الكرامة…حياة..!


د. مفضي المومني

السلوك الإنساني وصراع الخير والشر قائم ما دامت الحياة، وفي حياتنا قيم تجعل الحياة حياة؛ مثل الكرامة، ودونها يعيش الفرد متسكعا في دروب الذل والهوان، أينما حل أو إرتحل طول عمره.
نتداول كثيرا واحدة من مقومات الحياة الأنسانية وهي الكرامة “Dignity” وتفسرها ويكبيديا: “الكرامة هي حق الفرد في أن يكون له قيمة وأن يُحترم لذاته، وأن يُعامل بطريقة أخلاقية، الكرامة هي موضوع ذو أهمية في كل من الأخلاق والأخلاقيات والقانون والسياسة كامتداد لمفاهيم عصر التنوير للحقوق الطبيعية والحقوق القانونية. يُستخدم المصطلح أحيانا لوصف التصرفات الفردية مثل “التصرف بكرامة”. والكرامة هي في النهاية شعور انساني إما يحافظ عليه الفرد بذاته ومن خلال سلوكاته، وإما أن يُنتزع منه وأيضاً من خلال سلوكاته السلبية أو من خلال مسببات خارجية أفراد أو مؤسسات أو حكومات أو جماعات توصف بامتهانها لكرامة الإنسان بطرق مختلفة، فالكرامة عقد بين الفرد ونفسه إذا سلك ما يحافظ عليها، وشر يستجره إذا كان مسلكه مسيئ ومؤذي لذاته أو للآخرين، وأن يعيش الإنسان دون كرامة فهذه مقبرة الحياة لمن يعي معنى الحياة، لأن فقدان الكرامة يأتي من خلال ممارسات اهمها، الإذلال، والإستغلال، والإمتهان والكذب والتدليس وتدبير المكائد للآخرين ووضع الفرد بصورة العدو والسلوك السلبي نحوه لمصالح شخصية واهنه، وهذه الصور لفقدان الكرامة إما أن تكون فعلاً يمارس من جهات مختلفة كما أسلفت، أو تقع على فرد ذو كرامة فيرفضها بما استطاع، أو يقبلها مقابل مركز أو مصلحة أو وظيفة أو منفعة وغيرها، وهنالك من يقبلها على مضض نتيجة ضعف أو إنعدام القدرة على رد الفعل، وللأسف أصبح فقدان الكرامة لدى البعض شيء عادي..! وهذا سر إنحطاط المجتمعات الإنسانية.
في النتيجة الكرامة عنوان لأي شخصية إنسانية وحاجة من الحاجات الأساسية، لأنه إذا ضاعت الكرامة ضاعت الأخلاق ولحقها الضمير والمبادئ والمثل والأعراف وكل ثوابت الحياة السليمة.
أسوق هذا، ونحن نشاهد مسؤولين وأفراد ديست كرامتهم ويمتهنون أنفسهم ويبيعون ذاتهم وأخلاقهم من أجل أجل مصالح دنيوية زائلة أو منصب ما أو الإستمرار فيه أو العودة إليه… بغض النضر عن كرامة الذات، وهم يعرفون أنهم مكروهون من الجميع وأن نفسياتهم مريضة وسلوكاتهم سيئة..!، وقديما حدثني أحدهم عن والده حيث كانت اكثر مواعظه تكرارا( يا أبني لا تنتظر عودة الكرامة لأحد إذا فقدت)، وها نحن نشاهد من فقد كرامته، ومسح الجوخ، ولعق الأحذية وفعل كل الموبقات ليتشبث بكرسي الرئاسة أو السلطة أو المصلحة، ولم يترك جهة إلا توسط لها بذُل أو تبادل المصالح معها لتبقيه في سلطة لا يستحقها..وليس كفؤً لها..!، أو أن يعود اليها أو لغيرها بعد خلعه منها… ! ويخرج على الناس موزعاً إبتسامات خادعة بالنصر، وفي داخله هو مهزوم وفاقد لأدنى حيثيات الكرامة، الواسطة والنفاق والكذب قد تأخذك للرئاسة أو السلطة أو المنصب ذات واسطه، لكنها لن تضمن لك النجاح… لانك غير كفؤ وفاقد الثقة بنفسك ومهزوم من داخلك، ولا يمكن وصفك إلا أنك مسؤول أو رئيس بدون كرامة، تعيش صراعا في ذاتك، وتشعر في الصغارة وإنعدام الثقة بالنفس كل حين، هذا إذا حدثتك نفسك ذات صحوة عن الكرامة..!، وتمارس ذات الممارسات الذليلة لتحصل علي منفعه شخصية، الكرامة ليست منحة أو قرار من جهة ما…أيا كانت… أصحاب الكرامة الحقيقيون يضحون بكل شيء ليحافظوا عليها… وفاقدوا الكرامة يتنازلون عن كل شيء لقاء منصب أو مال عام يختلسونه ولا تنفعهم كل صكوك الغفران من جهات متواطئة… تلبسهم ثوباً أبيضاً على جسد متسخ… ! سلوكك وسمعتك ومسيرتك الحسنة أو السيئة هي الوسم لحياتك وقديماً قالوا ( إذا طلع صيتك افرش ونام وابتعد عن الأحلام… !).
للكرامة معاني كبيره، إذا فقدها الفرد فقد كل شيء، ولهذا يثور الناس ويحتجون ويهاجرون ويستقيلون من أجل الحفاظ على كرامتهم، ولكن هنالك نوع من البشر، ممن فقدوا كرامتهم، وارتضتها انفسهم المريضة، لأن شخصياتهم أضعف من أن تحمل معاني الكرامة السامية، لا يهمهم العيش بذل التزلف والنفاق وفعل المكائد والموبقات وامتهان الكذب والنفاق ليحققوا أمجاداً وهمية، ما قيمتك يا هذا وما وجودك وإنسانيتك وأنت فاقد للكرامة حتي لو تسنمت أرفع المناصب، ما قيمتك وأين إنسانيتك وأنت تمارس وتحاول إفقاد الآخرين لكرامتهم، فما ترضاه لنفسك من ذل فقدان الكرامة، لن يسوغ لغيرك بأن يقبل بها أصحاب الكرامات ذوي التنشئة الصحيحة، والزمن يثبت دائما إرادة الله؛ بأن كل ظالم سيتجرع من ذات الكاس في الدنيا والآخرة… وأن صاحب الحق لن يسكت ولن يستكين مهما حصل حتى لو استقوى الظالم المفسد بكل السلطات والجهات المتواطئة معه… !.
الكرامة الإنسانية عنوان كبير لنا جميعاً، يدركه كثيرون ويجهله قليلون، ولو وضعناه عنواناً لحياتنا، لما فعلنا أي فعل يحط من كرامتنا، ولا قبلنا بكل ما ينتقص منها لأنفسنا وللآخرين، أصحاب الكرامات يعيشون حياتهم أحياء، وفاقدوا الكرامة يعيشون حياتهم أيضا؛ ولكن أموات في ثياب أحياء، ولو عليت مناصبهم أو واسطاتهم وداعميهم…وكثيرا ما صح المثل؛ عندما ذاب الثلج وانفضح ما تحته…الكرامة حياة لمن يعشقها… وذل لمن يتركها باحثا عن مصالح شخصية زوراً وأموال سحت وحرام يختلسها ليعيش خارج ثوبه. … حمى الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.