الإشاعة… بين المسؤولية والمصلحة الوطنية..!


د. مفضي المومني

زعلانين عالحكومة… مش طايقين المسؤولين…طافشين من ضيق الحال… وارتفاع الأسعار…وفاتورة الطاقه وفاتورة الكهرباء..والأقساط الجامعية والبطالة… وغير ذلك الكثير مما يواجهنا في حياتنا اليومية… يحبطنا يؤرقنا… كله موجود عندنا وعند غيرنا من الدول، ويحق للمواطن ان يشكو ويطالب ويرفع صوته ويتذمر… ولا ننكر عليه ذلك ونحن جميعاً نعاني وهذا ليس سرا لا على الحكومة ولا على العامة… .
ولكن ما هو غير مفهوم قيام البعض بإطلاق إشاعات ونشر أخبار إما عارية عن الصحة أو مجتزئة أو مختلقة تصب في النهاية بإساءات للوطن وللأفراد والمؤسسات الوطنية، تنقل وتبدأ من شخص ساذج غير مسؤول أو حاقد قاصد… وغير مدرك لأبعاد إشاعته أو صحفي مغامر أو مواقع صفراء أو مواقع باحثة عن الشهرة أو من جهات خارجية تتربص وتبحث عن الإساءة لبلدنا… ولأن الأجواء مشحونة ومفتوحة ينتقل الخبر إلى الفضاء الإلكتروني، وهو مشاع للجميع أيا كان مستواهم الثقافي أو العلمي وأيا كان مركزهم الإجتماعي، وينتقل أيضا للفضاء العالمي، وهنا تكمن المصيبة الأكبر.
منذ فترة قبض على شخص أطلق إشاعة غير صحيحة عن الكورونا… وبعده قبض على شخص اطلق إشاعة بيع لحوم الحمير… ويتناقل البعض حاليا إشاعة الممرضة التي تتعاطى الحشيش مع أن الأمن العام نفى ذلك، ولا يدرك البعض أن الإشاعة الأولى تضرب الوضع الصحي في المملكة، والثانية تضرب القطاع السياحي والإقتصادي، والثالثة تضرب قطاع العاملين في الصحة والمجتمع، ومثل هذه الإشاعات تخيف السائح والزائر وتؤثر على سمعة الوطن واقتصاده ووضعه الإجتماعي، والإقتصادي والسياسي، وهي غير موجودة أصلاً، وبعد تناقل مثل هذه الإشعات يصبح من الصعب تدارك امرها وأثارها ونتائجها، ويصح المثل ( مجنون دب حجر ببير مئة عاقل ما طلعه)..!
وكلمة للصحافة والصحفيين والإعلاميين والمواقع الإعلامية، وأقصد البعض منهم الذين يتسترون ويمنعون نشر أخبار تنقد مسؤول أو مؤسسة بعينها، لحماية ذلك المسؤول وتبييض صورته وإخفاء أخطاؤه مقابل إشتراك وإعلانات أو دعم مادي أو مصلحي، أن يتوقفوا عن ذلك لأن الإعلام رسالة سامية وهو السلطة الرابعة ويجب أن لا يخضع لأي إبتزاز أو شراء الذمم والضمائر من مسؤول فاسد أو مؤسسة لا تسير بالطريق الصحيح، مهمتكم نقل الحقيقة والمصداقية والنقد البناء وأنتم عين رقابة الوطن على الجميع.
وللمواطن… كما اسلفت تضايقك، ضيق حالك غضبك على الحكومة؛ لا يبرر أي إساءة للوطن، باب النقد مفتوح وباب النصح مفتوح… حتى لو لم يستجيب المسؤول( إذن من طين وإذن من عجين)، علينا أن نحاول ألف مرة ومرة… ولا نستكين، وليس لنا أن نسيء أو نطلق أو ننشر إشاعات تسيء للوطن ولنا، من يعمل في قطاع السياحة ومن يعمل في القطاع الصحي وفي كل القطاعات؛ هم منا…تضرر أي فرد صالح وطني أو مؤسسة وطنية ضرر سينعكس علينا جميعاً، وهنا لا ابرر أو ادافع عن أي شخص أو مسؤول فاسد أو مهمل أو غير كفؤ… واجبنا جميعا نقدهم وفضح ونقد ممارساتهم بطرق قانونية وصحيحة يتيحها الدستور والتشريعات، بغير كلل أو ملل، بعيداً عن أي إساءة أو تصفية حسابات، من يخطئ يجب أن يعاقب بهدف تصحيح المسيرة.
ودعوة هنا للإعلام الحكومي أن يعزز مصداقيته لدى الشعب، وأن يعمل بشفافية ويضع الحقائق أمام الناس وأن يكون مقنعاً وأن لا يأتي متأخراً… !، لأننا تعودنا أن نبحث عن الحقيقة في إعلام العدو والإعلام الأجنبي، ولم تعد التصريحات الرسمية المطبوخة والموجهة وغير المقنعة ذات فائدة، لأن الحقيقة يحملها إعلام مفتوح ومنتشر ولا يمكن إخفائها مثل أيام زمان..! وهذا لا يصح… يجب أن ننتقل من إعلام رسمي بيروقراطي إلى إعلام دولة شفاف حر ذو مصداقية..!.
كتبت سابقا عن الناعقين من الخارج وأشرت لناعقي الداخل الذين يعطون مبرر لناعقي الخارج بتسحيجهم وتحيزهم للخطأ، فلو اعتمدنا الإعلام الشفاف الموضوعي وجعلناه ثقافة، إذ لا يوجد بلد بدون أخطاء هنا وهناك؛ لأغلقنا الأبواب على ناعقي الخارج وكل من تسول له نفسه إطلاق الإشاعات الهدامة التي تسيء للوطن وللجميع حكومة وشعباً… .حمى الله الأردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.