جرش.. المطابخ الإنتاجية تعيش أسوأ حالاتها لتراجع المواسم الزراعية

جرش– اضطرت العديد من المطابخ الإنتاجية في جرش، للتوقف عن العمل والإنتاج، نظرا لعدم توفر المنتجات الغذائية مع تراجع المواسم الزراعية التي تعتمد عليها في عملها، فضلا عن أن المنتجات المتوفرة سابقا، مكدسة جراء ضعف الإقبال، مما حول مئات العاملين فيها إلى متعطلين عن العمل.

وأكد عاملون في تلك المطابخ “أن الموسم الزراعي من أسوأ المواسم على الإطلاق، وكميات الإنتاج شحيحة وجودتها متدنية نظرا للتغيرات المناخية وقلة الهطول المطري الذي ينعكس سلبا على الموسم الزراعي، ذلك أن عمل المطابخ الإنتاجية يعتمد على المنتجات الزراعية من الفواكه الموسمية أو موسم الزيتون الذي يعد الأسوأ على الإطلاق، حيث كانت المطابخ الإنتاجية تعتمد عليه كذلك في إعداد قائمة من مونة البيت التي تحتاجها كل الأسر، عدا عن تصديرها للعائلات المغتربة في مختلف دول العالم”.
وأضافوا “أن إغلاق المطابخ هذا العام أفضل من الإنتاج، لا سيما أن تكاليف الإنتاج مرتفعة جدا ومكلفة، مما يرفع أثمان مدخلات الإنتاج وينعكس على الأسعار، والمواطنون غير قادرين على شراء المونة بأقل الأسعار، ولن يتمكنوا من شرائها إذا ارتفعت الأسعار، خصوصا أن موسم الزيتون من أهم المواسم للمطابخ الإنتاجية حيث يتم تجهيز كميات كبيرة من كبيس الزيتون بمختلف الأنواع وبيع زيت الزيتون بعبوات مختلفة الأحجام، إلا أن ارتفاع الأسعار لهذه الدرجة حرم المنتجين من العمل في موسم الزيتون بمختلف مراحله”.
بدورها، أكدت صاحبة أحد المطابخ الإنتاجية فاديا المصري أنها “هذا العام لم تعمل في مطبخها ولم تنتج أي كميات من المونة التي اعتادت على العمل بها مثل المربيات والمخللات والقطين والحلوى الشعبية والخبيصة والأعشاب الطبية بمختلف أنواعها، فضلا عن إعداد المقدوس وكبيس الزيتون نظرا لعدم توفر مدخلات الإنتاج، وفي حال توفرت تكون بأسعار مرتفعة جدا، مما يعني رفع سعرها على المواطنين وتكدسها في المطابخ الإنتاجية لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تلفها قبل بيعها نظرا لصعوبة التسويق”.
وأوضحت المصري “أن إيقاف العمل أفضل من العمل بمنتجات مرتفعة الأسعار وتكدسها فيما بعد في المطابخ، نظرا لتراجع القوى الشرائية وعجز الكثير من المواطنين عن شراء المونة، كون الأولوية هي شراء احتياجات التدفئة استعدادا للشتاء التي تعتبر تكلفتها مرتفعة جدا مقارنة مع ظروف المواطنين الاقتصادية”.
وبينت أنها “كانت توفر فرص عمل لاثنتين من سيدات المجتمع المحلي، وفي وقت المواسم كانت توفر فرص عمل لأربع سيدات، إلا أن هذا الموسم توقفت نهائيا عن العمل وتكتفي بتجهيز طلبات الطعام للولائم في مطبخها الإنتاجي بأسعار منخفضة جدا مراعاة لظروف المواطنين”.
تكدس المنتجات
كما تشكو صاحبة المنتج الإنتاجي جميلة بني ملحم من “تكدس المنتجات التي أعدتها منذ بداية الموسم حتى الآن نظرا لارتفاع أسعارها بسبب ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج”، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن “القوة الشرائية في تراجع مستمر، وهذا كان واضحا في المهرجانات والمعارض التسويقية التي شاركت فيها المطابخ الإنتاجية، إذ كان الإقبال على شراء المواد الغذائية ضعيفا وغير مجد، ولم يكن بالمستوى المطلوب، مما يعني بالضرورة تكدس المنتجات الغذائية، وهو ما يعرضها للتلف، لا سيما أن المواد الغذائية لا تتحمل التخزين لفترات طويلة وتحتاج إلى ظروف تخزين خاصة لا توفرها معظم المطابخ الإنتاجية كونها مكلفة”.
