هل تشهد جرش توسعا في زراعة القطن بعد نجاح التجربة الأولية؟

جرش- شهدت محافظة جرش خطوة تعد الأولى من نوعها، وتتمثل بنجاح تجربة بحثية أولية لزراعة القطن في مشتل فيصل الزراعي، حيث تهدف التجربة إلى دراسة مدى ملاءمة الظروف البيئية في المنطقة لهذا المحصول المهم.

فقد نجح مشتل فيصل في زراعة وإنتاج القطن في المشتل ضمن مشروع الزراعة المائية، ما يؤكد على مناسبة الظروف المناخية واللوجستية في جرش لزراعة القطن الذي يعد من الزراعات المجدية عالميا.
ووفق ما ذكر لـ”الغد” مدير المشتل المهندس بهجت السوالمة، “فإن مشتل فيصل يعد مركز أبحاث وتدريب زراعي متطور، ويسعى دائما للبحث عن أفكار وبدائل زراعية مناسبة، وقد تم زراعة مساحة من القطن بواسطة أنظمة الزراعة المائية، وهي توفر من كمية المياه التي يحتاجها القطن بنسبة
70-80 %، نظرا لأن نبات القطن يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، وهذا النظام يوفر كميات المياه المستخدمة في زراعته”.
وأضاف أن “نجاح هذه التجربة والبدء بإنتاج القطن يقود إلى البدء بتدريب المزارعين والمهندسين على نظام زراعة القطن بواسطة الزراعة المائية، نظرا لنجاح التجربة والحصول على إنتاج ذي جودة عالية، ومن الممكن تعميم الفكرة والبدء بزراعة القطن ضمن مشاريع فردية، لا سيما أن القطن من السهل تسويقه وأسعاره مرتفعة جدا وزراعته تحقق جدوى اقتصادية عالية”.
وقال السوالمة: “إن تجربة زراعة القطن نفذت على مساحات تجريبية صغيرة بهدف تقييم الأداء الزراعي ومتابعة مراحل النمو والإنتاج، فيما أظهرت النتائج الميدانية تكيفا جيدا للنبات مع الظروف المحلية واستجابة إيجابية لعمليات الري والتسميد”.
وبين “أن فريق العمل في المشتل يواصل متابعة التجربة بشكل دوري لتقييم جودة الألياف ومردود الإنتاج، تمهيدا لرفع التوصيات الفنية حول إمكانية التوسع في زراعة القطن مستقبلا في المناطق المناسبة من المحافظة”.
تغيير الأنماط الزراعية
ومن وجهة نظر الخبير الزراعي المهندس هاني البكار، “فإن المزارع حاليا بحاجة ماسة إلى تغيير الأنماط الزراعية بسبب التغيرات المناخية التي تمر بها المنطقة والتغير الجيولوجي في طبيعة التربة، وبحاجة إلى محاصيل تقاوم هذه الضغوطات والتغيرات وتوفر دخلا ماديا مناسبا للمزارعين لتغطية تكاليف العمل”.
وأكد “أن مشروع زراعة القطن يعد من المشاريع التي ستكون نقلة وثورة زراعية حديثة، خصوصا أن طريقة الزراعة حديثة ومتطورة وتوفر 80 % من كمية المياه التي يحتاجها نبات القطن، مما يجعل منه منتجا زراعيا ناجحا ومتطورا وذا مردود مادي مناسب مقارنة بباقي الزراعات التقليدية التي تلحق خسائر فادحة بالمزارعين”.
وأشار بهذا الخصوص إلى “أن هذه الأنماط الزراعية أثبتت نجاحها مثل زراعة الزعفران وزراعة الفطر وتربية الأسماك وتربية النحل، وهي مشاريع ناجحة وذات جدوى ومردود أفضل من الزراعات التقليدية التي تلحق بالمزارعين خسائر فادحة”.
وشدد البكار على “ضرورة أن يتم البدء بتدريب المزارعين والمهندسين والطلاب والسيدات اللواتي يمتلكن حدائق منزلية ومشاريع تمكين، للبدء بإنتاج القطن في الحدائق المنزلية والمشاريع الزراعية في خطوة جادة لتغيير الأنماط الزراعية القديمة”.
