الثقافة والقانون


نسيم العنيزات

إذا أمعنا النظر في بعض القضايا والأمور ، وما يتبعها من سلوكيات وتصرفات المواطن حيالها . نجد أن هناك أمرين خلف هذا التصرف، الذي يكون احيانا مخالفا ولا ينسجم مع عاداتنا وتقاليدنا ، وبعيدا كل البعد عن المنطق او الصواب.

أما الدافع الاول فيتعلق بمنظومة القيم والوعي الثقافي لدى المواطن، وموضوع الانتماء الذي يجب ألا يضعف او يخف ، مهما كانت الظروف ، لأنه يعكس المواطنة والهوية الوطنية ، ويؤكد الارتباط بالوطن الذي يعتبر للجميع، دون وصاية لاحد عليه .

فالثقافة هي المحرك الرئيسي لأي سلوك اوتصرف يسلكه المواطن ، عند تعامله مع أي قضية او موضوع يواجهه في حياته كالمحافظة على البيئة والأماكن السياحية العامة واحترام المؤسسية والمؤسسات برمزيتها وهيبتها، وعدم الاساءة إليها او محاولة النيل منها، اضافة الى احترام حقوق الآخرين وعدم التعدي عليها .

وحتى نصل الى هذا الهدف، لا بد من تطبيق القانون في جميع القضايا، وعلى الجميع بعدالة ومساواة دون اي تحيز او تمييز او البحث عن ثغرات او مبررات لإضعافه اوتجنيبه، باعتباره الحكم وصاحب القول الفصل بين الناس وعلاقتهم ببعض وكذلك علاقتهم بالدولة ومؤسساتها.

فعند غياب الثقافة التي يجب ان تنشا مع الفرد منذ ولادته ، دون النظر الى البيئة او الحالة الاجتماعية، فالدولة بمؤسساتها مسؤولة عن تنمية الوعي ، من خلال المناهج الدراسية وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتوزيع الخدمات وخلق التنمية ، ومن ثم تطبيق القانون ، لا الاكتفاء بالتهديد او التلويح به فقط.

فالغاية من ايجاد القانون او تغليظ عقوباته لا تسعى الى التطبيق ، بقدر ما تشكل رادعا ومنظما للعلاقة بين الناس ، فعند غياب القانون او تغييبه لغاية ما، فان ذلك سيدفع البعض الى ممارسات خاطئة والسير باتجاهات عشوائية ، او اتخاذ طرق ملتوية او وعرة في بعض الأحيان لتحقيق مصالح شخصية ، او رغبات ذاتية، دون النظر الى الآثار والسلبيات التي ستعكسها هذه الأساليب والتصرفات.

ومن خلال الواقع والمشاهدات التي نلمسها احيانا كثيرة في حياتنا اليومية ، نجد ان بعض أفراد المجتمع بعيدون كل البعد عن واقعهم، وكأنهم يعيشون بعزلة تامة، او في محمية خاصة ، يمارسون حياتهم اليومية وطقوسهم الخاصة فقط بأساليب سلبية ، مليئة بالأمراض النفسية ، او قريبا منها، ينظرون الى الامور بزوايا عكسية ضارة بالمجتمع والمحيط .

اما ونحن في غمرة التحديث السياسي، والتطوير الإداري ومحاولات الانتعاش الاقتصادي كما يقولون ، لا بد لنا من النظر الى الشأن الاجتماعي ومعالجة الأمراض والاختلالات المجتمعية وتطبيق القانون بدل تعديله كل يوم ، حتى نصل الى مجتمع أقرب الى المثالية ، لننطلق بعدها الى النهوض والبناء الحقيقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.