مادبا.. اتفاقية التعامل مع الكلاب الضالة تحت مجهر السكان وسط آمال بنجاحها

مادبا- يعلق سكان مادبا آمالا كبيرة على الاتفاقية الجديدة التي أبرمتها بلدية مادبا الكبرى مع جمعية عناية للرفق بالحيوان والبيئة، بعدما عانوا لسنوات طويلة من انتشار الكلاب الضالة في أحيائهم وشوارعهم.

ويأمل السكان أن تشكل هذه الخطوة نقطة تحول حقيقية تنهي حالة القلق التي عاشوها، خصوصا في المناطق القريبة من المدارس والحدائق والمرافق العامة، حيث كانت شكاوى السكان تتزايد بشكل مستمر بسبب تكرار الحوادث وتوسع الظاهرة دون حلول جذرية.
ويرى أبناء مادبا أن الاتفاقية الحالية تختلف عن المحاولات السابقة، كونها تعتمد أسلوبا علميا وتنفيذيا منظما، وتشمل التعاون مع جهة مختصة تمتلك خبرة في التعامل الإنساني مع الكلاب الضالة، حيث يأملون أن ينعكس هذا النهج الجديد بشكل مباشر على واقع المدينة، عبر الحد من انتشار الكلاب وتوفير بيئة أكثر أمانا واستقرارا، مؤكدين في الوقت ذاته، أن نجاح المشروع سيشكل بارقة أمل بعد سنوات من المعاناة اليومية.
وقال مواطنون يتابعون سير العمل باهتمام، إنهم يأملون في تحقيق أثر ملموس على حياتهم اليومية، حيث يقول بسام سلامة “نحن لسنا ضد وجود الكلاب، لكن نريد الأمان لأولادنا عند المدارس ومختلف الشوارع. إذا البلدية والجمعية جادين، سنشعر بالفرق على الأرض”.
أما المواطنة أم محمد من حي المريجمة فتقول “منذ سنوات نسمع عن خطط، لكن الكلاب تتزايد، وإذا كان هناك هذه المرة متابعة مستمرة، فبالتأكيد سيتحسن الوضع”.
وبحسب المواطن خالد المعايعة، فإن “مشاركة الأهالي تعد جزءا أساسيا من نجاح المشروع، ذلك أن نشر الوعي حول الإطعام الصحيح وأهمية منع التكاثر العشوائي سيضمن استدامة النتائج”، بينما يرى المواطن مؤيد محمود “أن الفرق الميدانية بدأت بالفعل في جمع الكلاب حول المدارس والمرافق العامة، وهذا دليل على جدية العمل على الأرض”.
وبدأت بلدية مادبا الكبرى تنفيذ اتفاقية نوعية مع جمعية عناية للرفق بالحيوان والبيئة لمعالجة ملف الكلاب الضالة بأسلوب علمي وإنساني، في خطوة اعتبرت تحولا حقيقيا في إدارة هذا الملف بعد سنوات من الحلول المؤقتة التي لم تثمر نتائج مستدامة.
وتأتي الاتفاقية ضمن خطة شاملة للبلدية تهدف لتحقيق التوازن بين حماية المواطنين والحفاظ على حقوق الحيوان، وهي قضية أثارت جدلا واسعا لدى الأهالي على مدى سنوات.
تحليل ميداني وبحث علمي
من جهته، أكد رئيس لجنة بلدية مادبا الكبرى، المهندس هيثم جوينات أن الاتفاقية تم إعدادها بعد دراسة مستفيضة تراوحت بين التحليل الميداني والبحث العلمي، مشيرا إلى أن تراكم المشكلة على مدار سنوات أعاق الحلول التقليدية.
وقال جوينات “انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه أهالي مادبا وبيئتها، شرعنا في تدريب فرقنا الميدانية بالتعاون مع جمعية عناية، لتعريفهم بأساليب التعامل الإنساني مع الكلاب الضالة، وطرق الالتقاط الآمن، والإطعام المنظم، والتعامل مع الحالات الطارئة، بما يحمي المواطنين ويحافظ على حياة الحيوان”.
ولفت إلى “أن العمل بدأ بالفعل في مختلف أحياء المدينة، مع تحديد المناطق عالية الازدحام بالكلاب، مثل المدارس والحدائق وأماكن التجمعات العامة، والمرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برنامج التطعيم والتعقيم لكل الكلاب الملتقطة، إلى جانب تسجيل بيانات دقيقة لكل كلب في قاعدة بيانات متكاملة تتيح متابعة حالته سواء لإعادة الدمج في بيئته أو تأهيله لاحقا للتبني”.
وأضاف جوينات أن البلدية تتخذ من مركز الإيواء الجديد للكلاب الضالة حجر الزاوية في مشروعها، وهو الأول من نوعه في مادبا، حيث يضم المركز وحدات داخلية مغطاة، وساحات خارجية واسعة، وغرفا طبية مجهزة للفحص البيطري، التطعيم، التعقيم، والعلاج، إضافة إلى منطقة عزل للحالات المرضية أو التي تحتاج متابعة خاصة، فيما يشمل المركز أيضا نظام تنظيف وتعقيم يومي، ما يعكس التزام البلدية بتوفير بيئة صحية وآمنة للكلاب والمجتمع على حد سواء.
كما أشار إلى أن كل كلب يصل إلى المركز يخضع لبرنامج متكامل يشمل الفحص الطبي، التطعيم، التعقيم، ووضع شريحة تعريف إلكترونية لمتابعة حالته لاحقا، مضيفا “نحن لا نتعامل مع الكلاب كحالات فردية، بل ندرس الملف كظاهرة تحتاج تخطيطا طويل الأمد، يضمن استدامة النتائج ويوازن بين مصالح الإنسان والحيوان”.
ورغم البداية الواعدة، إلا أن جوينات يقر بوجود تحديات كبيرة، منها اتساع رقعة المدينة، الحركة المستمرة للكلاب بين الأحياء، وتراكم بقايا الطعام في الساحات العامة، إضافة إلى الحاجة لرفع كفاءة الفرق الميدانية وتعزيز حملات التوعية المجتمعية، لكنه شدد في الوقت نفسه، على أن التنفيذ يتم وفق خطة واضحة ومتدرجة، وأن الفترة المقبلة ستشهد انعكاسا ملموسا لهذه الإجراءات على الواقع.
الشراكة مع المجتمع المحلي
وأضاف “أن نجاح المشروع مرتبط بالشراكة الحقيقية مع المجتمع المحلي، وأن مشاركة المواطنين التطوعية ونشر الوعي هما عنصران أساسيان لضمان استدامة الحلول”، مبينا “أن البلدية لا تعمل بمعزل عن الأهالي. والتغيير الحقيقي يحدث عندما يشعر المجتمع أنه جزء من الحل، وأن مساهمته ضرورية لضمان بيئة آمنة وصحية للجميع”.
وبهذا الخصوص، أشار جوينات إلى “أن الأهالي يشاركون عن قرب في الحملات، ويسجل بعضهم أسماء الكلاب الملاحظة للإبلاغ عنها، كما يساهم المتطوعون بتقديم الدعم النفسي للكلاب، وتوفير المياه والطعام في أوقات محددة لتجنب تجمعها بشكل عشوائي، ما ساهم في تقليل الشكاوى اليومية وتعزيز الانضباط البيئي”.
وشدد على “أن بلدية مادبا الكبرى ترى أن التعامل الإنساني مع الكلاب الضالة هو مسؤولية جماعية، وليس مجرد إجراء تنظيمي، فمادبا مدينة قيم، وأهلها يقدرون الرحمة والمسؤولية، كما أن تجاوب المجتمع يعزز إصرارنا على المضي قدما في مشروع يمثل نموذجا يحتذى به على مستوى المملكة”.
من جهته، أشار رئيس جمعية عناية، الدكتور أحمد التميمي، إلى “أن العمل يتم وفق بروتوكول دولي يشمل الالتقاط، التطعيم، التعقيم، الترقيم، وإعادة الإطلاق، وهدفنا ليس فقط الحد من الإعداد، بل خلق بيئة منظمة وآمنة للجميع، وكل الجهود تطوعية بالكامل، دون أي التزامات مالية للبلدية أو الأهالي”.
وأشار التميمي إلى أن “وجود فريق طبي يقوم يوميا بفحص نحو 30 كلبا، يشمل الفحص الصحي، التطعيم، التعقيم، وتسجيل البيانات بدقة، كما يراقب فريق التدريب سلوك الحيوانات ويعمل على تأهيلها قبل إعادة دمجها في المجتمع أو تأهيلها للتبني، بينما يشمل العمل برامج توعية للأهالي والمتطوعين حول طرق التعامل الآمن مع الكلاب الضالة، لتقليل المخاطر وتعزيز التعاون المجتمعي”.

 أحمد الشوابكة/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة