جولة الملك الأسيوية، رسائل إلى الداخل والخارج. // نايف المصاروه.

=
مساء الأمس عاد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، إلى أرض الوطن، بعد جولة أسيوية شملت اليابان وفيتنام وسنغافوره وإندونيسيا والباكستان.
جلالة الملك كان قبل مغادره إلى تلك الجولة، قد استمع إلى رد مجلسي الأعيان والنواب على خطاب العرش السامي.
ذلك الخطاب الذي تناول فيه جلالته جملة من العناوين التي تتعلق بالشأن المحلي والعربي وخاصة بما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحرب على غزة.
كما جاء التأكيد على أهمية التشاركية وتحمل المسؤولية من قبل الجميع، فكل يوم يمضي دون إنجاز يتحقق هو خسارة، إذ اننا لا نملك ترف الوقت، في عالم متسارع خطى الإنجاز من حولنا، بالإضافة إلى عوامل التهديد الأمني.
جملة الرسائل التي حملتها جولة الملك الآسيوية، تلك التي إلى الداخل الأردني على وجه التحديد، أو غيرها إلى المحيط العربي والدولي.
بأن الأردن بقيادة الملك يحظى برصيد وافر من العلاقات الدولية، القائمة على الإحترام والتعاون وتبادل الخبرات في شتى المجالات، وخاصة في المجالين الاقتصادي والدفاعي.
بكل أسف خلال الزيارة الملكية إلى اليابان، أثير امر مهم، ولكنه ليس الأهم، وهو ما يتعلق بما نشر حول تعرض المهندس زياد المناصير للضغوط من بعض المسؤولين.
وكان يمكن معالجة ذلك بشكل عاجل دون التهويل أو الضجيج، ومع ذلك تناقلته وسائل الإعلام بشكل ملفت للنظر، وسرى في المجتمع سريان النار في الهشيم دون التفكير بعواقب ذلك.
والأمر الآخر إصرار بعض النواب على الحديث عن عجز الموازنة، قبل طرحها للمناقشة.
إثارة الأمرين أو الحدثين، في توقيت الزيارة الملكية، احسبها رسالة غير موفقة وغير بريئة.
إستدراك الحكومة للموضوع المتعلق بالمهندس المناصير،وإهتمامها المتأخر، إذ أعلنت بالأمس عن متابعتها لذلك.
وكان عليها ومنذ اللحظة الأولى أن تتصدى لتلك المعلومة، وتبينها للناس وتجلّي حقيقتها، ولا تتركها مثارا ومدارا للحديث والتأويلات عبر المنتديات، وحتى لا يطغى ذلك على الحدث الأهم وهو الجولة الملكية إلى بعض معاقل الصناعة والسياسة والدفاع في آسيا.
من خلال المتابعة قرأت بعض المقالات والتحليلات عن الزيارة الملكية، والتي تناولت العناوين ولم تتطرق إلى العمق والمضمون.
كان الأولى على بعض القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، أن تستضيف نخبة من أهل التخصص في الاقتصاد والسياسة والدفاع، للحديث عن تلك الجولة وأهميتها وعمق أهميتها وتوقيتها ، مع الحرص على التغيير في نهج التحليل والتعليل، بتغيير الشخصيات التي تكرر تواجدها وظهورها.
تغيّب الإعلام أو تغييّبه عن التحليل العميق للزيارات الملكية، يدفعني إلى تكرار القول بأننا بحاجة إلى إعلام وطني معني ومسؤول وجريء.
يحاور ويناور ويحلل، ولكن يجعل الوطن هو المنطلق، وأمنه واستقراره هو الهدف والغاية.
وهنا أسأل هواة النشر وإعادته.. تُرى ما هي ردة الفعل أو التصور، لدى أو عند مستثمر أجنبي عندما يسمع أو يقرأ، بأن مستثمر أردني في الأردن… يتعرض للضغوط من قبل بعض المسؤولين؟
أو ما هي ردة فعله، عندما يسمع أو يقرأ بأن لدينا عجز في الموازنة في قراءتها الأولية بلغ نحو 3 مليار؟
دور الإعلام مهم جداً، وهو ركيزة من ركائز الأمن الوطني، إن لم يكن في طليعتها ومقدمتها.
وإدارة الإعلام نحو التوجيه الوطني المسؤول، تحتاج إلى كل مسؤول وطني غيور، يعي ويدرك، متى ومن وكيف يستهدف وما هي وسائل الاستهداف، كما يعي ايضا خطورة البث أو النشر على الوطن واهله قبل التفكير في فوائده الخاصة؛
سادتنا أصحاب القرار، وحملك الأقلام،…
سيدنا الملك، والمواطن الأردني.. لا يريدون.. منا كثرة الكلام ولا كثرة الخطابات والمقالات، ولا كثرة الاغاني ولا كل أنواع التمجيد الأجوف.
انا متأكد تاماً، أن الملك يفرح ويشعر بالرضى، عندما تحقق جهة ما إنجازاً وطنيا.
أو عندما تقوم جهة خاصة أو فرد أو مجموعة ما في المجتمع، بخلق مبادرة، تستطيع من خلالها توظيف ولو شخص واحد، أو مساعدة أسرة في دفع فواتير الكهرباء أو المياه أو رسوم الجامعة عن طالب فقير، أو المساهمة بدفع تكاليف علاج مريض فقير،او مساعدة محتاج.
الملك، يريد منا… ان نكون صفاً واحداً قوي متعاون متجانس لا يُخترق ولا يضعف.
متحابين في كل حالاتنا… وإن اختلفنا فيما بيننا كيف تكون السياسة ، َولكن قطعاً لا نختلف على الأساس، الذي هو الوطن بكل ما يعني.
وأن نلتقي دوماً على محبته ورفعته وحمايته والدفاع عن قدسيته… بالأفعال لا بالأقوال.

