أنها رسالة التميز للتربويين ليكون الفائزون سفراء في مدارسهم ومجتمعهم ومجتمعات خارجية ينقلوا كيف يكون التعليم مواكب للحداثة والتطور بقوالب الإبداع والابتكار وتحقيق الاستدامة في مجال المعرفة وتحسين السلوك في الأفعال والاقوال، انه التعليم المستند الى معايير ذات جودة عالية تطبق  لتخلق أجبالا قادرة على الابداع الذي نريد.

لم نعد بحاجة إلى تعليم تقليدي تعليم صم لا يحاكي الا جدران الغرف الصفية ومقاعد خشبية وألواح تُدَوِّنُ جملا وعبارات يحفظها المتعلمون، لكنها سرعان ما تتطاير بعيدا عن العقول، ان رسالة الجائزة مستمرة في طريق الاصلاح التربوي مستندة الى أنحركة المعاييرstandards Movement تُعد أحد الموضوعات الأكثر تداولاً عند الحديث عن الاصطلاح التربوي (Lewis ,1995) .

ان تعليمنا اليوم، في ظل جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، أصبح يبحث عن عمق المعرفة ويسير بخطى متسارعة ومنضبطة مع التحديث والتنمية المستدامة، وفق أحكام معايير عالمية حديثة تطبق بموضوعية وشفافية ونزاهة، تحقق تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع، أنه تعليم تحرري ناشئ عن نظرة إبداعية تشاركية متكاملة.

ان المتعمق بجائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز يعرف حقيقتها ويكشف جوهرها ويرى بوضوح منظومة متفاعلة متكاملة من المعايير التي تطبق لتقود إلى تعليم متميز، يلعب فيها المعلمون أدوارا محورية متناسقة لا شك فيها، وتنسجم المعايير مع بعضها في هيكلة هرمية تصل إلى توازن لا انفصام فيه، أنه دور المربي يسير بكل ابداعاته إلى أن يخطف ثمرة تعزز مكانته، أنها ليست مجاملة وليست حظوظ ، أنها طريق شائك يتم المرور فيها من خلال البحث وتعميق المعرفة وبراعة التطبيق وتجلي التحليل وموهبة التركيب وحكمة التقويم، إننا اليوم بأمس الحاجة إلى معلم رائد قادر على  استيعاب المتغيرات وتعميق الأثر لما يعلمه لطلابه ونقل هذا الأثر إلى مواقف حياتية جديدة، منها تنطلق الأفكار وتتجمع وتبرز في حل المشكلات، وفق معايير عالية الجودة.

يشارك المرشد التربوي عناصر منظومةالتميزالتربويلجائزةالملكةرانياوفق المعايير الحديثة باعتباره بسمة المدرسة وحضنها الدافئ ، لن يشرق التعليم بغياب المرشد التربوي، فالمدرسة مدينة يتجمع فيها الأفراد وعقولهم ، حاجاتهم وميولهم، خلفيات تظم مستويات متباينة  ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، لكن التعليم في هذه  المدينة يسير وفق معايير قادرة على خلق بيئات تسمح بالاندماج السهل والبسيط، وإزالة القيود والفجوات، وتحسين العلاقات وتلاشي المسافات، أنه التعليم المبنى على أسس لها قواعد صلبة اشتقت من معايير محكمة لا عيب فيها.

ويظهر مدير المدرسة قائد التغيير والتعليم والتعلم، ومدير العمليات والموارد، يضع الخطط ويرسم الأهداف وفق معايير تنطلق من قواعد وجذور راسخة تؤمن بالمشاركة والتحرر والانضباط، يعمل على الكشف عن حاجاته قبل حاجات كادره، يؤمن أن المدرسة تعمل وفق فريق متكامل،يتبنى رسالة المدرسة للجميع، ويؤسس للشراكات المنتجة والزائر الصديق، لا يسمح بالهدر، يؤمن أن رفع الكفاءة والاصلاح رسالته وأن الفاقد من موارد مؤسسته يجب أن يكون صفرا، انه القائد القادر على التعامل مع جميع المتغيرات والناظم لكل ما يحدث وفق فريق متكامل وأهداف تضع التنمية المستدامة أولوية من خلال شراكات مجتمعية وتعليم رقمي في بيئة مرتكزة على الذكاء الاصطناعي.

ولا يستثنى من منظومة التميز التربوي لجائزة الملكة رانيا معلمات رياض الأطفال، فهن من يبدأن رحلة الأمل واشراقة المستقبل، هن الخَيِّرات اللواتي يشكلن الأفكار، ويرسمن خطوط المستقبل مسترشدات بمعايير تنظم طرق المعرفة وجذور الابداع، تبدأ من المراحل الأولى للتعليم، وهنا تكمن مفاتيح التطور وأهمية التغيير.

الدكتور”حسين أحمد عايد ربابعه”

مدير المركز الهاشمي لاستطلاع الرأي العام والدراسات والبحوث

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة