غرب إربد.. تأخر إنجاز مشروع الصرف الصحي يعمق معاناة المواطنين

إربد – يعاني سكان عدد من قرى وبلدات غرب إربد أوضاعًا صعبة نتيجة تحول الشوارع إلى مصائد للمركبات وبرك طينية عزلت أحياء بأكملها خلال المنخفض الجوي الأخير.
الأمطار الأخيرة التي هطلت على قرى بيت يافا وججين وزحر وهام وكفر رحتا وجمحا غرب إربد كشفت تردي الواقع الخدمي، إذ أدت الحفريات غير المكتملة لمشروع الصرف الصحي إلى تجمع كميات هائلة من المياه محولةً الطرق الفرعية والداخلية إلى مستنقعات أعاقت حركة المشاة والمركبات.
ويؤكد مواطنون أن تعثر إنجاز مشروع الصرف الصحي الذي ما يزال قيد التنفيذ منذ فترة طويلة انعكس سلبًا على الواقع الخدمي والبيئي في المنطقة ما فاقم من معاناتهم، موضحين أن فصل الشتاء كشف حجم المعاناة الحقيقية، في ظل غياب حلول سريعة أو إجراءات إسعافية تحد من الأضرار.
ويشير عدد من السكان إلى أن تساقط الأمطار تسبَّب بتجمُّع كميات كبيرة من المياه في الشوارع التي ما تزال تشهد حفريات وأعمال بنية تحتية غير مكتملة، الأمر الذي أعاق حركة السير، وألحق أضرارًا بالمركبات، إضافة إلى صعوبة وصول الطلبة والمرضى وكبار السن إلى وجهاتهم، موضحين أن بعض الطرق تحولت إلى برك طينية نتيجة غياب التعبيد النهائي وانسداد مجاري تصريف المياه المؤقتة والتي أدت إلى دخول المياه إلى بعض المنازل، وسط مخاوف من تكرار المشهد مع أي منخفض جوي جديد. طرق منكوبة وأحياء معزولة.
ويرى المواطن محمد القسايمة من بلدة بيت يافا أن المشكلة لم تعد مرتبطة بالأمطار بحد ذاتها، وإنما بتأخر إنهاء المشروع وترك الشوارع دون تعبيد أو حلول مؤقتة، موضحًا أن أي هطول مطري بسيط كفيل بشل الحركة داخل الأحياء السكنية رغم أنهم يعيشون هذه المعاناة منذ أشهر طويلة.
ويشير إلى أن المنخفضات الجوية باتت تشكل قلقًا للأهالي، إذ إن الخروج من المنزل أصبح مغامرة حقيقية في بعض الأحياء، خاصة مع انتشار الحفر المغمورة بالمياه وغياب الإنارة الكافية في بعض الشوارع، مبيناً أن المشكلة لا تقتصر على الطرق الداخلية فقط، بل تمتد إلى شوارع رئيسة تربط البلدة بمحيطها، مما يضاعف من معاناة الموظفين والطلبة ويضطرهم إلى استخدام طرق ترابية بديلة لتجنب الشوارع المتضررة.
وينوه المواطن خالد العزام من بلدة ججين إلى أن انتشار الطين والروائح الكريهة خلق بيئة غير صحية، خاصة للأطفال، وخصوصًا أن الحفريات المكشوفة وانسداد مجاري تصريف المياه تتسبب بدخول المياه إلى محيط بعض المنازل، لافتاً إلى أن الأمطار الأخيرة تسببت بأضرار مادية لعدد من المركبات، نتيجة الهبوطات المفاجئة في الشوارع التي غمرتها المياه، إذ إن العديد من السائقين فوجئوا بحفر عميقة لم تكن ظاهرة للعيان، ما أدى إلى أعطال ميكانيكية وإطارات تالفة.
ويلفت المواطن أحمد الهزايمة من بلدة زحر إلى أن تأخر إعادة التأهيل النهائي جعل الطرق غير آمنة، لا سيما في ساعات الليل، حيث تختفي معالم الحفر تحت مياه الأمطار، واصفاً المشهد خلال هطول الأمطار بأشبه بحصار مؤقت، إذ تصبح بعض الأحياء شبه معزولة.
ويبين أن انسداد مجاري تصريف المياه المؤقتة وغياب الحلول الدائمة يؤديان إلى تجمع المياه بالقرب من المنازل، ما يثير مخاوف الأهالي من دخولها إلى داخل البيوت، مشيراً إلى أن الكثير من الأهالي يضطرون لمرافقة أبنائهم إلى المدارس عبر طرق غير مهيأة، وسط قلق دائم من الانزلاق أو السقوط.
المشروع الذي بوشر العمل فيه عام 2022 كان من المفترض الانتهاء منه في الشهر الرابع من العام الماضي، إلا أن عوائق فنية ولوجستية أدت إلى تأخر العمل بالمشروع على أن يتم الانتهاء منه بداية العام المقبل.
مطالبات بالإسراع بإنجاز المشروع
يقول المواطن علي التميمي من بلدة هام: “كنا نأمل أن يتم الانتهاء من المشروع قبل دخول فصل الشتاء، إلا أن الواقع جاء مخالفًا للتوقعات، ما فاقم من معاناة السكان في ظل غياب حلول إسعافية فعالة”، مضيفًا: “إن معاناة السكان مع مشروع الصرف الصحي لم تعد جديدة، لكنها تتضاعف مع حلول فصل الشتاء؛ فالحفريات المنتشرة في الشوارع وغياب التعبيد النهائي تسببت بانتشار الطين والروائح الكريهة، إضافة إلى تشويه المشهد العام داخل البلدة”.
ويشاركه الرأي المواطن فراس طاهات من بلدة جمحا قائلًا: “المشكلة الأساسية تكمن في طول مدة التنفيذ وغياب الجدول الزمني الواضح، الأمر الذي زاد من قلق الأهالي واستيائهم”، مؤكدًا أن السكان لم يلمسوا أي إجراءات فعلية لإنهاء المشروع على أرض الواقع.
ويرى أن الحلول المؤقتة التي تم اتخاذها غير كافية لمواجهة الأمطار، إذ سرعان ما انجرفت الأتربة، وعادت الحفر للظهور بشكل أخطر، مشيرًا إلى أن بعض الشوارع أصبحت غير صالحة للاستخدام، ما دفع المواطنين إلى تقديم شكاوى متكررة للجهات المعنية.
بدوره يرى المواطن خالد بني ملحم من بلدة كفررحتا أن استمرار المشروع دون معالجة آثاره الجانبية ألحق ضررًا بالغًا بالمواطنين، مؤكدًا أن الأهالي يدركون أهمية المشروع على المدى البعيد، لكنهم في المقابل يطالبون بحقهم في طرق آمنة وخدمات مقبولة خلال فترة التنفيذ.
ويطالب السكان بضرورة تدخل الجهات المعنية بشكل عاجل لإلزام المقاول بتسريع وتيرة العمل، ومعالجة آثار الحفريات، وفتح قنوات تصريف مؤقتة لمياه الأمطار، إضافة إلى إعادة تأهيل الشوارع المتضررة بشكل يضمن سلامة المواطنين وممتلكاتهم إلى حين الانتهاء الكامل من المشروع.
البلدية: تأخر الإنجاز يفاقم معاناة السكان
من جانبه، يقر رئيس لجنة بلدية غرب إربد محمد علي القضاة بأن تأخر إنجاز المشروع يشكل معاناة حقيقية للمواطنين، مؤكداً أن البلدية قامت بتوجيه سلسلة من المخاطبات الرسمية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية إلى الجهات الاستشارية والمقاولين المنفذين لمشروع الصرف الصحي في لواء غرب إربد، مطالبة فيها بسرعة إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه وفقاً للمواصفات الفنية المعتمدة ومتابعة الالتزامات.
وأكد أن استمرار التأخير في إعادة الأوضاع وعدم الالتزام بالشروط الفنية يشكلان مخالفة صريحة لعقد المقاولة المبرم، مبيناً أن العديد من المواطنين تقدموا بشكاوى حول الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة نتيجة الحفريات التي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات دون إعادة أوضاعها بالشكل المطلوب. وشدد القضاة على أن بلدية غرب إربد لن تتهاون في أي تجاوز يمس المصلحة العامة أو جودة الخدمات المقدمة، مؤكداً أن نسبة الإنجاز في المشروع حسب الجهة المشرفة تجاوزت 81 % وأن البلدية أوقفت التصاريح لحين إعادة الأوضاع كما كانت عليه في السابق. وفيما يبرر أحد العاملين في شركة المقاولات بأن الهبوط في الشوارع أمر طبيعي إلى حد ما بعد إعادة التزفيت، خاصة في المشاريع التي تشمل أعمال الحفر العميقة لوضع مواسير الصرف الصحي، يؤكد أنه لغاية الآن لم يتم تسليم الشوارع للبلدية وجهة الإشراف، وأنه سيصار إلى إعادة الشوارع إلى ما كانت عليه حسب الاتفاقية الموقعة مع البلدية، مشيراً إلى أن الفرق الفنية تتابع الوضع بشكل مستمر وتقوم بأعمال الصيانة عند الضرورة، وهناك لجنة طوارئ في الميدان تعمل على حل أي مشكلة تواجه المواطنين.
بدوره، أكد أمين عام وزارة المياه والري المهندس سفيان البطاينة، أن إعادة تعبيد الشوارع التي شملها مشروع الصرف الصحي لم تُستلم رسمياً بعد من قبل الوزارة، مشيراً إلى أن العمل لم ينتهِ بعد والمقاول ما يزال يعمل على إعادة الشوارع إلى حالتها السابقة وفق المواصفات والرسومات الهندسية.
وأضاف أن استلام هذه الشوارع سيتم لاحقاً بحضور البلديات المختصة ومديرية الأشغال العامة وفق الأصول والعقود الموقعة، مؤكداً أن هناك مبالغ تأمينية محفوظة لدى الوزارة يمكن الاستفادة منها إذا قصّر المقاول أو لم يلتزم بالشروط المطلوبة، لضمان إعادة الشوارع بالشكل الصحيح وعلى نفقة المقاول.
وأشار البطاينة إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية المواطنين من أي تبعات ناجمة عن سوء التنفيذ وضمان تطبيق شروط العقد بدقة، متوقعاً أن يتم الانتهاء من العمل بالمشروع في مناطق غرب إربد كافة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل.

