الفزّاعة الأمريكية


الدكتور رشيد عبّاس

=

بقلم /الدكتور: رشيد عبّاس

 

أول رئيس أمريكي أستخدم استراتيجية الفزّاعة لإخافة بعض الدولة التي كان يعتقد انها تشكل خطورة على الولايات المتحدة الأمريكية, ومن ثم تحقيق أهداف ومكاسب سياسية واقتصادية هو هاري ترومان, وكان ذلك في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي, واستمرت الفزّاعة الأمريكية تأخذ العديد من الأشكال والألوان المختلفة إلى يومنا هذا, ومع أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتطوير قدراتها العسكري, إلا ان الفزّاعة بقيت سيفاً مسلطاً على رقاب كل من يرفع رأسه في هذا العالم, والسؤال هنا, ما أسباب تراجع الفزّاعة الأمريكية في المنطقة؟

رحلة الفزّاعة الأمريكية بدأت مع الاتحاد السوفييتي مروراً باليابان ثم العالم الإسلامي وصولاً اليوم إلى الصين,..فالحملة ضد الاتحاد السوفييتي كانت لضم اليونان للمعسكر الشرقي وذلك عن طريق الترويج لخطاب سياسي وإعلامي يجعل من الشيوعية فزّاعة تجبر المجتمع الأمريكي على تمويل أي حملة ضدها, ثم تطوّرت هذه الفزّاعة فيما بعد في ثمانينيات القرن الماضي لإخافة الشعب الأمريكي من اليابان ونهضتها الاقتصادية التي ستطيح بالهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة, وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي كانت الحرب على الإرهاب والمسلمين هي الفزّاعة التالية، واليوم نحن أمام فزّاعة جديدة, حيث بدأت تتعالى أصوات من الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى الصين تشكل تهديداً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية.

آخر المستجدات تلك التي عبّر عنها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قبل أيام، حيث صرح قائلاً: (أن روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران تمثل تهديدا عسكريا بالنسبة للولايات المتحدة ودول الغرب بشكل عام), هذا التصريح يكشف بكل وضوح أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش خناق سياسي لم يسبق وأن عاشته من قبل, وأن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول من جديد إخافة العالم العربي وأوروبا بفزّاعة من العيار الثقيل تتمثل بتحالف كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.

يبدوا أن عورت فزّاعة الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بالانكشاف التدريجي, وأن سياسة الداهية الأمريكي هنري كيسنجر القديمة أتجاه الصين والمتمثلة باحتواء الصين وأشراكها في صنع القرار بدلاً من معاداتها باتت سياسة متعثرة اليوم, ناهيك عن محاولة الساسة الإسرائيليين والذين بدأوا يفكرا بالإفلات التدريجي من فلك الولايات المتحدة الأمريكية والانضمام إلى مجموعات اقتصادية جديدة بعيدة عن لغة السيطرة.

فزّاعة الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد مُجدية, وعورت هذه الفزّاعة بدأت بالانكشاف التدريجي مع أول تنسيق سياسي بين كل من (روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران), وأن إسرائيل اليوم ليست بأحسن حال من أمريكا,..إسرائيل اليوم تحاول الافلات التدريجي من فلك أمريكا والانضمام إلى فلك جديد ربما يكون عربي اقتصادي استثماري, من شأنه لملمت التشوهات الاقتصادية التي أصابت المنطقة ككل.

وبعد,

تَشكّل مجموعات دولية جديدة في المنطقة هي الطريق الأوحد لتغيير بوصلة دول تحمل سياسة السيطرة كأمريكا, وبريطانيا, وفرنسا, وإسرائيل.., لتنخرط تلك الدول مع دول تؤسس لاستراتيجيات التعايش المشترك, ومن يتخلف عن هذه التجمعات الاقتصادية سيجد نفسه في نهاية الأمر خارج السرب.. ومن السهل اصطياده.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.