قلم عماد والبئر // أحمد القضاه

قبل عدة سنوات وفي احدى القرى الريفية، كان هناك
شابا بالمرحلة الثانوية، يقرا باحدى المدارس،
شابًّا هادئًا خلوقًا، ومن خيرة الشباب
عماد أخلاقه طيِّبة، يؤدي واجبه على أكمل وجه، حَسَنُ السيرة، ويُشير سَمْتُه العام إلى أنه هادئٌ ووقورٌ
كان بارًّا بوالديه ويَسعى في شؤونهما، تقاسيم وجهه تنطقُ بالإيجابية، ثابتٌ ومستقرٌّ، ناضجٌ على رغم سنِّه الصَّغيرة، واثقُ الخُطوات يُحِدُّ بصره إلى ما أمامه، جميلُ الهيئة وقد جَمَعَ جُلَّ الصِّفات الرائعة في الإنسان.
صاحب خط جميل ورسم عال المستوى ، وكان مقصد لكل اهل القرية للتخطيط وإنشاء اللوحات الفنية، كتب على جدران المدارس، وعلى الدكاكين، واثر ريشته الجميلة في كل مكان ويعرفه كل شخص ..
قال الإمام علي (ع): “عقول الناس مدوّنة في أطراف أقلامهم”
سنة1980م وفي يوم وهو عاد من مدرسته، يرتدي ثيابه ويحمل كتبه ويضع قلمه في جيبه، يحمله وهو اغلى ما يملك واحب الأشياء إلى قلبه، وفور وصوله إلى البيت طلب منه والده ان يذهب بالابقار إلى الجيعة ( بئر واسع ) ليسقيها الماء، وصل الجيعة وبدا بنشل الماء وهو محني الضهر(سحب الماء من البئر بدلو مربوط بحبل )
واثناء عملية السحب سقط قلمه بالجيعة، رجع إلى البيت وهو حزين متشائم بفقدان احب الأشياء لقلبه ..
نجح عماد بالثانوية ودرس في الجامعة واصبح معلما في التربية، تخصص باللغة الإنجليزية وآدابها.. اتقن اللغة الانجليزية وكان معلما له سمعته الطيبة بين زملائه ومعروف بصدقه وامانته، ومن ثم اصبح مديرا وتنقل بين المدارس واينما ذهب يترك اثرا بقلمه واثر تواجده وحضوره ..
تقاعد الاستاذ عماد من التربية واصبح يعيش حياة اخرى مختلفة بشكل كامل عن حياة المعلم، غير مرتبط بعمل رسمي، لا اجتماعات ولا دورات، تفرغ لأولاده وعائلته .
في سنه 2025م في يوم مشمس ذهب الاستاذ عماد هو وابنه واخوه جهاد( صاحب الارض التي بها الجيعة) إلى الجيعة لرؤية الارض بعد عملية التنظيف التي جرت عليها .. تفاجأ الاستاذ عماد بوجود قلمه الذي فقده قبل ٤٥ سنه، امسكه واملاه حبر كتب به وكان القلم لا يعاني من اي خلل او خراب . قلم من ماركة( شيفرز امريكي)
كتب الاستاذ عماد ” لا تصحح لأحد سوء ظنه بك هو يريد ان يراك سيئا حتى لو جاته بالف برهان ”
شكرا للاستاذ عماد القضاة أبو حذيفة 🌹
شكرا عطوفة جهاد بيك القضاة أبو احمد 🌹
قصة قلم وقصة حب دامت 45 عاما، لربما هذا القلم يحمل اسرارا وقصص لم يبوح بها، هذا القلم له ذكريات وتاريخ، قصة كفاح وتعب .
برمشة عين انتقال من سنة 1980م ل 2025م
ما أعظم القلم! أداة تسجل خلاصة كل علم، ومحاصيل كل فن، تنثر على القرطاس حكمة الدهر، وخبرة الناس

