دير السعنة في إربد.. خدمات تحت الضغط وتطلعات متزايدة نحو تنمية مستدامة

إربد– تواجه بلدة دير السعنة في إربد واقعا خدميا يحتاج إلى مراجعة شاملة، إذ يعاني السكان من تحديات تمتد من التعليم والمواصلات إلى الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي.
ورغم الجهود المبذولة خلال السنوات الماضية، ما تزال احتياجات البلدة تتزايد مع نمو عدد السكان واتساع الأحياء، حيث يأمل أهالي البلدة التي يبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة، أن تشهد المرحلة المقبلة خطوات عملية لتحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات الأساسية بشكل ينعكس إيجابا على حياتهم اليومية، ويضع البلدة على مسار تنمية مستدامة تلبي تطلعات جميع فئات المجتمع.
ويشكو سكان دير السعنة من اكتظاظ مدارس المرحلة الابتدائية، إذ يضطر العديد من الطلاب لمتابعة الدراسة في مبان مخصصة لطلاب الثانوية، ما يؤثر سلبا على جودة التعليم ويضع ضغوطا إضافية على المعلمين والأهالي.
محمد خضيرات، أحد أبناء البلدة، يوضح أن أسرته تواجه صعوبة كبيرة في إيصال أبنائها إلى المدارس، مؤكدا أن توفير مدارس أساسية حديثة مجهزة بكافة الوسائل التعليمية سيشكل فارقا كبيرا في حياة الطلبة، ويمنحهم بيئة تعليمية مناسبة لتطوير مهاراتهم الأكاديمية والاجتماعية.
وأشار أحمد سناجلة، وهو أب لطفل في المرحلة الابتدائية، إلى أن المشكلة لا تقتصر على المباني، بل تشمل قلة المختبرات والمكتبات والمرافق التعليمية الضرورية، ما يجعل العملية التعليمية أقل فعالية ويؤثر على التحصيل العلمي والمعرفي للطلاب.
وأضاف أن تجهيز المدارس بمختبرات ومكتبات وملاعب سيساهم في تخفيف الضغط على الطلاب والمعلمين، ويوفر فرصا متساوية لجميع الأطفال لمتابعة تعليمهم بشكل جيد، بما يضمن تنمية مهاراتهم ويهيئهم لمستقبل أفضل.
نقص النقل العام
وتشكو البلدة من نقص كبير في خدمات النقل العام، إذ لا توجد خطوط باصات تعمل داخل البلدة، ويضطر السكان للاعتماد على وسائل نقل بديلة غالبا بأسعار مرتفعة أو عبر مسارات أطول.
وبحسب عضو مجلس بلدي الطيبة السابق، محمود هياجنة، فإن تطوير شبكة مواصلات عامة آمنة وفعالة سيكون له أثر كبير على حياة السكان اليومية، حيث يسهل تنقل الطلاب إلى مدارسهم والموظفين إلى أماكن عملهم، ويحد من الوقت والجهد المبذولين في التنقل، كما يقلل من الأعباء الاقتصادية على الأسر.
وأشار إلى أن غياب المواصلات يحد من فرص الشباب في العمل ويؤثر على النشاط التجاري المحلي، ويجعل السكان مضطرين للبحث عن بدائل قد تكون أقل أمانا وأعلى تكلفة، ما يعكس الحاجة الملحة لوضع خطة شاملة للنقل داخل البلدة وربطها بالمناطق المجاورة بطريقة منظمة ومستدامة.
وأكد الهياجنة، أن توظيف أبناء البلدة في المشاريع المختلفة يقلل من حجم البطالة بين الشباب في البلدة، ويعد خطوة أساسية لضمان استدامة المشاريع ورفع كفاءتها، حيث يضمن متابعة العمل بشكل أفضل ويخلق فرص عمل حقيقية للأسر المحلية، ما يعزز الاقتصاد المحلي ويدعم التنمية المستدامة.
وقال إن أهالي بلدة دير السعنة يعانون من غياب مدرسة أساسية حكومية مستقلة لأبناء المرحلة الابتدائية، ما يضطرهم لإرسال أبنائهم إلى مبنى المدرسة الثانوية الشاملة، حيث يختلط طلاب الابتدائي مع طلاب الثانوي في مبنى واحد.
وأضاف الهياجنة، أنه رغم الإعلان عن مشاريع حكومية لبناء مدارس جديدة في المملكة، لم يُدرج اسم دير السعنة ضمن المناطق المستهدفة، بالرغم من توفر قطعة أرض، ما يجعل مطالبة السكان بالمدرسة المستقلة مستمرة وملحة.
كما تمثل الطرق أحد أبرز التحديات اليومية في دير السعنة، حيث تعاني العديد من الشوارع من التدهور، وبعضها لم يُعبد منذ عشرات السنين، ما يعرقل حركة المركبات ويشكل خطراً على السلامة العامة.
تحسين شبكة الطرق
بهذا الخصوص، يشدد علي بشايرة، أحد السكان، على أهمية تحسين شبكة الطرق وتأهيل الشوارع بشكل هندسي مدروس لضمان وصول المركبات بسرعة وأمان، مشيرا إلى ضرورة وضع خطة صيانة دورية للحفاظ على البنية التحتية وعدم تكرار تدهورها.
وتعاني البلدة أيضا، من ضعف مستمر في شبكات المياه، حيث تتكرر الانقطاعات وتتعرض الأنابيب القديمة للتسربات المتكررة، فيما يسعى مشروع إنشاء شبكة الصرف الصحي الجديد إلى معالجة تجمع المياه الملوثة وتحسين الوضع الصحي والبيئي.
وقال المواطن أنس الهياجنة، إن تحسين شبكتي المياه والصرف الصحي سيحد من الأمراض المرتبطة بالبنية التحتية المتهالكة ويضمن حياة صحية لجميع السكان، كما يسهم في الحد من الروائح الكريهة والتلوث البيئي، ويعزز جودة الحياة اليومية للأسر في البلدة.
أما حسين توبات، وهو مالك أرض زراعية، فيؤكد أن تنظيم الأراضي الزراعية وإدخالها ضمن المخطط التنظيمي يسهم في تمكين السكان من فرز أراضيهم بشكل قانوني والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، ويقلل النزاعات بين السكان، ويتيح تطوير المشروعات الزراعية بشكل مستدام.
وفيما يخص المناطق الحرفية، تثير مشاريع إنشاء مناطق صناعية مخاوف السكان من الضوضاء والتلوث وتأثيرهما على جودة الحياة، حيث يؤكد التوبات ضرورة وضع معايير صارمة وتقنيات حديثة لتقليل أي تأثير سلبي، مع إشراك المجتمع المحلي في وضع خطة استثمارية عادلة تضمن توزيع المنافع وتحافظ على سلامة الأحياء السكنية.
ويتفق السكان على أن أي تأخير في تنفيذ المشاريع سيزيد من معاناتهم اليومية، ويؤكدون ضرورة التنسيق بين الجهات الرسمية والمجلس المحلي لضمان التنفيذ الفعال، مع إشراك المجتمع المحلي في متابعة المشاريع.
كما أكدوا أن تحسين الخدمات الأساسية في جميع أحياء البلدة سيعزز جودة الحياة، ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويخلق بيئة أكثر أمانا واستقرارا، مع فتح فرص العمل ودعم الأسر اقتصاديا، ما يجعل دير السعنة أكثر استعدادا لمواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية الشاملة.
وأشاروا إلى أن البلدة تمتلك كافة الإمكانات لتصبح نموذجا للتخطيط المحلي الناجح، شرط وضع خطة شاملة ومتوازنة لتحسين مستوى الخدمات وتطوير البنية التحتية، والاستفادة من الكفاءات المحلية لضمان استمرارية المشاريع ونجاحها على المدى الطويل.
محدودية ميزانية البلدية
بدوره، قال رئيس لجنة بلدية الطيبة، ثابت الشريدة، إن البلدة تشهد جهودا كبيرة من قبل البلدية لتحسين البنية التحتية، رغم محدودية الميزانية المتاحة.
وأضاف، أن المشاريع الحالية تشمل تعبيد وترقيع عدد من الشوارع، حيث خصصت البلدية مبلغ 173 ألف دينار لتنفيذ مشاريع مركزية تشمل شارعين، فيما ستُستكمل باقي المشاريع ضمن موازنة عام 2026.
وأكد الشريدة أن أي طلبات لإدخال تعديلات على التخطيط والتنظيم يقدمها المواطن نفسه، ويتم عرضها على لجنة المجلس البلدي بعد استكمال الإجراءات الرسمية، مشيرا إلى أن هذه الآلية تهدف لضمان توافق المشاريع مع الواقع ومتطلبات المواطنين.
وبخصوص صيانة الطرق، أشار الشريدة إلى أن البلدية تبذل جهدا كبيرا لإصلاح الطرق المتضررة، إلا أن بعض الشوارع تحتاج إلى صيانة شاملة لن تتم إلا ضمن خطة صيانة الطرق لعام 2026، مع الإشارة إلى أن الطرق المنفذة في البلدة أفضل حالا مقارنة بباقي الشوارع.
وفيما يتعلق بالخدمات الأخرى، أكد أن وضع النظافة في البلدة مستقر، وأن البلدية تعمل على تلبية احتياجات المواطنين ضمن الإمكانات المتاحة، لافتا إلى أن الإيرادات الذاتية للبلدية تركز على تنفيذ مشاريعها التنموية من دون الاعتماد الكامل على مصادر تمويل خارجية.
وأوضح الشريدة، أن البلدية لديها ميزانية تشغيلية تصل إلى نحو 20–25 ألف دينار سنويا للمشاريع الجارية، في حين أن الرواتب السنوية للموظفين تصل إلى حوالي 180 ألف دينار، والمصاريف الأخرى مثل المحركات والمركبات والصيانة والإصلاح تتطلب مبالغ إضافية كبيرة، تصل إلى ما يقارب مليونا و800 ألف دينار.
وأضاف أن هذه المبالغ يجب أن تغطي كل النفقات التشغيلية الأساسية، بما في ذلك الرواتب والمركبات وصيانة الطرق وغيرها من الخدمات الضرورية، مما يجعل إدارة البلدية تعتمد بشكل كبير على التخطيط المالي الدقيق واستغلال الموارد المتاحة بالشكل الأمثل لضمان استمرارية المشاريع والخدمات دون تأخير.
كما أكد الشريدة أن التركيز الحالي للبلدية ليس على تحقيق أرباح قصيرة المدى، بل على مشاريع تنموية طويلة الأمد بالشراكة مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أن البلدية تعمل على مشاريع مبتكرة مثل استغلال الأراضي لإنشاء مزرعة طاقة شمسية لتخفيف النفقات وتقليل الاعتماد على شركات خارجية، والتي كانت تكلف البلدية نحو 30 ألف دينار.
وأضاف أن البلدية تمتلك إرادة قوية ومستقلة، لا تعتمد على الاقتراض أو التمويل التقليدي من البنوك، بل تسعى للاستفادة من شراكات إستراتيجية تحقق فائدة مباشرة للمواطنين وتحسن من الخدمات والبنية التحتية في بلدة الطيبة.
من جانبه، أكد مصدر في شركة مياه اليرموك أن الشركة أعدت خطة شاملة لتجديد شبكات المياه في عدة مناطق بمحافظة إربد، تشمل خطوط المياه القديمة والمتضررة، بهدف تحسين جودة الخدمة وتقليل الهدر المائي.
وأضاف أن العمل على صيانة وتحديث الشبكات يتم وفق أولويات تتضمن المناطق الأكثر تضررا، مؤكدا أن وضع المياه في البلدة مستقر، ولا توجد شكاوى جماعية من انقطاع المياه، وإنما حالات فردية يتم التعامل معها على الفور.
من جهته، أوضح مصدر في مديرية التربية والتعليم، أن هناك دراسات جارية لتحديد آلية الاستفادة من الأرض المتاحة، مؤكدا أن إنشاء المدارس يتطلب إجراءات تخطيطية وموافقات متعددة لضمان تلبية معايير البناء والتجهيزات التعليمية.

