ابو عبيدة الرعب المدمر الذي سبق الصواريخ !


مهدي مبارك عبدالله

 

بقلم / مهدي مبارك عبد الله

صباح الخير يا ابو عبيده صباح الخير صباح الشهداء صباح الجرحى والمصابين صباح الصمود والثبات صباح المقاومة الباسلة صباح كتائب القسام صباح سرايا الجهاد صباح شهداء الأقصى صباح كتائب القدس صباح الوية الناصر صلاح الدين صباح كتائب ابو علي مصطفى صباح كتائب احمد ابو الريش صباح لجان المقاومة صباح كنائب جهاد جبريل صباح كتائب عبد القادر الحسيني صباح كتائب المجاهدين صباح كتائب الأنصار صباح الصاروخ والهاون والرشاش والبندقيه صباح الخير يا شيخ الشهداء احمد يس و يا رنتيسي ويا شحادة وبا ابو شنب ويا يحيى عياش ويا احمد الجعبري ويا بهاء ابو العطا ويا جمال الزبدة ويا جمعة الطلحة صباح الخير لكل الاسرى والاسيرات والمعتقلين

صباح الخير لجميع الشهداء الذين سقطوا في الدفاع عن ثرى فلسطين هذا زرعكم بدمائكم الطاهرة حصدناه نصرا وعزة وكراكة فهنيئا لكم عند ربكم صباح الخير يا غزة يا أم الاحرار ومعقل الثوار ومقبرة الغزاة والمعتدين

اذا كان لصواريخ المقاومة الباسلة اليد العليا في استهداف وقصف المدن والمستوطنات والمطارات واستهداف العربات والمركبات وماقع وتجمعات الجيش واصابة بعض المنازل والمجمعات والمواقع الحيوية داخل اسرائيل فقد سبقها (الملثم الغزي ابو الكوفية ) الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـحركة المقاومة الإسلامية حماس الملقب بـ ( أبو عبيدة ) وفي كل مرة حينما كان يوجه قصفه ب الشديد خطابه المعنوي والنفسي البعيد عن الدعاية والاستعراض والمبالغة من على منصته الاعلامية بلغة مدروسة وأسلوب منظم ومفردات منتقاة واشارات مفهومة مزقت تماسك وصمود لجبهة الإسرائيلية الداخلية قبل الدخول في المعركة الميدانية

بقدرة فائقة وتكتيك عالي وادارة متميزة قذفت ( الاعلام الحربي للمقاومة ) الرعب في قلب إسرائيل ومستوطنيها وفرض عليهم حالة الطوارئ القسرية والهرولة الى الملاجئ كـ ( الفئران المذعورة ) وطوع وعيهم وفرق شملهم قبل انطلاق رشقات الصواريخ التي كانت تمزق معنوياتهم وتزيد فزعهم وبؤسهم وقد كان ( الملثم المجهول ) يختم بياناته دائمًا بـالعبارة الشهيرة ( وإنه لجهاد نصر أو استشهاد )

وهي التي قالها الشهيد عز الدين القسام حين حاصرته قوات الاستعمار البريطاني وطلبوا منه الاستسلام في أحراش يعبد قرب جنين شمال الضفة الغربية حيث رفض وبقي صامداً يقاتل لست ساعات متواصلة قبل استشهاده مع رفاقه عام 1935 اضافة الى استخدام ابو عبيدة لعبارته الشخصية الأكثر تداولا والتي افزعت وأوجعت بمضمونها الاحتلال الإسرائيلي وهي ( ان قرار قصف تل ابيب وديمونا والقدس وعسقلان واسدود وبئر السبع وما قبلها وما بعدها اسهل علينا من شربة الماء ) حيثكانت اشبه بالوقود الحارق الذي ألهب النفوس العربية بالحماسة والعنفوان ووجد فيها الشارع والجماهير استنهاض لحالة الإذلال السياسي والعسكري واستعادة لكرامة كل العرب وليس الفلسطينيين فحسب

في الأيام الأخيرة وبعد تصعيد العدوان الإسرائيلي قصفه على قطاع غزة تحول ابو عبيدة إلى ظاهرة شعبية على المستوى العربي مع حضورٍ اقليمي وعالمي لافت وباتت تهزج له الأغاني وأصبح موضوع نقاش وحديث في وسائل التواصل الاجتماعي حتى بين الإسرائيليين الذي اصبحوا يضبطون ساعتهم على تصريحاته النارية ويعرفونه أكثر من قادة حركة حماس أنفسهم وينظون خروجه عليهم لمعرفة مجريات الاحداث سيما وإن خطابات أبي عبيدة سابقًا وفي الوقت الحالي حظيت بمتابعة شديدة على المستوى السياسي والعسكري والشعبي الاسرائيلي بعد أن اكتسب مصداقية عالية في تصريحاته بعد تنفيذها حرفيًا من قبل كتائب القسام ( عندما يقول سنضرب يترجم الخطاب على الأرض مباشرةً )

وهذا التوائم ما بين القول والفعل اعتبره الكثير من المتابعين تطورا نوعيا ومهما في الخطاب العسكري الذي أكسب حماس مصداقية دائمة فضلًا عن أنه أصبح يمثل رمزًا للخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية عمومًا وكتائب القسام بشكل خاص والذي صل حد التحكم بـ ( فرض حظر التَجوال على الاسرائيليين لساعتين ورفعه بأمر من قائد المقاومة محمد الضيف الذي ينقل ابو عبيدة عن لسانه رسائل الرعب في حرب نفسية منظمة ابدعت المقاومة في شنها )

كان مفادها الكلي بان الجيش والحكومة الحالية عجزا عن خلق أمانٍ مستقر ودائم لمواطنيها بالرغم من حملات التطبيع مع الدول العربية التي تعادى المقاومة وتحاصرها وان قدرة وقوة المقاومة تغيّرت كثيرا منذ آخر حرب مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي في 2014 وان سلاحها النوعي والمتطور سيبقى موجه للدفاع عن فلسطين وجميع الفلسطينيين وأن خِيار المقاومة لا عدول عنه وان الجولات القتالية لن تنتهي ولا يزال في جعبة الفصائل الفلسطينية المزيد من العتاد والسلاح الصاروخي والطائرات المسيرة

وفي التحليلات والواقع لم يكن احد يتخيل مطلقا ان يحدث كل هذا في الدولة النووية التي تقوم بالعربدة والتشبيح في المنطقة وان مقاومة محدودة الإمكانيات في جغرافيا لا تذكر بقطاع غزة تجبر جيشها ومواطنيها على أن تبيتوا في الملاجئ ويهجروا مستوطنات الغلاف بعدما باتت المقاومة تحدد لهم لحظات إطلاق الصواريخ في ( الساعة 12 ليلاً ) بتوقيت فلسطين وبتحدي كبير لدولة الاحتلال صاحبة أحد أقوى جيوش العالم وأكثرها تقدمًا وتعقيدًا والتي تمتلك أحدث منظومة أمنية معروفة عالميًّا بتقدمها وتفوقها الكبير وبالرغم من استنفارها كافة قواتها الجوية من مقاتلات أف 35 ومروحيات أباتشي ومسيرات ذكية تقوم بقصف ومراقبة القطاع على مدار الساعة الا ان منصات الصواريخ كانت تقذف حممها في مواعيدها المحدد بدقة متناهية ثم تعود وطواقمها الى مرابضها في الانفاق سالمة

منذ بدايات عمل ابو عبيدة متحدثا رسميا باسم المقاومة ولقرابة نحو عشرين عام وهو يعيش في الخفاء خاصة بعدما صنفته اسرائيل من أوائل المطلوبين في قوائم الاغتيال بعد أن بات ظهوره الإعلامي مربكا ومرعبا للداخل الإسرائيليِّ باعتباره الوجه الرئيس ( للحرب النفسية والإعلامية ) التي تخوضها فصائل المقاومة ضدَّ إسرائيل التي لا تعرف أي شيء عن تفاصيل حياته الشخصية ولا حتى اسمه وصورته

وقد عجزت مرات عديدة عن تحديد هويته وهو يظهر دائما بـ ( كوفية حمراء ورأسه معصوب بشريط كتب عليه كتائب القسام ) ولم يكشف عن وجهه في وسائل الاعلامية وهنالك معلومات بسيطة وغير مؤكدة حولة مثل ( أنَّه ينحدر من بلدة نعلين هجرت عائلته الى قطاع غزة عام 1948 بعد النكبة لتستقرَّ في منطقة جباليا شمال شرقي غزة و ان منزله قُصف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي أكثر مرة في عامي 2008 و2012 وفي 2014 وقبل سنوات بثت الدعاية الإسرائيلية صورةً لشخص قالت إنه أبو عبيدة اسمه ( حذيفة سمير عبد الله الكحلوت ) وتبين لاحقًا أن هذه الصورة مفبركة

اصبح الفلسطينيون والعرب والمسلمون وكل المؤيدين للحقوق الفلسطينية من احرار العالم يرون في ابو عبيدة مصدراً للاطمئنان والفخر والإعجاب والبشرى بالنصر وقد تجسدت فيه صورة البطل الذي أذل الاحتلال وبث الرعب والخراب في قلوب مستوطنيه كما انت الملايين تنتظره لحظة بلحظة وهي متحلقة حول الشاشات بشغف ولهفة ترقب خطاباًته التي كانت تبث الروح المعنوية والحماس لديها بإعلانه قصف تل أبيب أو مستوطنات الاحتلال وقد جاء لقبه هذا تيّمناً بـالصحابي الجليل ( أبو عبيدة بن الجراح ) فاتح القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ولا يمكن ان تغيب عن الذاكرة أطلالته على الشاشة في عام 2006 معلناً نبأ أسر كتائب القسام للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الوقت وهويته لا تزال مجهولة لإسرائيل وكثير من ابناء قطاع غزة

ولقد شكل ظهوره في ( الداخل الإسرائيلي ) كابوس رعب وهاجس قلق للقيادة السياسية والعسكرية التي طالما أحرجها بدحض رواياتها الكاذبة التي تحاول من خلالها تلميع صورتها ببطولات مزيفة أمام الرأي العام الإسرائيلي وقد نشرت استطلاعات رأي تؤكد بأن الشارع والجمهور الإسرائيلي يثق ويصدق خطاب ( الملثم الغزي المجهول ) أكثر من تصريحات قادته السياسيين والعسكريين المتناقضة والمضللة

الحقيقة ان حنجرة وبيانات ابو عبيدة هزمت قبل الصواريخ المدمرة هذه الدولة المارقة الطاغية معنوياً وجعلت قطعان مستوطنيها تبيت كالخراف خوفا ورعبا في الملاجئ على يد مجموعة قليلة من المجاهدين والمقاومين الابطال بعد طول حالة الإذلال السياسي والتردي الديني والقيمي والاخلاقي التي شعرت بها شعوب المنطقة جراء توقيع اتفاقيات السلام الكاذب والمهينة وهو ما دفع بالكثيرين من العرب إلى الفرحة والزهو والتغني بالنموذج المقاوم الذي مثله أبو عبيدة ورفاقه

على الاحتلال وقطعان مستوطنيه ان يدكوا ويستوعبوا جيدا أن المقاومة الفلسطينية من خلال معركة سيف القدس وجهت لهم ضربة مؤلمة وموجعة ستترك آثارها المؤلمة على الكيان وشعبه ومستقبله وان القدس معركة لها ما بعدها وهي محور الصراع وبوصلته وان الرد سيكون حاضرا مرة اخرى عند ارتكاب الاحتلال ومستوطنيه اي حماقة بحق القدس والمسجد الاقصى المبارك وقد خبروا رد المقاومة التي وعدت ووفت بالعهد, التي اثبتت من خلالها ان لها يدا طولى تصل الى اعماق كيان الاحتلال

لن تتهاون المقاوم بعد اليوم ولن تتردد فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم هذه المعادلة التي ارساها تضحيات اهالي القدس والكل الفلسطيني في الداخل والشتات كما عززها صمود المقاومة الفلسطينية والتي اتثبت مجددا انها قادرة على ارساء مبدأ توازن الرعب في الصراع وفقا لمعادلات ميدانية وسياسية لا زالت مجهولة على العدو فكل صرخة هي امتداد لصرخات تردد صداها عبر سنين من االنضال والكفاح فلا تختبروا صبر واحتمال المقاومة مرة اخرى

الحمد لله على هذا النصر المؤزر المبين والخزي والهزيمة للصهاينة المجرمين المعتدين والعار والذلة للمطبعين المنبطحين ولكل من والا ونصر وايد اليهود الملاعين والتحية المضمخة بالفخر والعز والرياحين لأبطال فصائل المقاومة الفلسطينية الاشاوس الغر الميامين الذين مرغوا وجه العدو ومستوطنيه في احوال شوارع غزة وركام مبانيها وهم يدافعون عن القدس واهلها والاقصى وحرمته ومصليه

الاجلال والتعظيم لأمهات لشهداء والثكالى والارامل وهن يوعدن فلذات اكبادهن وازواجهن واخوانهن واقاربهن بالزغاريد والورود والحب كله لا طفال غزة الذين حرموا من اسباب الحياة وبراءة الطفولة والرحمة والمغفرة للشهداء الابرار اعظم من في الأمة واشرف من على الارض الذين راوا بدمائهم الزكية نجيع غزة الطهور والشفاء العاجل للجرحى والمصابين وليعلم ابناء غزة الشرفاء ان الحد الفاصل بعد اليوم وعلى خطى هذه الملحمة البطولية الخالدة بيننا وبين الاحتلال في استكمال المسار وافشال مخططات العدو على قاعدة النصر والتحدي وتوازن القوة والندية ( وان عدتم عدنا وان زدتم زدنا )

mahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.