صواريخ المقاومة من شمال غزة تدك عمق الاحتلال وتكذب إعلان تطهيره

على مدى يومي أمس وأول من أمس، أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية رشقات صاروخية تعد الأكبر منذ أسابيع، انطلقت من مناطق في شمال قطاع غزة على مستوطنة “نتيفوت” الجاثمة بجنوب فلسطين المحتلة عام 1948 وبلدات تقع في قلب الكيان الصهيوني.

وجاءت تلك الرشقات في أعقاب تحول جيش الاحتلال إلى “مرحلة جديدة” من حرب الإبادة الجماعية، بعد إعلان وزير أمن الاحتلال، “يوآف غالانت”، انتهاء العمليات البرية المكثفة شمالي غزة، غير أن مواصلة المقاومة الفلسطينية بإطلاق صواريخها ضد الأهداف الصهيونية أدى لتصاعد مخاوف الاحتلال من فشله بالقضاء على قدرات “حماس” العسكرية كما زعم ببداية عدوانه، وسط غياب إستراتيجية سياسية لحكومة الحرب يمكن أن تنهي الحرب على أساسها، ما قوض مصداقية حكومة الحرب في الاوساط الشعبية في الكيان المتزعزعة أصلا، والمشككة في كل ما يصدر عنها، وعلى رأسها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وتسري راهنا شكوك متراكمة عبرت عنها وسائل إعلام الكيان المحتل عما يدور في الشارع الإسرائيلي، وأوساطه الداخلية تضع علامات استفهام حول مصداقية حكومة الحرب، والتي أعلنت انسحاب الجيش من مناطق إدعت أنه تم تمشيطها وتفريغها من حركة “حماس”، وانطلقت منها بالذات رشقات صواريخ المقاومة فقط بعد 24 ساعة من إعلان تطهيرها بما يخالف الواقع.
في الاثناء لم يهدأ القصف الجوي الكثيف للاحتلال الذي تركز ضد شمال قطاع غزة، لاسيما جباليا وبيت لاهيا، وحيّ الشجاعيّة، ما أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى، بينما شبح المجاعة والمرض يتعمق أكثر مع تواصل عدوان الاحتلال ومنعه وصول المساعدات الإنسانية والغذائية بالشكل الكافي.
ويواصل الاحتلال قصفه الجوي الهمجي ضد أنحاء مختلفة من قطاع غزة، مما أدى لارتقاء المزيد من الضحايا المدنيين، وارتفاع حصيلة العدوان إلى 24 ألفاً و 285 شهيداً، و61 ألفاً و 154 إصابة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
وأشارت الوزارة، في تصريح أمس، أن الاحتلال “ارتكب 15 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 158 شهيداً و 320 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية”، مبينّة أن عدداً من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات حيث لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
ونتيجة الغارات الجوية الكثيفة؛ فقد ارتقى 11 شهيداً وعشرات الجرحى بتدمير مربع شكني كامل فوق رؤوس ساكنيه في جنوب القطاع، لاسيما شمال مدينة رفح وخان يونس، بالتزامن مع استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة آخرين بقصف منزل يؤوي نازحين بمنطقة المغازي ومخيم البريج، وسطاً.
في حين شن الطيران الحربي الاحتلالي سلسلة غارات عنيفة على مدينة غزة، مما أسفر عن ارتقاء شهيدين وإصابة عشرات الجرحى، وذلك بعد ارتقاء نحو أربعين فلسطينياً في سلسلة غارات همجيّة على غزة خلال 24 ساعة الماضية.
ويبدو أن مخطط رئيس حكومة الاحتلال، “بنيامين نتنياهو”، للسيطرة على محور “فيلادلفيا” الحدودي بين مصر وغزة بطول يبلغ نحو 14 كيلومتراً، رغم الصفعة التي تلقاها مؤخراً من المقاومة الفلسطينية، قد أثار تساؤلات داخلية إسرائيلية حول غياب خطة استراتيجية أو أفق واضح لمستقبل العملية العسكرية العبثية.
غير أن “نتنياهو” يهدف من وراء احتلال محور “فيلادلفيا” إلى تنفيذ مخططه المؤجل حتى الآن بتهجير سكان رفح، جنوباً، خارج القطاع، حيث ما يزال جيش الاحتلال ينتظر الحصول على موافقة المستوى السياسي لإجلاء السكان من رفح وبدء الاستيلاء على المنطقة بالكامل بالتزامن مع التحضير للقتال في جنوب قطاع غزة، وفق ما نقلته وسائل إعلام الاحتلال.
ولم يبرز مسعى الاحتلال الوليد “محور فيلادلفيا” منذ بداية العدوان ضد غزة، بوصفه جزءاً من ظاهرة الخلل في إدارة المعركة بالنسبة لحكومة الحرب عبر التنقل بما يسمى “بنك الأهداف”، نظير وضع أهداف غير منطقية وتكبّد خسائر فادحة غير متوقعة، فجاء توعّد “نتنياهو” بمعالجة ما أسماه “الثغرة في السياج الجنوبي بين غزة ومصر، ومنع مرور الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة”، على حد زعمه.
وفي الأثناء؛ يواصل الاحتلال تصعيده ضد الضفة الغربية؛ إذ عمّ الإضراب الشامل مدينة طولكرم، شمالاً، حداداً على الشهيد فارس محمود عبد الله خليفة (37 عاماً) من مخيم “نور شمس” شرق طولكرم، والذي استشهد برصاص قوات الاحتلال، عند حاجز “عناب” العسكري، شرقاً.
واتهمت عائلة الشهيد قوات الاحتلال، بإعدام ابنها، وهو أسير سابق أمضى أكثر من 15 عاماً في سجون الاحتلال، وذلك لدى مروره على الحاجز وتوقيفه، بينما ارتقى شقيق الشهيد والأسير المبعد إلى غزة فرسان خليفة، قبل شهر، في ظل العدوان والإبادة المستمرة على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.
كما عم الإضراب الشامل مدينة دورا، بمحافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية، حداداً على الشهيدة عهد محمود محمد (24 عاماً) والشهيد محمد حسن إبراهيم أبو سباع (22 عاما)، اللذين استشهدا أول أمس.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت مدينة دورا بآلياتها العسكرية، ودارت مواجهات أطلقت خلالها الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز السام صوب الفلسطينيين، ما أدى لاستشهاد شاب وفتاة وإصابة آخرين، في ظل تنفيذ حملة اعتقالات واسعة بين صفوف الفلسطينيين بعد مداهمة منازلهم وتخريب محتوياتها.

 نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة