بإمكانات متواضعة.. هل تنجح “المعراض” بضم “غزلان دبين” للمتنزه القومي؟

جرش – تتوجه بلدية المعراض في محافظة جرش، الى دمج محمية الغزلان بدبين مع المتنزه القومي البيئي الجديد المجاور للمحمية، الذي ينتظر تشغيله، في واحد من التحديات الذي يثير تساؤلات حول إمكانية استمرار رعاية الغزلان وإدارة المحمية والمتنزه معا.
هذا التساؤل تطرحه إمكانات البلدية التي تفتقد حتى الآن الى قسم بيطرة أو أقلها طبيب بيطري، فيما يكاد يخلو سجلها التاريخي من أي تجارب سابقة في إدارة ورعاية حيوانات المحميات، إضافة الى أنها، وحتى الآن، ما تزال تبحث عن تمويل من أجل تشغيل المتنزه الجديد وتأهيل المحمية.
توجه ضم غزلان دبين الى المتنزه الذي من المنتظر تشغيله قريبا وفق توقعات بلدية المعراض حال توفر المخصصات، لا يطرح الحديث عن شكل وماهية هذا الدمج فقط، إذ إن عملية الدمج تستوجب أيضا طرح عدد من هذه الغزلان للبيع عن طريق المزاد العلني، والاحتفاظ بالمتبقي منها.
بيع الغزلان بالمزاد العلني، خطوة أثارت حفيظة البعض الذين اقترحوا توزيع هذه الغزلان على محميات أخرى بدل بيعها.
يقول رئيس مجلس محافظة جرش رائد العتوم، إن الأولى من بيع غزلان المحمية هو توزيعها على باقي المحميات في محافظة جرش، مثل محمية المأوى ومتنزهات بلديات جرش، وهي مجهزة وقادرة على تقديم أشكال الرعاية كافة لها لتكون عامل جذب سياحي مهما في مختلف المواقع.
العتوم الذي أبدى تحفظه على بيع الغزلان، اعتبر أن دمج المحمية مع المتنزه القومي في بلدية المعراض أمر إيجابي سيسهم في دمج المجتمع المحلي بقطاع السياحة، وهو المشروع السياحي الأول في بلدية المعراض، لاسيما وأن المنطقة من أكبر الوجهات السياحية على مستوى الممكلة، وسيوفر هذا المشروع فرص عمل ومشاريع سياحية أخرى تنهض بالقرى والبلدات المجاورة.
وكان وزير الزراعة، وخلال زيارته مؤخرا لمحافظة جرش، قد أوعز بضم محمية الغزلان إلى المتنزه القومي الجديد في غابات دبين كونه يقع بالقرب من المحمية، والاحتفاظ بـ25 غزالا وبيع ما تبقى بالمزاد العلني، علما أن عدد الغزلان الكلي 134 غزالا.
وتبعد محمية دبين للغزلان 15 كم غرب جرش، وترتفع 1000م عن مستوى سطح البحر، وأنشئت في العام 2001 على مساحة 8.5 كلم2، بما يعادل 186 دونما من أحراش المحافظة، وتكتسب أهميتها من كونها تحتوي على أمهات غزلان من النوع النادر، قدمت كهدية من دولة أستراليا الى جلالة الملك عبد الله الثاني.
ويحتاج مشروع الدمج إلى تكاليف مالية باهظة، لا سيما وأن مساحة المحمية كبيرة وتحتاج إلى تصاميم ودراسات خاصة كونها موقعا سياحيا جاذبا للسياحة على مدار العام، بحسب رئيس قسم الإعلام والتواصل في بلدية المعراض المهندس مظهر الرماضنة.
وقال الرماضنة لـ”الغد”: “إن تجهيز وتأهيل محمية الغزلان وفتحها أمام الزوار، يحتاج إلى كلف مالية لعمل أبنية ومقاعد وأسيجة وحظائر خاصة للغزلان ومرافق عامة ودمجها مع المتنزه القومي الذي ما يزال بحاجة إلى بعض الأعمال حتى يتم افتتاحه بعد تجهيز المحمية لاستقبال الزوار”.
واعتبر أن المشروع، بعد تنفيذه، سيكون من أكبر المشاريع السياحية على مستوى محافظة جرش، لا سيما وأن موقع المشروع يقع ضمن أهم وأكبر المواقع السياحية الحرجية على مستوى المملكة.
وأوضح أن بلدية المعراض ستقوم بالبحث عن جهات تمويلية مانحة لغاية تمويل المشروع وتجهيزه للعمل في أقرب وقت، أو تخصيص جزء من موازنتها للبدء بتجهيز المشروع إذا توفرت مخصصات كافية، مستدركا أن البلديات تعاني من أزمات مالية وموازنتها بالكاد تغطي رواتب الموظفين وبعض الخدمات الضرورية من تعبيد وإنارة وجمع نفايات والمشاريع السياحية بحاجة إلى مبالغ مالية باهظة وتحتاج إلى إداريين وفنيين وخبراء في العمل السياحي لضمان نجاحها.
وبلغت نسبة الإنجاز في مراحل مشروع المتنزه البيئي الجديد في غابات دبين 90 % حتى الآن، وتم تنفيذ هذه المراحل من قبل وزارتي الزراعة والبيئة، قبل إيكال مهمة تشغيله وإدارته الى بلدية المعراض، وأقيم على أراضي الغابات بمساحة لا تقل عن 23 دونما قرب محمية الغزلان، وهو متنزه بيئي يوفر مواقع تنزه طبيعية تشتمل على خدمات سياحية للزوار، كالمرافق العامة ومواقع الشواء ومواقف السيارات وألعاب الأطفال، وقد تم تسليمه لبلدية المعراض لغاية إدارة المشروع، وفق الرماضنة.
ولفت الى أن تذكرة دخول المتنزه، ستكون رمزية، وسيتم تخصيص عوائد التذاكر لمتابعة تنظيف المتنزه يوميا، وتطويره وتحديثه وتوسعته، والمرحلة الأولى من المشروع انتهت، بعد أن تم تسييج الموقع وتحديد مساحة المتنزه وتجهيز المقاعد ومواقع الشواء، وسيتم دمج محمية الغزلان مع المتنزه، ما سيجذب آلاف الزوار للمتنزه.
وبين أن الأعمال الإنشائية في الموقع، يجري تصميمها وفق شكل ونظام معينين، يحافظان على البيئة، الى جانب حماية الأشجار الحرجية في الموقع من التعديات، فضلا عن أن تصميم المتنزه أساسا ينبني على تصاميم المباني صديقة البيئة، ومرافقه وخدماته كافة آمنة بيئيا، إذ يهدف لتنظيم التنزه في غابات دبين، ويتوقع فتحه أمام الزوار خلال الأشهر القليلة المقبلة بعد الانتهاء من تجهيز بنيته التحتية بالكامل.
ويعتقد أن السنوات الأخيرة، شهدت زيادة في التنزه العشوائي في المنطقة، ما ألحق أضرارا بجذوع الأشجار الحرجية، جراء الاصطفاف العشوائي للمركبات، وتفاقم تراكم النفايات التي تلحق الضرر بالغابات، الى جانب اندلاع الحرائق جراء ترك مخلفات الشواء بعد الانتهاء من التنزه، واستخدام أغصان الأشجار الحرجية في الشواء.
وقال، إنه يتوقع بأن تدير البلدية المشروع، وهو أول المشاريع السياحية التي تديرها بلدية المعراض، فضلا عن أن البلدية ستجهز البنية التحتية للمشروع، إذ أسهمت في إزالة الصخور وتجهيز الموقع وتركيب وحدات لجمع النفايات ومتابعة أعمال تنظيف الموقع، ليكون جاهزا لاستقبال الزوار.
وتوقع الرماضنة، تشغيل الموقع بداية فصل الصيف إذا تم تجهيز موقع المحمية ودمجها معه، وهي الفترة التي يبدأ فيها موسم السياحة الداخلية في المحافظة، لاسيما وأن الزوار يفضلون السياحة البيئية لأنها مجانية.
وقال، إن المتنزه سيحافظ على ما تبقى من مساحات حرجية في غابات دبين، كانت تتعرض للضرر باستمرار جراء ظاهرة التنزه العشوائي، وينظم عمليات التنزه في الغابات ويحافظ على الأشجار المعمرة من العبث والتخريب.
ولفت الى أن التنزه العشوائي خلف أطنانا من النفايات، التي تحتاج الى مئات العمال يوميا لإزالتها، مبينا أن المتنزه يسهم بتخفيف حجم النفايات العشوائية التي سببت تشوهات بصرية وصحية وبيئية في الغابات.
وبين الرماضنة، أن المتنزه يقع في أراضي بلدية المعراض التي ستدير الموقع بعد توقيع الاتفاقية مع الجهات المعنية، وتنظيم آلية العمل في الموقع للحفاظ على ديمومته وطبيعته، وحماية الثروة الحرجية فيه.
وقال رئيس لجنة السياحة في مجلس محافظة جرش والخبير السياحي الدكتور يوسف زريقات، إن مشروع المتنزه القومي، إضافة إلى دمج محمية الغزلان معه، من أكبر المشاريع السياحية التي يجب أن تتكاثف الجهود لإنجازه وإنجاحه، ويجب أن يرفد بخبرات سياحية وإداريين، خاصة وأن موقعه يعد مزارا سياحيا جاذبا على مدار العام، وهذه الميزة لا تتوفر في مواقع سياحية أخرى، وستتيح للزوار فرصة مشاهدة الغزلان بشكل مباشر، لاسيما وأنهم يقومون حاليا بمشاهدتها من خلف السياج ومن على الشوارع الرئيسة للمحمية فقط ولا يسمح لهم بدخول المحمية.
ويرى أن بلدية المعراض عليها مسؤولية كبيرة في تجهيز المشروع وإدارته وإنجاحه والاستفادة منه وتوفير فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي وزيادة عدد الأفواج السياحية وتوجيه المسارات السياحية إلى الموقع، فضلا عن ضرورة إقامة متحف بيئي في الموقع يستعرض أهمية الغابات ودورها في السياحة وأنواع الأشجار المعمرة والتاريخية الموجودة في دبين بشكل خاص.
وأوضح أن وجود الغزلان في المشروع، يضفي عليه ميزات طبيعية جاذبة للسياحة، وتمنح البيئة فائضا من سحر الطبيعة وجمالها، لتمتعها بمزايا أخرى، كانتشار أشجار البلوط والسنديان واللزاب القديمة في رحابها، وأنواع أخرى من النباتات والحيوانات البرية.
وتعد المحمية موطنا للعديد من الحيوانات البرية، ما يجعلها فريدة في هذه السمة عن بقية المحافظات، بخاصة وأنها تتمتع ببيئة وطبيعة جاذبتين، كما تشكل محميات جرش الطبيعية، مع بعضها بعضا، نقطة سياحية بيئية استثنائية في المملكة.
رئيس قسم الحراج في مديرية زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة، بين أن المحمية تقع في بلدة صخرية وعرة، وقد تكشفت الصخور فيها بنسبة عالية جدا، فتحولت إلى منطقة صخرية، الى جانب انخفاض درجات الحرارة فيها بنسبة كبيرة جدا، ألقى بتأثيره على تكثير غزلانها وتراجع أعداد مواليدها من الغزلان.
وأضاف أن موقع المحمية الحالي، ملك لقسم الحراج، وهناك أبراج مراقبة فيه، كونها منطقة مرتفعة ومطلة على غابات دبين، ومديرية زراعة جرش، كانت توفر فريق أطباء بيطريين يشرفون على الحالة الصحية لقطيع الغزلان، كما جرى بناء مرافق إدارية ومستودع أعلاف وعيادة بيطرية، وتعبيد الشارع المؤدي للمحمية.
وأكد أن المديرية، ممثلة بقسم الحراج، تتابع شؤون المحمية الإدارية، ليستمر نشاطها السياحي والصحي على ما كان عليه سابقا، ودمجها بالمتنزه القومي سينشط الحركة السياحية، بخاصة وأنها محاطة بمحميات ومتنزهات كغابات دبين والأرز وغيرها من المتنزهات، إضافة الى أنها منطقة جذب سياحي.

صابرين الطعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة