الحلم يا دولة الرئيس..!


د. مفضي المومني

=

بقلم /د. مفضي المومني.

دولة الرئيس؛ هو لقب بروتوكولي يطلق على بعض رؤساء الدول والوزارات، وفي بلدنا يطلق على رؤساء الوزارات لحكومة جلالة الملك.
وفي الدستور والتشريعات، رئيس الوزراء هو صاحب الولاية العامة، ورأس السلطة التنفيذية، وبعرفنا الشعبي والدستوري الحكومة التنفيذية هي المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة والشعب، ومسؤوله أيضا عن توفير التعليم والخدمات الصحية والإجتماعية والتعليمية والدفاع… وغيرها، ورئيس الحكومة وطاقمها هم من يسأل من جهات الرقابة القضائية والنيابية، حتى لو نفذوا أوامر الملك، لأن الملك فوق المساءلة دستورياً، ولا ننسى المسؤولية الوطنية والأدبية للحكومة أمام الشعب.
سُقت هذه المقدمة، وأنا أطالع في كل مواقع الأخبار والتواصل قضية المواطن المحبوس على ذمة شكوى من رئيس الوزراء، وأنا شخصيا لست مع إغتيال أي شخصية أو المس بأي من أفراد عائلة أي شخصية عامة خاصة إذا كانت المعلومات غير دقيقة أو تستند لإشاعات موجهه، وفي دولة المؤسسات يجب ترسيخ الشفافية والعدالة، وترك أمور المحاسبة للمراكز القانونية، ولكن أغلب الناس لا يثقون بذلك فيأخذون الأمر بيدهم، لأن ( قلبهم مليان على الحكومة)، فكل ما يمس الحكومة ووزرائها ومسؤليها، حقيقة أم إشاعة، مادة خصبة يتم تداولها من الجميع( وبتلف الأردن بثواني)، لأسباب كثيرة أصبحت معروفة للجميع.
وفي المقابل فإن الشخصيات العامة وأصحاب الوظائف العامة وبالذات القيادية وحتى المشاهير، معرضين للنقد دائما، على نتاجات أعمالهم وسلوكهم، وقد يصل النقد والتجريح والإشاعة لحياتهم الخاصة، وعلى من يتولى أمر الناس أن يتصف بالحلم والمسامحة، لأن إستخدامه للقانون تجاه أفراد المجتمع سيوقعه في دوامة من التعاطف الشعبي مع أي فرد يخاصمه قضائياً حتى لو لم يكن على حق، ويريق ماء وجه المنصب للمسؤول والدولة وهي تخاصم ابنائها وتحبسهم.
في بلدنا هنالك من تطاول على الملك وعائلته، من الداخل والخارج، وقانون إطالة اللسان حاضر، وهنالك قضايا تحمس لرفعها جهات مختلفة وليس منهم الملك، بل أن جلالة الملك ترفع دائما عن الرد، وتسعفه بذلك كل الأجهزة لو أراد، لا بل وجه لتجميد والعفو عن من أطال لسانه عليه وعلى عائلته، والإعلامي الشهير وغيرة أمثلة على ذلك، إنه حلم الملوك، ومن قبله الملك الراحل الحسين، وحادثة الضباط الأحرار وعفوه عنهم وعن غيرهم.
دولة الرئيس إمتلاك القلوب أهم من صنع الخصوم، نعم قد تكون صاحب حق قانونياً، ولكن لا نتوقع من دولة رئيس مخاصمة فرد غلبان من مواطنيه حتى ولو أخطأ..! حكوماتنا المتعاقبة أخطأت بحق الشعب الأردني كثيراً بعلم أو غير علم، ولم تتح القوانين لنا إقامة الشكوى عليكم، وإن جرب أحدهم أن يفعلها فمصيرة معروف..!، لأن صدر الحكومات ضاق كثيراً ، ولم يعد يتسع لشكوى أو نقد، وأنخفضت الثقة بين الحكومة والشعب لحدود دنيا ( آخر تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية) تستوجب إعادة قراءة المشهد من جديد.
وصفي التل عندما قابله والد مواطن شاكياً لحبس أبنه لأنه سب وصفي، أخذ قصاصة ورق وكتب عليها( يلعن أبو وصفي اللي بدكو تحبسو الناس عشانه)، مفهوم العلاقة بين الحكومة والشعب يجب أن لا يؤطر في القوانين الجامدة، العلاقة يجب أن يسودها الأبوية والرأفه والحلم والتسامح، ويجب على الحكومات أن تتمثل أخلاق وسماحة الملوك، وأن لا تقزم علاقتها مع الشعب حد الخصومة الفردية مع الإحترام للقضاء، بنميمة من هنا او إشاعة من هناك، ونحن نعرف أن شعبنا في ضائقة وضيق حال وبطالة خانقة، و(فقر مطقع)، فلا تستكثروا على البعض إن نفس عن إحتقانه بكلمة أو بوست أو إشاعة سهلة التداول والتصديق في أجواء إنعدام الثقة، وعجز المسؤول، وضبابية المشهد.
وأقتبس من حكايا السلف ما نتمثله حكومة ومسؤولين وأفراد، عندما يمارس بعضهم التشكيك والإفساد والإشاعة ونقل الأخبار؛ .. إياكم وضرب العلاقات بين الناس، جاء رجل إلى خالد بن الوليد -رضي الله تعالى عنه- فقال له: إن فلانا شتمك، فقال: تلك صحيفته، فليملأها بما شاء.
وقال رجل لوهب بن منبه: إن فلانا شتمك، قال: أما وجد الشيطان رسولا غيرك.
وقال أحدهم لرجل: فلان شتمك، فقال: هو رماني بسهم ولم يصبني، فلماذا حملت السهم وغرسته في قلبي.
وجاء رجل إلى الشافعي -رحمه الله- فقال له: فلان يذكرك بسوء، فأجابه: إذا صدقت، فأنت نمام، وإذا كذبت، فأنت فاسق، فخجل وانصرف.
النميمة والإشاعة واغتيال الشخصية موجودة في كل المجتمعات وعبر العصور، وملاحقتها يفسد العلاقات بين الناس، فما بالك بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم والموشحة بالشك والظنون وعدم الثقة..!
تستطيعون مخاطبة الرأي العام ووضع الحقائق أمام الناس بكل شفافيه عندما يلزم الأمر لمواجهة الإشاعات وما يطلق من أخبار قد تكون موجهة أو فيها تصفية حسابات.
حلمك دولة الرئيس، قضية المواطن أصبحت قضية رأي عام، وما تجنونه من متابعتها أقل بكثير من ضررها عليكم وعلى الوطن، وحتى مع الخطأ إن وجد، فمثلكم يجب أن تسبق الرحمة والحلم لديه العدل… حمى الله الأردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.