من جهتها، قالت رئيسة جمعية نجدة والحسنيات الخيرية ومديرة مطبخ إنتاجي نبيلة أبو غليون “إن إنتاجهم في الجمعية من المواد الغذائية بمختلف الأنواع والأشكال ما يزال في المستودعات ولم يُسوق حتى الآن، ولا يوجد أي مصنع أو معمل يساعد في تحويل المنتجات الزراعية إلى مواد غذائية مصنعة تُخزن لسنوات، مما يضطر المطابخ الإنتاجية لتصنيع هذه المواد يدويا وتخزينها وتسويقها ذاتيا”.
وأضافت “أن عدد المهرجانات والمعارض التسويقية تراجع، فضلا عن تراجع كبير في الحركة السياحية التي يعتمد عليها المنتجون الجرشـيون في تسويق منتجاتهم، بسبب الظروف والأحداث التي تمر بها المنطقة وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية للمواطنين”.
وأوضحت أبو غليون “أن المطابخ الإنتاجية والجمعيات قامت بتخفيض أسعار المواد الغذائية وكافة المنتجات لضمان تسويقها، لا سيما أن تخزينها لشهور طويلة غير ممكن، والمطابخ الإنتاجية غير مجهزة بظروف تخزين مناسبة لحفظها لسنوات والحفاظ على خصائصها الفيزيائية والبيولوجية والفنية والصحية التي تضمن الحفاظ على نوعية وجودة المنتج الغذائي”.
وأكدت كذلك “أن المزارع والمنتج بحاجة إلى تسويق منتجاته لتغطية تكاليف العمل الزراعي وتغطية تكلفة حراثة الأراضي وتسميدها وتقليمها، عدا عن أجور عمال القطاف وأثمان النقل وأجور العصر، وهي مرتفعة وتشكل عبئا ماديا على المزارعين، فضلا عن حاجة المنتجين لتكاليف العمل وأجور التصنيع”.
مئات فرص العمل
وتوفر مشاريع المطابخ الإنتاجية مئات فرص العمل لأبناء وبنات القرى والبلدات، وتشكل مصدر دخل للكثير من العائلات ذات الدخل المحدود بعد انتشارها على نحو واسع، كونها مشاريع صغيرة لا تحتاج إلى رأس مال كبير.
وتتخذ المطابخ الإنتاجية من المنازل مقرا لها لإعداد المربيات والمخللات والحلويات بمختلف أنواعها، فضلا عن إعداد أصناف متنوعة من المقبلات والسلطات التي تحرص آلاف العائلات على توفرها سنويا وتجهيز المونة المنزلية، حيث كانت المهرجانات الجرشية تسوق ما نسبته 60 % من هذه المنتجات، بالإضافة إلى زراعة الحدائق المنزلية بالأعشاب الطبية والمنتجات الزراعية التي يطلبها الزوار من مختلف المحافظات.
وبحسب رئيسة وحدة الاستثمار في بلدية المعراض المهندسة صفاء الزعبي، فإن القرى والبلدات التابعة لبلدية المعراض تتميز بالزراعات الموسمية وأغلبها من الفواكه مثل التين والعنب وأنواع متعددة من المشمش والدراق واللوزيات والتفاحيات ومادة الجوز والسماق البلدي، إضافة إلى أنواع متعددة من الأعشاب الطبية.
وقالت إن جميع هذه الأصناف تؤهل المحافظة ليكون فيها مصنع تصنيع غذائي ومطابخ إنتاجية تشتري هذه الأصناف من المزارعين بأسعار تغطي تكلفة العمل وتضمن تسويقها عربيا وعالميا، إلا أن التغيرات المناخية انعكست سلبا على كميات الإنتاج ونوعيتها وجودتها، مما قلل من إنتاج المطابخ الإنتاجية التي تعتمد بشكل كلي على المواسم الزراعية وأوقف العشرات منها عن العمل نظرا لشح المنتج الزراعي.

صابرين الطعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة