لجان البلديات… مرحلة انتقالية أم مرحلة تعطيل؟


محامي محمد صدقي الغرايبة

من المفترض أن لجان البلديات وجدت لضمان استمرار الخدمات المقدمة للمواطنين واستكمال المشاريع القائمة إلى حين انتخاب مجالس جديدة،

لكن ومع كل اسف الواقع يكشف فجوة كبيرة بين ما يجب أن يكون، وما يحدث فعليًا على الأرض. فبعض اللجان أدّت دورها بجدارة، واستلمت الملفات وفق رؤية عملية، وقدّمت منجزًا يُحسب لها … في الوقت ذاته ثمة لجان أخرى تحولت إلى عبءٍ إداري يمارس التردد والخوف وكأن التوقيع على معاملة جريمة، أو متابعة مشروع قائم نضرب من الترفٌ او الرفاهية ولا ضرورة له.

ومن غير المقبول أن يرى المواطن بلدته متروكة على الهامش، فقط لأن رئيس اللجنة قرر أن دوره ينحصر في ترحيل المعاملات وتكديسها على مكتبه.

مفهوم “تسيير الأعمال” لا يعني تعطيلها، ولا يعني أن تجمد عجلة البلدية بانتظار مجلسٍ منتخب ، فاللجنة التي تمتنع عن اتخاذ القرار هي لجنة تُعطل، وليست لجنة تسيير أعمال وتنفيذ المشاريع .

في الوقت ذاته علينا ان نكون منصفين فلا يمكن إنكار أن هناك رؤساء لجان عملوا بجد وجرأة، وفتحوا ملفات قديمة، واستكملوا مشاريع متعثرة، وأنجزوا ما عجَزت عنه مجالس منتخبة كاملة. هؤلاء أثبتوا أن الإدارة إرادة قبل أن تكون انتخابات.

لكن في المقابل، هناك لجان مرتبكة، خائفة، عاجزة، تكتفي بالتوقيع الخجول إن اضطرت، وتمتنع عن متابعة أي ملف يحتاج إلى جهد.

هذه اللجان تتحمل مسؤولية مباشرة عن تراجع الخدمات وتكلس البنية الإدارية، وعن التدهور الذي يشعر به المواطن يوميًا.

اللجان التي تعمل بعقلية “دع الأمور معلقة حتى يأتي المجلس الجديد” ترتكب إهمالًا واضحًا و تقصيرًا فاضحًا في أداء الواجب العام. ومن حق المواطن أن يسأل لماذا تُترك المشاريع بلا متابعة؟ لماذا يُهمل المال العام؟ ولماذا يتحول المكتب البلدي إلى ثلاجة تُحفظ فيها المعاملات حتى إشعار آخر؟

هذا ليس تسييرًا للأعمال ،هذا تعطيل للأعمال وهو سلوك يستحق المساءلة لا التبرير.

البلديات ليست ملكًا لرئيس منتخب أو لجنة مؤقتة، بل هي مؤسسة عامة يفترض أن تعمل دون انقطاع. ومن يتولى مسؤوليتها – ولو لأسبوع واحد – هو ملزم بالعمل والإنجاز لا بالصمت والخوف والتردد.

المرحلة الانتقالية ليست معبرًا آمنًا للكسل الإداري. وهي ليست فرصة لإخفاء التقاعس خلف ستارة “ننتظر المجلس الجديد”. واللجان التي لا تعمل، أو تتردد، أو تخشى اتخاذ القرار، يجب أن تُواجه بالمحاسبة، لأن صمتها يعطل مصالح الناس، ويُبدد الوقت، ويضر بالمصلحة العامة.

أما اللجان التي اجتهدت وأنجزت ودفعت العمل إلى الأمام، فهي مؤشر حيّ على أن الكفاءة لا تحتاج إلى انتخابات، بل إلى مسؤول يشعر بوزن موقعه وأمانة مسؤوليته.

دمتم بخير
المحامي محمد صدقي غرايبه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.