جرش.. سيدات يحولن منازلهن إلى متاجر صغيرة بحثا عن دخل

جرش– تحولت العديد من البيوت في مختلف قرى وبلدات محافظة جرش، إلى متاجر مصغرة في سبيل توفير دخل إضافي للأسر يمكنها من توفير احتياجاتها بشكل عام، وتحديدا احتياجات فصل الشتاء، وفي مقدمتها كلف التدفئة.
ومن بين أكثر المواد التي تباع في تلك البيوت، مواد التنظيف والملابس والمكياج والعطور والأحذية، فضلا عن الخضار التي تزرع في حدائق المنازل.
وأكدت ربات منازل “أن هذه المواد التي تباع والتجارة المحدودة تسهم في توفير دخل يومي بسيط للعوائل وتمكنها من تغطية جزء من نفقات فصل الشتاء الباهظة، وأبرزها مواد الوقود والألبسة والأثاث الشتوي والأطعمة، فضلا عن ارتفاع فاتورة الكهرباء في فصل الشتاء واعتماد أفرادها على استخدام المدافئ الكهربائية في كثير من الأحيان، في ظل تآكل رواتبهم وتراجعها وارتفاع تكاليف المعيشة”.
ووفق العاملة في أحد هذه المشاريع، نور العياصرة، فقد “تحولت هذه المشاريع البيتية الصغيرة إلى مشاريع تمكين ناجحة وهادفة وتحقق دخلا ثابتا، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لأفراد الأسرة من خلال مساعدة صاحب المشروع في تجهيز البضائع وتوزيعها على المواطنين وترتيبها وتنظيم الطلبيات”.
وأوضحت أنها تقوم ببيع مواد التجميل منذ سنوات طويلة داخل منزلها، وهي تخصص زاوية في المنزل لهذه التجارة المصغرة، إلا أن هذا العمل يوفر لها مصدر دخل مناسبا لا يقل عن 150 دينارا شهريا، وهذا المبلغ يغطي جزءا من نفقات أسرتها التي لا تقل عن 600 دينار شهريا.
وأشارت العياصرة إلى أنها خريجة جامعية منذ 18 عاما ولم تحصل على أي فرصة عمل لغاية الآن، حالها كحال آلاف الخريجين في جرش، رغم أنها طرقت الأبواب كافة في سبيل الحصول على أي فرصة عمل ولكن دون جدوى، مما دفعها إلى البحث عن أي فرصة عمل، ولم تجد سوى التجارة بهذه المواد التي تطلبها السيدات بين الحين والآخر، وتقوم بتسويق المنتجات في المجتمع المحلي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
العمل بصناعة الحلوى
ولا يختلف الوضع لدى الخريجة دانا بني محمد، التي تقول إنها قامت بالحصول على تدريب للعمل على صناعة الجاتوهات والحلوى في منزلها، حتى تمكنت من تجهيز غرفة خاصة بمواد العمل، وتمتهن حاليا صناعة الحلوى داخل مجتمعها المحلي، وهي تنتج يوميا ما يزيد على 30 كيلوغراما من الحلوى، وتوفر دخلا لا يقل عن 250 دينارا شهريا لأسرتها.
وطالبت بني حمد “أن يتم تأهيل وتدريب السيدات على هذه المهن لعدم توفر أي مصادر دخل بديلة، ومنهن معيلات لأسرهن، والنقص في توفير المواد الخام في محافظة جرش والتدريب والتأهيل والتطوير في تخصصات معينة، منها الخياطة والتجميل وصناعة الحلوى والصناعات الغذائية بمختلف أنواعها والتسويق الإلكتروني”.
أما الستينية أم سراج، فهي تعمل على زراعة قطعة أرض تملكها بالأعشاب الطبية وتسوقها داخل المجتمع المحلي، ولديها سوق عمل خاص بها، ويسوق منتوجاتها سنويا في مختلف أشهر السنة، وهي توفر فرصتي عمل لسيدات من المجتمع المحلي في كل موسم وتعيل أسرتها وتساعد زوجها في تغطية مستلزمات فصل الشتاء من شراء الحطب والجفت ودفع فواتير الكهرباء التي تزيد تكلفتها على 1500 دينار خلال فصل الشتاء.
أما صفاء العياصرة، فتشير إلى أنها متخصصة في بيع البهارات ومستلزمات الحلويات وصناعة المربيات بمختلف أنواعها، وقد تمكنت بالعمل والجهد من صناعة منتجات غذائية خاصة بها وعمل خلطات من البهارات خاصة بها وتميزت فيها كذلك.
اعتماد على التسويق الإلكتروني
وتقول صفاء إنها حصلت على دورات تدريب وتأهيل على نفقتها الخاصة في عمان، لا سيما أن محافظة جرش لا يوجد فيها ما يكفي من التدريب والتطوير، ويلجأ أصحاب المهن إلى محافظات أخرى للحصول على تدريب وتطوير مناسب لضمان تطوير مهنهم وتنمية قدراتهم وحتى يتمكنوا من تسويق منتوجاتهم.
وأكدت “أن العمل داخل المنازل يعفيهم من دفع أجور محال تجارية وفواتير وتراخيص مكلفة، ويوفر فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي وفرص عمل للتوصيل، كون أغلب التسويق يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وبهذا الخصوص، قال التاجر أبو مهند العياصرة إنه اضطر إلى نقل بضائع محال الألبسة الأوروبية إلى منزله وبعض منازل أقاربه وبيعها بأسعار رخيصة جدا لا تغطي جزءا من تكلفتها، لسداد أجرة المحل التي لا تقل عن 300 دينار لشهرين، فضلا عن فواتير والتزامات أخرى، خصوصا وأن خيار التسوق من البيوت أكثر جدوى من الأسواق، كون البضائع تباع بأسعار أقل لأنهم لا يتحملون أجور محال وفواتير وتراخيص وأعباء مادية أخرى.
من جهتها، قالت الناشطة عفاف النظامي “إن الأحذية والألبسة ومواد التنظيف والتجميل والخياطة من المهن والاحتياجات المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها”.
وترى النظامي “أن توصيل الملابس من خارج المحافظة إلى المنازل بداخلها، يزيد من الأعباء المالية على المواطنين، خصوصا أنهم يحتاجون إلى أشياء بسيطة ومختلفة ومتنوعة، وخاصة للأطفال، وقد يتحملون تكاليف التوصيل من دون الاستفادة من القطع أو عدم مناسبتها للاستخدام، وهذا عبء جديد على الأهالي، لذلك يتوجه العديد من المواطنين إلى التسوق حاليا من البيوت التي تضم مشاريع إنتاجية مصغرة قريبة من منازلهم وفيها خيارات وتحتوي على مستلزمات يومية مهمة”.
وأكدت النظامي “ضرورة أن تتوجه الجمعيات الخيرية والتعاونية إلى دعم هذه المشاريع وتطويرها وتنميتها، من خلال توفير التدريب اللازم والتطوير وعقد دورات لتطويرها ودعمهم بالآلات والمعدات اللازمة، خاصة للعاملين في الصناعات الغذائية”.

