موسم العسل في الغور الشمالي.. إنتاج نوعي وملاذ للباحثين عن مصدر دخل

يعد موسم العسل الذي انطلق في وادي الأردن، من المواسم الزراعية المهمة التي تميز هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والتنوع النباتي، لا سيما في منطقة الغور الشمالي.

فمع بداية موسم الإزهار، تنتشر خلايا النحل بين بساتين الحمضيات والزهور البرية لتنتج أنواعا مميزة من العسل الطبيعي المعروف بجودته العالية ونكهته الفريدة، في حين يشكل هذا الموسم مصدر دخل رئيسيا للعديد من المزارعين والأسر الريفية، لإسهامه في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز مكانة الأغوار كمركز مهم لإنتاج العسل في الأردن.
ويشتهر لواء الغور الشمالي بزراعة الحمضيات، ما يجعل بيئته مثالية لإنتاج عسل يتميز بجودته العالية ونكهته الفريدة، الأمر الذي جعله من المنتجات المطلوبة في الأسواق المحلية والخليجية.
ويعد الموسم فرصة اقتصادية وبيئية وصحية في آن واحد، لما يوفره من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب دوره في تعزيز التنوع الحيوي من خلال عملية التلقيح التي يقوم بها النحل، والتي تسهم في تلقيح ما نسبته سبعون بالمائة من النباتات، ما ينعكس إيجابيا على البيئة وجودة المحاصيل الزراعية.
ويقول عدد من النحالين إن هذا الموسم لا يقتصر على إنتاج العسل فقط، بل يوفر مصدر دخل ثابت للعديد من الأسر في المنطقة، حيث تعتمد صناعة العسل بشكل كبير على العمالة المحلية التي تعمل في تربية النحل وجمع العسل الطبيعي بطرق تقليدية وأخرى حديثة، كما تساهم هذه المهنة في تمكين المرأة الريفية والشباب من خلال إشراكهم في جمع العسل وتسويقه في المعارض الزراعية ومنتجات الريف.
وشددوا كذلك على أهمية الاستدامة البيئية في الحفاظ على صحة النحل وزيادة إنتاجيته من خلال استخدام طرق تربية تراعي التوازن الطبيعي وتقلل من الأثر البيئي، في الوقت الذي يطالبون فيه بمزيد من الدعم الفني والمالي لمساعدتهم على توسيع نشاطهم الإنتاجي وزيادة فرص التصدير.
وأجمعوا على أن موسم العسل في وادي الأردن لا يمثل مجرد موسم إنتاج، بل هو قصة نجاح زراعية تعكس تكامل الجهود بين المزارعين والنحالين والجهات الرسمية في سبيل تحقيق تنمية اقتصادية وبيئية مستدامة، تبرز المكانة المرموقة التي تحتلها الأغوار الشمالية على خريطة الإنتاج الزراعي في المملكة.
وبحسب النحال محمد علي، أحد العاملين في هذا القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، فإن تربية النحل في الغور الشمالي أصبحت مشروعا واعدا يحقق دخلا جيدا للعاملين فيه، رغم ما يواجهونه من تحديات مثل ارتفاع درجات الحرارة أو نقص المراعي الموسمية.
وأضاف علي “أن العمل في المناحل ليس سهلا، لكنه ممتع ومجز في الوقت نفسه، فالعسل الذي ننتجه هنا يتمتع بطعم مميز ناتج عن أزهار الحمضيات المنتشرة في المنطقة، وهذا ما يجعله مطلوبا حتى خارج الأردن”.
برامج تدريبية متخصصة
من جانبه، قال مدير زراعة لواء الغور الشمالي المهندس محمد النعيم إن المديرية تعمل على تطوير هذا القطاع عبر تنفيذ برامج تدريبية متخصصة للجمعيات التعاونية والخيرية، بهدف دعم المبتدئين في تربية النحل وتمكينهم من اكتساب مهارات علمية وعملية تعزز كفاءتهم وتزيد من إنتاجيتهم.
ويؤكد المرشد الزراعي المهندس فارس المشرقي، رئيس قسم وقاية النباتات في المديرية، أن المديرية تولي اهتماما كبيرا بقطاع النحل لما له من أثر مباشر في دعم الاقتصاد المحلي وحماية البيئة، كما أنه دخل أساسي للعديد من العائلات في المنطقة.
وأضاف المشرقي “نقوم بجولات ميدانية دورية لمتابعة المناحل وتقديم الإرشاد للنحالين حول أساليب التربية السليمة ومكافحة الأمراض باستخدام مواد آمنة، كما نعمل على توعيتهم بأهمية الحفاظ على التوازن البيئي وتجنب الرش العشوائي للمبيدات حفاظا على النحل”.
وأشار إلى أن تربية النحل أصبحت من المشاريع الواعدة التي تلقى إقبالا متزايدا من الشباب، خصوصا بعد نجاح العديد من المبادرات التي دعمت إنشاء مناحل صغيرة في القرى والمناطق الريفية، لافتا إلى أنه تم تدريب العديد من السيدات والطالبات على كيفية تربية النحل واستغلال الحدائق أو الأماكن الموجودة أمام منازلهن لإنشاء مشاريع قد تدر دخلا إضافيا وتسد رمق العيش وتسهم في تسديد العديد من الالتزامات المالية.
كما أكد المشرقي أن المديرية تقوم بمهمة التخطيط والإشراف على موسم العسل من خلال وضع السياسات والبرامج الداعمة لهذا القطاع الحيوي وتعزيز تسويق منتجات العسل في الأسواق المحلية والخارجية، مشددا في الوقت ذاته، على أن المديرية تحرص على إشراك النحالين في المعارض الزراعية والفعاليات المحلية بهدف تمكينهم من عرض منتجاتهم أمام المستهلكين وتشجيع تسويقها ضمن أسواق جديدة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة