عجلون تنبض بالمبادرات والعمل التطوعي في مشهد تكافل وعطاء لا يغيب

 

عجلون- تتنوع الجهود التطوعية التي تشهدها محافظة عجلون على مدار العام، وتنفذها جهات متعددة، لتجمع بين ما يهدف إلى حماية البيئة والغابات، وإفادة المجتمعات المحلية عبر تنفيذ أنشطة خدمية وصحية ومساعدة السكان خلال الظروف الجوية، وأخرى اقتصادية تتمثل بتسويق منتجات الأسر بمعارض، وكذلك ترويجية بهدف إبراز المحافظة ومقوماتها السياحية والزراعية.

 

ويؤكد قائمون ومنسقون لهذه البرامج التطوعية، أنها أحدثت فارقا كبيرا في المحافظة، وأثمرت في حماية الغابات من الكثير من الملوثات، خصوصا مخلفات التنزه، والتعريف بالمسارات والمشاريع السياحية، وزيادة أعداد روادها، فيما أتاحت مبادرات أخرى للأسر العجلونية المنتجة تسويق منتجاتها بأسعار جيدة، ومكنتهم من إدامة أعمالهم وإعالة عوائلهم، وساعدت فئات وشرائح مختلفة بحاجة للمساعدات.
ودعا مشاركون، خلال لقاء جمعهم مؤخرا بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، والذي يصادف في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، والذي جاء هذا العام تحت شعار “كل إسهام يصنع فارقا”، إلى ضرورة تعزيز التكافل الاجتماعي وتعزيز ثقافة العمل التطوعي، مؤكدين أن العمل التطوعي يعد موردا هائلا ومتجددا لحل المشكلات البيئية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة.
وبحسب الناشط ومنسق عدد من المبادرات التطوعية في المحافظة، منذر الزغول، فإن “الاستعداد الجيد لمواجهة الكوارث والمخاطر المحتملة بأنواعها، لا سيما الطبيعية منها والمتزامنة مع الظروف الجوية خلال الشتاء وتشكل السيول وتراكم الثلوج، تحتاج إلى استعدادات كبيرة وخطط مسبقة من مختلف الجهات المعنية، لمعالجتها والحد من آثارها السلبية على الحياة العامة”، مشيرا إلى “تنفيذ العشرات من المبادرات والأنشطة التي مكنت الأسر العجلونية من تسويق منتجاتها، وأخرى سلطت الضوء على أبرز المواقع الجميلة في المحافظة بهدف تسويقها سياحيا”.
وأكد “ضرورة تدريب وتأهيل متطوعين للمساعدة في الحالات الطارئة إلى جانب الجهات الرسمية، والتي يفترض أن تنجز مشاريع معنية بسلامة الطرق وتصريف مياه الأمطار، كالبلديات والأشغال، لتجاوز حوادث كانت تتكرر خلال السيول والانهيارات”، لافتا إلى “أن الاستعدادات لا ينبغي أن تقتصر على عمليات تنظيف قنوات تصريف مياه الأمطار فقط، بل يفترض أن تقوم على دراسات تنفذها لجان فنية تحدد المواقع التي تشكل خطورة، كالمناطق وجوانب الطرق المهددة بالانهيار، وعمل قنوات إضافية في الطرق التي يرتفع فيها منسوب مياه الأمطار، ما يستدعي إنجاز المشاريع الحيوية كالقنوات الضخمة والجدران الاستنادية، التي يعول عليها في تصريف مياه الأمطار بطريقة فعالة وآمنة إلى الأودية، ومن دون أن تحدث أضرارا بالطرق، ولمنع أي انهيارات محتملة”.
برامج تثقيفية وتوعوية
من جهتها، تحدثت رئيس الهيئة الإدارية للهلال الأحمر/ فرع عجلون، نبيهة السمردلي، عن “الجهود التي بذلت وتبذل من الهلال الأحمر لتنفيذ أنشطة وبرامج خيرية وإنسانية وتدريب وتأهيل للكوادر والمتطوعين وتشكيل فرق الطوارئ”، مشيرة إلى “أن الفرع يعقد بشكل دائم برامج تثقيفية وتوعوية لخدمة الفعاليات التطوعية في المحافظة”.
وأكدت “أهمية الأعمال التطوعية بمختلف أشكالها، خصوصا في وقت يواجه فيه العالم تحديات متزايدة، فأولئك المتطوعون هم أول من يقدم المساعدة لمن يحتاجها ويتصدرون الصفوف في أوقات الأزمات وحالات الطوارئ، وهي حالات غالبا ما تكون شديدة الصعوبة وقاسية، وأخرى خدمية وتنموية”.
كما شددت السمردلي على “ضرورة مواجهة التحديات من خلال تفعيل العمل الجماعي المنظم وثقافة التطوع من باب المسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتق الجميع تجاه جهود الجهات المعنية ومساندتها للتخفيف من الأعباء المترتبة على العديد من الشرائح في ظل مختلف الظروف”.
ويرى عميد كلية عجلون الجامعية الأستاذ الدكتور وائل الربضي “أن للجامعات دورا محوريا في دعم انخراط الطلبة في الأنشطة التطوعية، لا سيما أن المشاركة في المبادرات المجتمعية تمنح الشباب فرصا لتطوير مهاراتهم الأكاديمية والشخصية، وتعزز من وعيهم بدورهم المجتمعي”.
وأضاف “أن الكلية، ومن خلال جامعة البلقاء التطبيقية، تحرص على دمج العمل التطوعي ضمن الأنشطة اللامنهجية وتدعم إنشاء الأندية الطلابية والمبادرات التي تعكس روح المبادرة والقيادة لدى الطلبة”، مشيرا إلى أن الطلبة الذين يشاركون في العمل التطوعي يكتسبون خبرات عملية تسهم في تعزيز فرصهم في سوق العمل مستقبلا، كما يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع التحديات المجتمعية وتقديم حلول مبتكرة لها.
وأكد الربضي “أن الكلية تعمل على توثيق جهود الطلبة المتطوعين ضمن ملفاتهم الأكاديمية، وتكريم المتميزين منهم ضمن فعاليات دورية بهدف ترسيخ ثقافة التطوع كقيمة أساسية في الحياة الجامعية”.
إلى ذلك، دعا مدير مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة الناشط والمتطوع الشبابي صهيب الربابعة، إلى “دعم المتطوعين وتعزيز دورهم في تحقيق التنمية الشاملة في مجتمعاتهم، وتشجيعهم على العطاء بلا مقابل، والمساهمة الفاعلة في المجتمعات، والاستفادة من أهم عنصر يستطيع الجميع التطوع فيه، وهو الوقت والجهد والعلم والرأي والخبرة، كأحد أوجه التطوع والعطاء”.
إبراز قيمة التطوع
ولفت إلى “أهمية إبراز قيمة التطوع في ديننا الحنيف، واستدعاء نماذجه المشرقة، واستعراض أعمال المتطوعين، وتعزيز قيمة التطوع في المجتمعات”، مشيرا إلى “أن وعي الشعوب العربية تجاه التطوع تنامى في الآونة الأخيرة، وأصبحت المؤسسات والفرق التطوعية تمثل ظاهرة صحية تضمن قيمتي التضحية والتكافل”.
ومن وجهة نظر الناشط الشبابي ورئيس مؤسسة عجلون بعيون شبابها سليمان القضاة، فإن “ارتفاع نسب المشاركة التطوعية في المحافظة يعد إنجازا يعكس الوعي الوطني وروح المبادرة التي يتمتع بها شباب المحافظة”، لافتا إلى “الدور المحوري الذي قامت به مؤسسة ولي العهد التي أسست لمنهج عمل واضح، فالتطوع لم يعد مجرد نشاط جانبي، بل أصبح أداة تمكين حقيقية تسهم في صقل شخصية الشباب الأردني، وتعرفهم على قطاعات جديدة، وتبني لديهم شبكة واسعة من العلاقات والشراكات المجتمعية، وهو رصيد تراكمي يعجل من تطويرهم الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، ويجعلهم أكثر قدرة على المشاركة الفاعلة في بناء وطنهم”.
كما أكد رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية ملكي بني عطا “أن الأعمال التطوعية تسهم في علاج العديد من المشاكل التي يعاني منها المجتمع، كالبطالة، الفقر، الأمية، ترميم الأحياء الفقيرة، وغيرها من المشاكل التي يعاني منها المجتمع”، لافتا إلى “أن الإنسان يختزن في داخله كمية كبيرة من الطاقة التي من الممكن أن يستثمرها للقيام بالعديد من الأعمال الخيرية والتطوعية، وعادة ما يشعر الإنسان بالكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز بالنفس عندما يرى النجاحات المتلاحقة التي يحققها عن طريق الأعمال التطوعية التي يشارك بها، وهذا ما يساعد في تعزيز ثقته بنفسه”.
وأضاف “أن العمل التطوعي له آثاره الإيجابية على الفرد في تحقيق الذات وتعزيز الثقة بالنفس وتعزيز وتقوية مهارات التشبيك والتخلص من الاكتئاب والمشاعر السلبية ووسيلة للإعمار وإسعاد الآخرين وزيادة خبرة الفرد وإثراء تجاربه وتعزيز السيرة الذاتية”.
ووفق منسق هيئة شباب كلنا الأردن في المحافظة عدنان فريحات، فإن “العمل التطوعي يعد من الآليات الأكثر حيوية في تحقيق التحولات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية”، مشيرا إلى “عشرات المبادرات التي نفذتها جهات تطوعية مختلفة بهدف حماية الغابات وجمع مخلفات التنزه، وتسليط الضوء على جمالية المحافظة”.
وأكد “أن العمل التطوعي يسهم في بناء مجتمع متماسك وقادر على المشاركة الفاعلة في التنمية من خلال غرس الشعور بالمسؤولية الجماعية وتعزيز الروابط الاجتماعية”.

 

 عامر خطاطبة*–// الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة