ما بين الرَّزَّاز وحسَّان، مَنِ الَّذي اتَّخذَ القرارَ المُناسِبَ والأَصَحَّ؟!

منذر محمد الزغول
*=
قرَّرَ مجلسُ الوزراءِ في جلستِهِ الَّتي عُقِدَتْ قبلَ يومَيْن إيقافَ العملِ بالقراراتِ السَّابقةِ لحكومةِ الدُّكتورِ عُمَر الرَّزَّاز، الَّتي تُلْزِمُ وُجوبِيًّا بإنهاءِ خدماتِ الموظَّفينَ ممَّن بلغتْ خدماتُهُم ثلاثينَ عامًا فأكثر، أو بلغَ عددُ اشتراكاتِهِم ثلاثمائةٍ وستِّين اشتراكًا فأكثرَ في الضَّمانِ الاجتماعيِّ.
وجاءَ في القرارِ أنَّهُ يأتي لغاياتِ تحقيقِ التَّوازنِ بينَ تنظيمِ الجهازِ الحكوميِّ وضبطِ النَّفقات، وبينَ الحفاظِ على الكوادرِ البشريَّةِ والخِبراتِ في الدوائرِ الحكوميَّة.
وكانت حكومةُ الدُّكتورِ عُمَر الرَّزَّاز قد قرَّرت في العامِ 2020 إحالةَ الموظَّفينَ ممَّن بلغتْ خدماتُهُم الخاضعةُ للتَّقاعد ثلاثينَ سنةً فأكثرَ على التَّقاعد، حيثُ أكَّدَ مجلسُ الوزراءِ حينها أنَّ القرارَ جاءَ بهدفِ ترشيقِ الجهازِ الحكوميِّ وإتاحةِ الفرصةِ للشَّبابِ في الخدمةِ العامَّة، تماشيًا مع استراتيجيةٍ متكاملةٍ للحكومةِ تأخذُ في الحسبانِ الواقعَ الاجتماعيَّ والاقتصاديَّ لمجتمعِنا الشَّابِّ والفَتِيِّ، وضرورةَ ضخِّ دماءٍ جديدةٍ وشابَّةٍ في القطاعِ العامِّ.
على كلِّ حال، هذه إطلالةٌ سريعةٌ على ما تضمَّنه قرارُ حكومةِ الرَّزَّاز قبلَ حوالي خمسِ سنوات، وقرارُ حكومةِ حسَّان الَّذي جاءَ قبلَ عدَّةِ أيَّام، وهناك بالطَّبع تأييدٌ واسعٌ لكلا القرارَيْن من شريحةٍ واسعةٍ من مجتمعِنا؛ فمن ناحيةٍ نالَ قرارُ حكومةِ الرَّزَّاز تأييدًا واسعًا من فئةِ الشَّبابِ الَّذين ينتظرونَ بفارغِ الصَّبرِ الحصولَ على فرصةِ عمل، وقد تحقَّقَ في هذا المجالِ بعضُ الشَّيءِ، حيثُ وحسبَ تصريحاتِ وزيرِ العملِ الحاليِّ خالدِ البكَّار فإنَّ فرصَ العملِ الَّتي تمَّ توفيرُها من القرارِ السَّابقِ لحكومةِ الرَّزَّاز وصلتْ إلى حوالي ثمانيةِ آلافِ فرصةِ عملٍ سنويًّا نتيجةَ إحالةِ مَن وصلتْ خدمتُهُم في الجهازِ الحكوميِّ ثلاثينَ عامًا.
أمَّا قرارُ حكومةِ الدُّكتورِ جعفر حسَّان فقد حصلَ على تأييدٍ واسعٍ من موظَّفي الدَّولةِ الَّذين كانوا يعانونَ من القرارِ السَّابق، وكانوا في غالبيتِهِم ليسَ لديهم الرَّغبةُ بالتَّقاعدِ المبكِّر أو عندَ خدمةِ الثلاثينَ عامًا.
أعتقدُ أنَّ لكلا الحكومتَيْن أسبابَهُما المُقنِعَة؛ فمن جهةٍ، حكومةُ الرَّزَّاز، وهو رجلٌ اقتصاديٌّ، رغبتْ بتوفيرِ آلافِ فرصِ العملِ لشبابِ وشابَّاتِ الوطنِ سنويًّا، وقد تحقَّقَ لها جزءٌ يسيرٌ ممَّا خطَّطتْ له وعملتْ من أجلِهِ.
أمَّا حكومةُ الدُّكتورِ جعفر حسَّان، وهو أيضًا رجلٌ اقتصاديٌّ، فقد نظرتْ إلى القضيَّةِ من وجهةِ نظرٍ أُخرى تتعلَّقُ بالضَّمانِ الاجتماعيِّ وخطورةِ استمرارِ القرارِ على الوضعِ الماليِّ للضَّمان، الَّذي هو بالطَّبع السَّببُ الرَّئيسيُّ وراء إلغاءِ القراراتِ السَّابقة، وقد تبقى مصالحُ الموظَّفينَ والرَّغبةُ في الاحتفاظِ بالكفاءاتِ والخِبراتِ أسبابًا ثانويَّةً جدًّا، ليستْ هي بالطَّبع الأسبابَ الَّتي جعلتْ حكومةَ الدُّكتورِ حسَّان تتَّخذُ هذا القرارَ الشُّجاعَ والجريءَ.
على كلِّ حال، حكومةُ الدُّكتورِ جعفر حسَّان مُطالَبةٌ اليومَ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى بالعملِ جِدِّيًّا لتوفيرِ آلافِ فرصِ العملِ الجديدةِ لشبابِ وشابَّاتِ الوطنِ، لتعويضِ الفرصِ الَّتي كانَ يتيحُها العملُ بالقرارِ السَّابق، وخاصَّةً في قطاعَيِ التَّربيةِ والصِّحَّة وبعضِ الوزاراتِ الأُخرى، وغيرَ ذلك فإنَّنا سنعتبرُ أنَّ قرارَ الحكومةِ الأخيرَ جاءَ فقط لمعالجةِ الخللِ الماليِّ الَّذي قد يُصيبُ الضَّمانَ الاجتماعيَّ بعدَ فترةٍ من الزَّمن.
ننتظرُ من حكومةِ الدُّكتورِ جعفر حسَّان، الَّتي نُجِلُّها ونحترمُها، أن تتَّخذَ قراراتٍ جريئةً وشُجاعةً في هذا المجال، وأن يسمعَ شبابُ وشابَّاتُ الوطنِ قريبًا ما يسرُّهم ويُسعِدُهم ويُعوِّضُهم عن إيقافِ العملِ بقراراتِ حكومةِ الرَّزَّاز الَّتي جاءتْ قبلَ حوالي خمسِ سنوات.
واللهُ من وَراءَ القصد.
منذر محمد الزغول / وكالة عجلون الإخبارية

