عجلون.. سنوات الانتظار تطول على مزارعين يطالبون بتعويضات من “مياه اليرموك”

يطالب مزارعون في محافظة عجلون بصرف مبالغهم المالية التي صدرت بها أحكام قضائية نهائية منذ نحو سبعة أعوام، وذلك كتعويض لهم من شركة مياه اليرموك، مقابل ما لحق بأراضيهم المروية من أضرار جراء تراجع المياه في وادي كفرنجة.
وأوضحوا أن هذا التراجع حدث بعد أن استغلت شركة مياه اليرموك بعض الينابيع لأغراض الشرب، وهي التي كانت ترفد الوادي وقنوات الري بكميات جيدة، ما تسبب بتراجع حصصهم المائية لأغراض الري، وتضرر زراعاتهم وأشجارهم إلى حد جفاف بعضها.
وبحسب المزارع محمد عبدالله الشريدة، فإن “عشرات المزارعين في لواء كفرنجة كسبوا قضايا تم الحكم فيها لهم على مياه اليرموك منذ العام 2017 بدفع تعويضات بآلاف الدنانير، وذلك كتعويض عن الأراضي المروية التي تراجعت حصصها المائية بسبب استغلال مياه الينابيع على وادي كفرنجة الطواحين لأغراض الشرب، كعين القنطرة، ما تسبب بتضرر أراضيهم وعدم قدرتهم على زراعتها بالمحاصيل أو ري أشجارهم التي تعرض بعضها للجفاف بسبب تراجع حصصهم المائية إلى أكثر من الثلثين”.
وبين أنهم أصبحوا يضطرون إلى شراء المياه بواسطة الصهاريج مقابل مبالغ مالية كبيرة للحفاظ على ما تبقى من زراعاتهم وأشجارهم، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن ما أنفقوه على الدونم الواحد من رعاية يكاد يوازي ما تم تقديره من تعويض عن كل دونم، والبالغ نحو ألفي دينار.
ويطالب المزارع محمد مصطفى الخطاطبة بـ”الإسراع في صرف المبالغ المالية التي تم الحكم لهم بها منذ سنوات، ما سيساعدهم في رعاية أراضيهم، وعمل آبار وبرك لجمع مياه الأمطار لمواجهة شح مياه الري، خصوصا خلال أشهر الصيف”.
وأكد الخطاطبة أنهم رغم مراجعتهم للمحامين الذين توكلوا بالقضايا وإدارة المياه، لم يتمكنوا من الوصول إلى أي نتيجة، ذلك أن ردود المحامين تقتصر على تأكيداتهم المستمرة بأنه لا تتوفر لدى شركة مياه اليرموك أي مبالغ لصرف التعويضات، مناشدا وزارة المياه والحكومة التدخل وحل مشكلتهم.
إسالة مياه نبع عين القنطرة
أما المزارع أبو وائل عنانبة، فيقول “إن تراجع المياه في وادي كفرنجة بسبب تراجع المعدل المطري خلال المواسم الماضية أضاف عليهم أعباء جديدة، بحيث أصبحوا لا يجدون كميات كافية من المياه في الأقنية لري مزروعاتهم وأشجارهم في الأراضي المروية”، مبينا أن موسم الزيتون تراجع إنتاجه بشكل كبير هذا الموسم بسبب ما لحق بالأشجار من عطش وجفاف.
ودعا العنانبة إلى إعادة إسالة مياه نبع عين القنطرة في وادي كفرنجة لإحياء آلاف الدونمات الزراعية المروية المنتشرة على ضفاف الوادي، خصوصا بعد استكمال مشروع الخط الناقل من سد كفرنجة، والمتوقع أن يخدم مناطق واسعة في المحافظة، ما يغني إدارة المياه عن الحاجة لنبع عين القنطرة، الذي يعد المزود الرئيس للمياه في وادي كفرنجة.
وأضاف “أن صرف تعويضاتهم وتوفير منح وقروض ميسرة للمزارعين المتضررين سيخففان عنهم الأعباء ويمكنانهم من رعاية أشجارهم بشكل يمكنها من تجاوز الظروف المناخية المستجدة وضمان عدم جفافها على أقل تقدير”.
ووفق المزارع أبو أحمد، فإن لديه قطعة أرض تضررت بسبب تراجع الحصص المائية، وهو لم يتمكن حتى الآن من رفع دعوى على الشركة، بسبب طلب المحامين تكفله برسوم ونفقات الدعوى، خصوصا أن كثيرا منهم دفعوا مبالغ كبيرة من جيوبهم كرسوم ونفقات مختلفة عن دعاوى رفعوها قبل أعوام عدة، وتم الحكم لصالح المزارعين الذين لم تصرف لهم المبالغ حتى الآن ليتمكن المحامون من الحصول على أتعابهم.
ويؤكد أحد المحامين ممن وكلهم المزارعون، منذر المصري، أنهم كسبوا القضايا لصالح المزارعين على إدارة مياه اليرموك منذ العام 2017، ولم يتمكنوا من صرف المبالغ حتى الآن، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أنه على تواصل دائم مع إدارة المياه، التي يكون ردها في كل مرة بأنه لا يتوفر لديها مبالغ لصرف التعويضات.
وأضاف المصري “أن المحامين تكفلوا بدفع رسوم القضايا وكامل الكلف الأخرى المتعلقة بها عن المزارعين، مقابل نسبة أتعاب متفق عليها، ما رتب عليهم دفع مبالغ كبيرة أصبحت تؤثر على عملهم”، مؤكدا أنه توكل عن عشرات المزارعين في منطقة كفرنجة، وتم الحكم لهم بمبلغ يزيد على 300 ألف دينار، وهم على تواصل دائم معه بانتظار الحصول على مبالغهم.
ماذا تقول “مياه اليرموك”؟
من جهته، أقر مدير عام شركة مياه اليرموك المهندس محمد العمايرة بما جاء في مطالب المزارعين، موضحا أن الشركة معنية بالنواحي الإدارية، في حين أن القضايا المالية، وبما فيها مسائل التعويضات، هي من اختصاص وزارة وسلطة المياه اللتين تطلبان بدورهما من وزارة المالية توفير مبالغ لتغطية مثل هذه الأمور ولدفع التعويضات. وأشار إلى أنه تم صرف بعض المبالغ عن بعض القضايا خلال الفترات الماضية.
واكتفى الناطق الإعلامي في وزارة المياه عمر سلامة بالقول “إن ما ورد في تصريحات مدير عام شركة مياه اليرموك صحيح”، مؤكدا أن “ملف القضية بالأصل هو لدى الشركة، وستجري متابعة الأمر”.
من جانبه، يقول مدير زراعة المحافظة المهندس رامي العدوان “إن المديرية، وبهدف مساعدة المزارعين، أنجزت خلال العام الحالي 210 آبار حصاد مائي، بكلفة بلغت 1500 دينار للبئر الواحدة، وذلك ضمن جهودها لدعم المزارعين وتقليل أثر التغيرات المناخية”، مؤكدا أن هذه الخطوة تشكل ركيزة مهمة لتأمين مصادر مياه إضافية للري، حيث إن 33 بئرا منها نفذت في لواء كفرنجة.
وأشار إلى أن المديرية تنفذ بالتوازي مع ذلك برامج تدريبية عملية بالتعاون مع مشاريع وطنية ودولية تركز على الزراعة الذكية مناخيا وتربية النحل والإدارة المتكاملة للثروة الحيوانية، لافتا إلى تنفيذ العديد من مشاريع تبطين الأقنية.
وأضاف العدوان أن الحصاد المائي يمثل حلا إستراتيجيا لتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة والمحافظة على الموارد المائية، مشيرا إلى أن المديرية تعمل على توعية المزارعين بأهمية إنشاء برك ترابية وخزانات لتجميع مياه الأمطار، وتسعى إلى تقديم الدعم الفني والإرشادات اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع.
كما أكد أن محافظة عجلون تعد من المحافظات الزراعية التي تشتهر بزراعة الزيتون والكروم، ما يجعل الحاجة إلى المياه أمرا ضروريا لدعم الإنتاج وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين.
قروض بـ1.9 مليون دينار
إلى ذلك، منحت مؤسسة الإقراض الزراعي في المحافظة قروضا بمبلغ 1.9 مليون دينار العام الحالي لدعم المشاريع الزراعية وتمكين المزارعين، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
وقال مدير فرع المؤسسة في عجلون، المهندس بشار النوافلة، إن القروض استفاد منها 422 مزارعا، فيما بلغت التحصيلات نحو مليوني دينار، مبينا أن المؤسسة توفر القروض لمختلف المشاريع الزراعية، بدءا من شراء الأراضي والآلات الزراعية، وتمويل مشاريع الإنتاج الحيواني وتصنيع المنتجات الزراعية، وصولا إلى دعم المرأة والشباب في الريف من خلال برامج قروض خاصة تتيح فرص عمل مستدامة وتعزز التنمية الريفية.
وأضاف النوافلة أن المؤسسة ركزت على تمويل المشاريع التي تعتمد على أحدث التقنيات، ما أسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين الجودة وتعزيز تنافسية المنتجات الزراعية الأردنية، فضلا عن تقديم قروض صغيرة في المناطق الريفية أسهمت في الحد من الفقر والبطالة، مؤكدا أن المؤسسة أولت اهتماما خاصا بتطوير شبكات الري ومحطات تحلية المياه وتقنيات ترشيد المياه والزراعة المحمية، إلى جانب تقديم الدعم الفني والاستشاري للمزارعين بالتعاون مع القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع مشتركة تحقق التنمية المستدامة.

