عجلون.. تضاعف أعداد الطلبة ذوي الإعاقة وسط دعوات لزيادة المدارس الدامجة

جلون- في ظل تضاعف أعداد ذوي الإعاقة المندمجين مع أقرانهم الطلبة في عدد من مدارس محافظة عجلون، ونجاح التجربة تربويا، تبرز مطالب بزيادة أعداد المدارس الدامجة، وتزويدها بالإمكانات والكوادر المؤهلة للتعامل مع هذه الشريحة.
ووفق أرقام مديرية تربية عجلون، فإن أعداد الطلبة ذوي الإعاقة في مدارس المحافظة بلغ، العام الحالي، نحو 300 طالب وطالبة موزعين على 12 مدرسة دامجة، مقارنة بالعام السابق، حيث كان عدد الطلبة لا يتجاوز 60 طالبا وطالبة فقط.
ويؤكد تربويون في المحافظة، أن التعليم الدامج يعد محورا رئيسيا في جهود تطوير العملية التربوية من خلال تعزيز وصول جميع الطلبة إلى تعليم عادل وشامل وتهيئة بيئات مدرسية قادرة على استيعاب التنوع والاختلاف من دون تمييز.
وبحسب رئيس مجلس التطوير التربوي في المحافظة علي القضاة، فإن تعليم الدمج يعد من التطورات المهمة في مجال تعليم الأطفال ذوي الإعاقة، ويعد إستراتيجية تقوم على أساس تعليم الأطفال ذوي الإعاقة مع أقرانهم في الفصول نفسها داخل المدارس العادية من دون فصل أو إقصاء، لافتا إلى أن أسلوب الدمج يمثل أحد أهم المفاهيم التربوية الحديثة التي تعد جزءا من السياسة التعليمية في كثير من البلدان، خصوصا البلدان المتقدمة، التي تلجأ إلى الدمج في تربية تقوم على الوصل وليس على الفصل.
وأضاف، أن الأطفال ذوي الإعاقة، مهما تعددت وتنوعت احتياجاتهم، فإن لديهم قابلية وقدرات للاندماج في الحياة العادية للمجتمع مثلهم كمثل الأشخاص الأصحاء، وهو ما أكدته المواثيق الاجتماعية في العدالة وتكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع، وأن الأشخاص ذوي الإعاقة يحق لهم أن يتمتعوا بالحقوق الأساسية كافة مثل أقرانهم الأصحاء ممن هم في مثل عمرهم الزمني مهما تنوعت الإعاقات التي يعانون منها.
وضع إستراتيجية للدمج
ويؤكد رئيس إحدى الجمعيات في المحافظة مصطفى فريحات، أن من أهم حقوق الطلبة ذوي الإعاقات المختلفة تلقي تعليم يتناسب مع احتياجاتهم الفردية، داعيا إلى وضع إستراتيجية الدمج وتعميمها على مختلف المدارس باعتبارها إحدى أهم الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة، حيث إن تعليمهم مع الأطفال العاديين له فوائد كبيرة من الناحيتين الأكاديمية والاجتماعية مقارنة بتعليمهم في فصول منعزلة إذا تم تطبيق هذه الإستراتيجية بشكل صحيح بطريقة علمية.
وأوضح، أن دمج ذوي الإعاقة في المدارس العادية يعني تدريسهم مع زملائهم الأصحاء في الصف نفسه، حيث يقوم معلمو الصفوف العادية في هذه العملية بتعديل محتوى المنهاج وطرائق التدريس لتكون متناسبة مع قدرات هؤلاء الطلبة، ما يعزز المساواة والمشاركة الفاعلة في التعليم وحفظ حقوقهم من الانتهاك، ويهدف إلى مواجهة الاحتياجات التربوية التي تخص الأطفال ذوي الإعاقة ضمن حدود المدرسة العادية وتوفير الدعم في الصف بشكل كامل وتقديم الخدمات التربوية لهم.
من جهته، يرى المرشد والخبير النفسي الدكتور عبد الحميد أبو عيسى، أن أهمية الدمج تكمن في التقليل من الفوارق الاجتماعية والنفسية بين الأطفال بشكل عام، وتخليص الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم من الوصمة التي لحقت بهم بسبب حالة الإعاقة التي يعاني منها طفلهم، ويساعد الدمج على تحقيق الذات للطفل ذوي الإعاقة ويزيد دافعيته نحو التعليم، ويسهم في تعديل اتجاهات وتوقعات الأسر والمعلمين والأطفال نحو الأطفال ذوي الإعاقة، ويساعد المعلمين على تقدير الفروق الفردية وإدراك مواطن القوة والضعف والتباين في القدرات بين الطلبة.
وأضاف، أن الدمج يقلل التكاليف المادية على المجتمع بشكل عام وعلى أسرة الطفل ذوي الإعاقة بشكل خاص، ويحقق مبدأ المساواة في حق الأطفال ذوي الإعاقة في التعلم مع أقرانهم، ويسهم في مساعدة الطفل العادي على تقبل الطفل ذوي الإعاقة.
ووفق رئيس جامعة عجلون الوطنية الدكتور فراس الهناندة، فإن التعليم الدامج يمثل توجها وطنيا مهما ينسجم مع رؤية التحديث الإداري والقطاعي، مشيرا إلى أن الجامعات تلعب دورا أساسيا في تأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع احتياجات الطلبة بمختلف فئاتهم.
تهيئة ثقافة مدرسية
أما المشرف التربوي عدي الجلابنة، فيرى أن نجاح التعليم الدامج يعتمد على تهيئة ثقافة مدرسية تقوم على القبول والاحترام، إضافة إلى تطوير أدوات تشخيص الاحتياجات التعليمية للطلبة وتزويد المدارس بالمواد المساندة اللازمة.
وأضاف، أن الدمج السليم ينعكس إيجابا على مهارات الطلبة الأكاديمية والاجتماعية ويعزز لديهم القدرة على الاعتماد على الذات ومواجهة التحديات بثقة.
إلى ذلك، قالت المشرفة التربوية وصال القضاة، إن دعم برامج الدمج يتطلب تكاملا بين ولي الأمر والمدرسة والمجتمع المحلي، مشيرة إلى أن غياب الوعي أو انتشار الصور النمطية حول الإعاقة يعيق تقدم هذه البرامج.
وأكدت أهمية الاستثمار في التكنولوجيا المساندة وتحسين الخدمات، مثل لغة الإشارة وطريقة برايل، وتكييف الأنشطة الصفية لتمكين جميع الطلبة من الاندماج في التجربة التعليمية بشكل فاعل.
وتقول مديرة مدرسة حطين الأساسية المختلطة ربيعة المومني، إن تطبيق الدمج داخل المدرسة جاء ضمن خطة واضحة تعتمد على المتابعة اليومية والتقييم المستمر، مبينة أن المدرسة تعمل على تهيئة بيئة صفية تشجع الطلبة على التفاعل وتوظيف الأنشطة الهادفة لرفع دوافع التعلم.
بدوره، بين مدير الشؤون التعليمية بالمديرية الدكتور أويس الصمادي، أن التعليم الدامج ركيزة أساسية لتطوير التعليم بالأردن، مؤكدا دور الوزارة في تعزيز البنية التحتية للمدارس ودعم المعلمين وتطوير خطط فردية للطلاب ذوي الإعاقة.
كما أكد أن التعليم الدامج يسهم في نشر ثقافة التقبل والتنوع ويحسن أداء الطلبة من خلال توفير بيئة صفية طبيعية لهم، مبينا أن المدارس جميعها تفتح أبوابها للطلبة من ذوي الإعاقة لتكتمل الصورة الشمولية بمجتمعنا وفقا للرؤية الملكية السامية.
وبين الصمادي، أن عدد الطلبة ذوي الإعاقة في مدارس محافظة عجلون بلغ ما يقارب 300 طالب وطالبة مقارنة بالعام الماضي، حيث كان عدد الطلبة 60 طالبا وطالبة فقط، لافتا إلى وجود 12 مدرسة دامجة تقدم في خمس منها خدمات من قبل فريق متعدد التخصصات، كالعلاج الطبيعي والوظيفي والنطق واللغة والتأهيل البصري.
وأشار إلى وجود 25 معلما مساندا لتقديم الدعم الأكاديمي في مدارس المحافظة، إضافة إلى توفير 40 غرفة صفية متعددة التخصصات موزعة على مدارس المديرية ومضاف إليها غرفة الحاجات الذهنية بمدرسة القلعة الأساسية، ومدرسة صخرة الثانوية للبنات.
برامج تدريبية للمعلمين
من جهته، قال مدير التربية والتعليم لمحافظة عجلون خلدون جويعد، إن التعليم الدامج في محافظة عجلون يعد محورا رئيسيا في جهود تطوير العملية التربوية من خلال تعزيز وصول جميع الطلبة إلى تعليم عادل وشامل وتهيئة بيئات مدرسية قادرة على استيعاب التنوع والاختلاف من دون تمييز، مؤكدا أن التعليم الدامج أصبح جزءا أصيلا من خطط المديرية من خلال تحسين الخدمات الداعمة داخل المدارس وتطوير خطط فردية للطلبة وتوفير برامج تدريبية للمعلمين تساعدهم على استيعاب الفروق الفردية.
وأشار إلى أن المديرية تعمل على المتابعة المباشرة لضمان التحاق الطلبة ذوي الإعاقة بالمدارس القريبة من أماكن سكنهم ومنع تسربهم وتعزيز مشاركتهم في جميع الأنشطة المدرسية دون استثناء.
وكانت مديرية تربية عجلون نظمت، الأسبوع الماضي، فعالية الأسبوع العالمي للدمج في المدارس تحت شعار “بدون فرق بنعمل فرق” وجدارية الأسبوع العالمي للدمج في المدارس، برعاية محافظ عجلون الدكتور نايف الهدايات وفاعليات رسمية وشعبية وأهلية وتربوية.
وأكد الهدايات أهمية الجهود الوطنية المبذولة لتطبيق الإستراتيجية الوطنية للتعليم الدامج، من خلال تطوير المناهج وتدريب المعلمين.

