الحرب الإقتصادية الروسية الأمريكية


عمر سامي الساكت

=

 بقلم // عمر سامي الساكت

 

الإنسان هو الأهم في جميع الأحوال والظروف ولا يسعد عاقل وإنساني أياً كان دينه وعرقه بالقتل والدمار للمدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وكبار سن وغيرهم وحتى الجنود فهم بشر قد يذهبوا مجبرين على حرب شعواء لا تشكل دفاعاً عن وطن وكرامة، فكيف ونحن مسلمون بالتأكيد لا نسعد بقتل البشر ودمار البلاد.

لكن نريد أن نلقي بعض الضوء على إرتدادات الحرب على الإقتصاد العالمي حيث أعتقد بأن الأطماع والصراعات الإقتصادية هي محرك أساسي لحرب الأسلحة والدمار الشامل، فقد دارت رحى حرب إقتصادية باردة بين روسيا وأمريكا والعالم يتحالف لفئة منهما وفقا للمصالح والعلاقات الدولية، يتخلل تلك الحرب أساليب وسيناريوهات وآليات متعددة ، فمن المعروف بأن الأنظمة العالمية الإقتصادية والمالية تسيطر عليها الولايات المتحدة بشكل كبير فعلى سبيل المثال نظام “السويفت” وهو اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)‏، وهي منظمة تقوم بتقديم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية على مستوى عالٍ من الكفاءة وبتكلفة مناسبة. ويشترك فيها أكثر من ألف مؤسسة مالية وبنوك حول العالم في مختلف دول العالم،  ويشرف عليها البنك الوطني البلجيكي، بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا وهما في الحقيقة المحرك الرئيسي لقراراتها والتي عملت جاهدة على إخراج روسيا من هذا النظام ولكن تحفظت عليه دول عديدة وخاصة الأروبية كونها لديها واردات هامة من روسيا كالغاز والنفط وأهمها اليورانيوم المخصب الذي تعتمد عليه الدول الغربية بشكل كبير لتشغيل محطاتها ومفاعلاتها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث تستحوذ روسيا على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من اليورانيوم المخصب.

في عام 2014م أنشأت روسيا نظام موازي لنظام “السويفت” وهو SPFS واشترك به 400 منظمة مالية وبنوك إلا إن غالبيتهم داخل روسيا أي ان النظام لم يحل مكان السويفت بشكل كافي حتى، ولكن تمكنت روسيا ايضا من التعامل مع نظام صيني موازي ايضا وهو CIPSللتجارة البينية، وهنا جاء القرار الروسي بأنها تبيع الغاز والنفط بالروبل الروسي فقط وربطت سعر صرف الروبل بالذهب وأنها تشتري الذهب بسعر 5,000 روبل للوقية الواحدة مما يعني تثبيت سعر صرف الروبل مقابل الدولار إن لم يرتفع الروبل وهذا ما حصل ، حيث كان سعر صرف الروبل 117 مقابل الدولار الأمريكي ابان فرض العقوبات على روسيا وبعد حزمة القرارات الروسية فقد تراوح حول 80 روبل للدولار واما هذه الأيام فهو 56.5 روبل مقابل الدولار وهو سعر يعتبر مرتفع للروبل.

 

البنك المركزي الروسي ثبت سعر الفائدة على 9.5% منذ فترة إلا أنه في فبراير 2022 رفع سعر الفائدة إلى 20% مرة واحدة ثم عاد وخفضها إلى 17% ثم بعد فترة 11% وهذا أثر على السيولة المتوفرة في السوق الروسي ، كما فرضت روسيا على الشركات المختلفة بتحويل 80% من النقد لديها إلى الروبل وأجبرت مستثمري العقار أن يتم البيع بالروبل فقط، هذا داخلياً بالإضافة إلى الاجراءات الخارجية فقد انعكس ذلك على تثبيت بل رفع سعر صرف الروبل مقابل الدولار.

وكردة فعل لجأت البنك الفدرالي الأمريكي (المركزي) برفع سعر الفائدة بواقع 0.75 نقطة مرة واحدة وهي الرفعة الأعلى منذ 1982م وهذه الرفقة المفترض أن تنعكس سلبا على أسعار الذهب لينخفض سعر الذهب وعليه يؤثر سلباً على الروبل الروسي إلا أن ارتدادات هذه القرار لم تحدث فرقا كبيراً بسعر الذهب حتى الأن.

 

الذي يهمنا من هذه المناوشات هو إرتداداته على الإقتصاد العربي والأردني تحديداً ، أعتقد بأن هذه سينعكس علينا بشكل مباشر على سعر الفائدة أولاً كوننا علينا قروض ضخمة والتي ستتأثر برفع سعر الفائدة الفدرالي الأمريكي ، مما ينعكس على حصر السيولة في السوق وقلة الطلب لكن أقتصادنا عجيب فلن يؤثر على التضخم في الأردن كون العوامل التي توثر عليه غير منطقية مثل تسعير النفط ومعادلته العجيبة المبنية على احتياجات الدولة لسد عجز مالي في بند ما لا نعلمه، بالإضافة إلى سيطرة حيتان السوق على قطاعات حيوية مثل المواد التموينية وسعر تعرفة الكهرباء المدعوم للمستثمر على حساب المستهلك فالدولة بحجة السوق الحر لا تتدخل إلا لصالح الحيتان.

اعتقد بانه على حكومتنا التدخل في السوق المحلي بشكل مباشر بكبح جماح تضخم الأسعار فقد استغل العديد من حيتان السوق والتجار هذا الوضع بزيادة ربحه ولا أعمم فهنالك تجار تضرروا من الوضع فقد زادت عليهم كلفة المواد ولم يتمكن من رفع الأسعار وخاصة الخدمية مثل المطاعم وغيرها، فعلى الحكومة التدخل بشكل مباشر ولو بإعادة وزارة التموين لحماية قوت الناس ووقف الاستغلال والاحتكاركما أعتقد بأنها على الجهات الرسمية تشجيع الزراعة ودعم المزارعين أو على الأقل تقليل الضغط عليهم فالمزارعون يعانون الأمرين بالإضافة إلى سيطرة فئة معينة على الخضار والفواكة بالإضافة إلى عدم وجود اسواق مركزية (حسبة) في المناطق الزراعية تدار من قبل الحكومة بحجة السوق المفتوح.

 كما على الناس تغيير العديد من أنماط أستهلاكهم نعم الدخل المادي لا يتحمل تغطية تكلفة المعيشة الأساسية لكن هنالك هدر وسؤ إدارة مالية بين بنود الصرف وإن قل الدخل فنتاج إلى ثقافة إقتصادية فتجد بعض العائلات تعاني من قلة الدخل بينما يمتلك أفرادها هواتف خلوية فاخرة تسدد قيمتها بالأقساط وتجدهم أيضا قد استبدلوا سيارتهم المستعملة ودفعوا قيمتها كقسط أول لسيارة وكالة نعم هنالك خلل في أنماط استهلاكنا ونعم هنالك من يعاني من عدم وجود قوت يومه فهي جميعها ظواهر في مجتمعنا لا يمكن انكارها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.