زراعة الأشجار الحرجية في الغابات التي تعرّضت للحريق واجب وطني وإنساني


محامي محمد صدقي الغرايبة

حين تلتهم النيران الغابات، فإنها لا تدمّر الأشجار فحسب، بل تمحو ذاكرة الأرض، وتطفئ أنفاس الحياة الكامنة في كل ورقة ونسمة. الغابات ليست مجرد مساحة خضراء، بل منظومة بيئية متكاملة تُسهم في تلطيف المناخ، وحماية التربة، وتغذية المياه الجوفية، وتوفير المأوى لمئات الأنواع من الكائنات الحية. لذلك، فإن إعادة زراعة الأشجار الحرجية في الغابات التي تعرّضت للحريق ليست خيارًا تجميليًا، بل واجب وطني وأخلاقي في آن واحد.

تُعدّ عملية إعادة التشجير الحرجية من أهم الإجراءات البيئية التي تُعيد التوازن إلى الطبيعة بعد الكوارث. فالشجرة لا تُزرع لأجل ظلّها فقط، بل لأجل روح الأرض التي تُبعث من جديد بجذورها. إنّ زراعة شجرة حرجيّة واحدة في أرض محترقة تمثّل فعل مقاومة ضدّ التدمير، ورسالة أمل بأنّ الحياة قادرة على الانتصار من رمادها.

الواجب الوطني هنا لا يقتصر على الجهات الرسمية أو المؤسسات البيئية فحسب، بل يمتد ليشمل المجتمع بأسره؛ من المواطنين، والمدارس، والجامعات، والمنظمات التطوعية. فالمسؤولية عن البيئة مسؤولية جماعية، تتجاوز حدود القانون إلى حدود الضمير. وكل يد تمتد لزرع غرسة في أرضٍ أُحرقت، إنما تكتب سطرًا جديدًا في سجل الوفاء للوطن والطبيعة.

كما أن الغابات التي تُعاد زراعتها ليست مجرد مشهد طبيعي، بل استثمار طويل الأمد في الأمن البيئي والاقتصادي. فهي تسهم في امتصاص الكربون، ومقاومة التصحر، واستدامة الموارد الطبيعية، مما يجعل إعادة تشجيرها ضرورة استراتيجية لحماية مستقبل البلاد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.