وثمن “دور مشتل فيصل في الزراعات البحثية والتجريبية ودوره في التدريب والتأهيل والبحث عن زراعات حديثة وعالمية ومنتجات زراعية تتناسب مع طبيعة المنطقة والتغيرات المناخية التي تمر بها”.
بدورها، عبرت رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية في جرش دلال قردن، عن أملها في “أن يتم دمج الجمعيات في المشاريع الزراعية الحديثة لتتمكن الجمعيات من إعطاء هذه المشاريع للسيدات المنتجـات وتدريبهن عليها وفتح مشاريع زراعية حديثة، لاسيما أن السيدات أثبتن جدارتهن في إدارة مشاريع زراعية مثل زراعة الفطر وتربية النحل وزراعة الأعشاب الطبية النادرة، وهي تسوق وتوفر مردودا ماديا مناسبا للعائلات.
وبينت دلال “أن الجمعيات الخيرية في تعاون مستمر مع زراعة جرش من حيث التدريب ومنح المشاريع والإشراف عليها وتأهيل السيدات للعمل فيها، وهو جانب مهم في الجمعيات التابعة لمحافظة جرش، خصوصا أن جرش من أكبر المدن الزراعية على مستوى المملكة وأغلب البيوت فيها تحتوي على حدائق منزلية واستملاكات أراض مناسبة لهذه المشاريع”.
تعزيز الابتكار الزراعي
يشار إلى أن مشتل فيصل الزراعي يعد محطة بحثية لاكتساب الخبرات وتبني الممارسات الزراعية الحديثة، حيث تنفذ فيه باستمرار تجارب علمية تهدف إلى تطوير أساليب الزراعة المستدامة ورفع كفاءة الإنتاج النباتي في محافظة جرش، ويقوم المشتل حاليا بزراعة نبات البابايا المقزمة، وهي مثمرة وناجحة كذلك، ويمكن تعميم الفكرة وبدء التدريب عليها أسوة بباقي الزراعات التي نجحت وتناسبت ظروف نموها مع مناخ المنطقة، ويمكن أن تشكل نقلة نوعية للعديد من المشاريع الزراعية في جرش.
من جهتها، أكدت مدير زراعة جرش الدكتورة علا خلف المحاسنة أن هذه التجربة تأتي ضمن الجهود البحثية التي تنفذها المديرية لتعزيز الابتكار الزراعي واستكشاف محاصيل جديدة قادرة على التكيف مع المناخ المحلي، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن النتائج الأولية أظهرت نسبة إنبات مرتفعة ونموا مميزا للنباتات، مما يعكس نجاح التجربة في مرحلتها الأولى.
وأضافت المحاسنة أن مشتل فيصل الزراعي يشهد تنفيذ عدد من التجارب والتقنيات الزراعية الحديثة، من أبرزها تطبيق تقنية التف البركاني في الزراعة بدون تربة بالنظام المغلق، وهي تقنية مبتكرة تعتمد على استخدام التف البركاني كوسط نمو طبيعي يتميز بقدرته على الاحتفاظ بالرطوبة وتوفير التهوية المثلى للجذور، مما يسهم في تحقيق كفاءة عالية في استهلاك المياه والأسمدة وتعزيز الاستدامة الزراعية.
كما أكدت أن مديرية الزراعة تدعم هذه الأبحاث والزراعات الحديثة والدراسات التي بناء عليها يتم تدريب المزارعين والمهندسين والطلاب على أنظمة زراعية حديثة متطورة تتناسب مع البيئة والمناخ الحالي والتغيرات المناخية التي تمر بها المنطقة، وتشكل نقلة نوعية للمشاريع الزراعية الحديثة من خلال مشتل فيصل الذي يعد مركزا زراعيا بحثيا.

صابرين الطعيمات/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة