جرش.. مطالب بتفعيل موقع البركتين كوجهة سياحية عالمية

مع انتهاء أعمال تأهيل موقع البركتين الأثري، ينتظر جرشيون وعاملون في القطاع السياحي بفارغ الصبر تشغيل الموقع لما سيكون له من فوائد جمّة على القطاعات المختلفة.
إعادة تشغيل الموقع ستنقذه من الإهمال والعبث الذي لازمه لعشرات السنين، فالموقع الذي يعد من أهم المواقع الأثرية على مستوى المملكة نظراً لأهميته التاريخية والجغرافية وقربه من المدينة الأثرية ما يزال خارج الخريطة السياحية، رغم محاولات وزارة السياحة المتكررة لاستثماره بالشراكة مع القطاع الخاص، والتي باءت بالفشل مراراً وتكراراً.
أهمية إستراتيجية وخصائص فريدة
ويتمتع موقع “البركتين” بخصائص سياحية وأثرية وجغرافية تجعله وجهة سياحية شتوية بامتياز فعدا عن أنه لا يبعد الموقع سوى كيلومتر واحد عن مدينة جرش الأثرية فهو يضم بركا أثرية كبيرة كانت بمثابة حمامات رومانية قديمة وتتجمع فيها مياه الأمطار في فصل الشتاء لتكتسب جمالاً وإثارة، مما يجعله وجهة مثالية لهواة التصوير، ومصوري البرامج الوثائقية وسياحة المغامرات والسياحة البيئية.
ويرى الخبير السياحي الدكتور يوسف زريقات أن موقع البركتين الأثري من أهم وأكبر المواقع الأثرية التي تعاني من الإهمال والعبث وفشل الاستثمار منذ عشرات السنين رغم انه لا يقل أهمية عن موقع المدينة الأثرية، مشيرا إلى أن الموقع يوفر منتجا سياحيا فريدا كونه يعد بوابة لسياحة التصوير والفنانين التشكيليين وهواة المغامرة خصوصا في فصل الشتاء.
ويضيف “موقع “البركتين” الأثري الذي يعود بناؤه إلى العصر الروماني يعتبر من أهم المواقع في جرش خارج أسوار المدينة الأثرية الرئيسة ويضم بركتين مدرجتين تزيد مساحة كل منهما على مائة متر مربع وهياكل رومانية محيطة بهما”، مشيرا إلى أن الرومان كانوا يستخدمون الموقع للاستجمام ويعتبر من الآثار الرومانية ذات التاريخ العريق في جرش.
سجل من الفشل ومطالبة بإستراتيجية متكاملة
وبحسب مهتمين فإن الموقع شهد سجلا حافلا من الاستثمارات الفاشلة بدأ من عام 2015 وحتى ما بعد جائحة كورونا والتي كانت جميعها تهدف الى إنقاذ الموقع من الإهمال والحفاظ عليه من العبث واستغلال قيمته السياحية، مضيفين أن عددا من المستثمرين قاموا سابقا بتأهيل الموقع وتشغيله من خلال توفير كافة المتطلبات اللازمة لاستقطاب الزوار إلا أنها لم تصمد أمام ضعف التسويق وعدم إدراج الموقع على الخريطة السياحية الذي كان أحد الأسباب الرئيسة في فشل هذه الاستثمارات.
ويشير الزريقات إلى أن وزارة السياحة قامت بعدة محاولات لصيانة الموقع وطرح عطاءات لاستثماره بالتعاون مع القطاع الخاص، إلا أن جميع هذه الاستثمارات فشلت، عازيا السبب إلى غياب إستراتيجية عمل سياحية كاملة تبدأ بوضع الموقع على الخريطة السياحية، واستثماره ضمن خطة متكاملة تشمل الصيانة والترميم والتجهيز، ومن ثم التسويق العالمي حاله كحال المدينة الأثرية.
ويأمل الزريقات بأن تنجح وزارة السياحة باستثمار الموقع بعد ان باشرت منذ فترة بتنفيذ أعمال الصيانة والتأهيل فيه حاليا تمهيدا لتشغيله، لافتا الى أن نجاح هذه الاستثمارات يبقى مرهونا بوضع إستراتيجية تسويق شاملة إذ بات من الضروري وضع “البركتين” على خريطة الحركة السياحية والترويج له عالميا ودمج الموقع فعليا ضمن الخريطة والمسارات السياحية العالمية.
أهمية اقتصادية واجتماعية
ويرى عدد من أبناء محافظة جرش أن تأهيل مشروع “البركتين” الأثري يكتسب أهمية قصوى لا تقتصر فقط على الجانب الأثري والتاريخي، بل تمتد لتشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي كون تأهيل الموقع يفتح الباب مجدداً للاستثمار السياحي المستدام.
ويؤكد مواطنون أن إعادة تشغيل الموقع ستوفير العديد من فرص عمل المباشرة في إدارة الموقع أو المرافق التابعة له وغير المباشرة كإشراك أهالي المنطقة بشكل فعال في العملية السياحية ما يساهم في مكافحة البطالة والفقر في المنطقة، مؤكدين أن إعادة افتتاح الموقع أمام الحركة السياحية سيعزز الحركة التجارية لأهالي المنطقة وخصوصا المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على حركة الزوار والسياح والمتنزهين.
ويبين الناشط السياحي ورئيس جمعية السياحة والآثار السابق نصر العتوم أن هناك ارتباطا تاريخيا بين كل المواقع الأثرية، إلا أن موقع البركتين له تاريخ أكثر عراقة إذ يعتبر من أهم الآثار الرومانية الموجودة في مدينة جرش، مضيفا أن تشغيل الموقع سيسهم في جذب الاستثمار الخاص وتوفير خدمات للزوار كالمطاعم والأكشاك والأكواخ الخشبية والمرافق الترفيهية والثقافية الأمر الذي سيعمل على توفير فرص عمل من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأبناء محافظة جرش ويسهم في مكافحة البطالة والفقر في المنطقة.
ويوضح أنه جرى طرح الموقع للاستثمار قبل نحو 7 سنوات لكن المستثمر تعثر، وتمت إعادة طرح الفكرة قبل نحو 4 أعوام، إلا أن الاستثمار فشل مجدداً، مبينا وزارة السياحة تعكف حاليا على تنفيذ مشروع تأهيل وصيانة وتجهيز للموقع بهدف تشغيله وإعادة افتتاحه أمام حركة الزوار.
ويوضح أن وزارة السياحة وهي مالكة ومسؤولة عن تطوير الموقع تقدم كافة أشكال الدعم الفني واللوجستي لضمان ديمومة المشروع والاستثمار فيه وحمايته من العبث، متوقعا أن يتم تشغيل الموقع مع بداية العام المقبل.
تطلعات مستقبلية ودعم حكومي
من جانبه يؤكد مدير سياحة جرش ثائر العياصرة أن مشروع تأهيل موقع البركتين الأثري هو إستراتيجية متكاملة لإنقاذ معلم تاريخي فريد وتفعيل ميزة سياحية مهملة ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة في محافظة جرش، موضحا أن مشروع التأهيل يهدف إلى الحفاظ على الإرث التاريخي وتنويع المنتج السياحي وإضافة وجهة جديدة على الخريطة السياحية كون الموقع يكتسب ميزة فريدة في فصل الشتاء حيث تمتلئ البرك بمياه الأمطار، ما يجعله موقعاً جذاباً لهواة التصوير، ومصوري البرامج الوثائقية، وسياحة المغامرات، والسياحة البيئية ما يخلق حركة سياحية مستمرة على مدار العام.
ويضيف انه تم الانتهاء من أعمال تجهيز المشروع والذي شمل أعمال التأهيل والصيانة وإنارة الموقع وسيتم طرحه للاستثمار من قبل أبناء المجتمع المحلي كما سيتم وضعه على الخريطة السياحية لمحافظة جرش، قائلا “بات من الضروري وضع موقع البركتين الأثري على خريطة الحركة السياحية في جرش والترويج له عالميا، خصوصا وأنه لا يقل أهمية عن مدينة جرش الأثرية”.

