ثرثرة فوق المواطنة *


نعيم محمد حسن

=

 

بمناسبة  طرح موضوع  المواطنة  كهُوية أردنية  جامعة:

أعيد نشر ما كتبته  بتاريخ :.  ٩ /  شباط.  /٢٠١٦م 

لعل في ذلك  تغذية راجعة  وعصف ذهني  لٍما  سيجري

أو سيكون محط نقاش مطول  في جلسات البرلمان الأردني  القادمة…

ثرثرة فوق المواطنة *

٩  /. شباط. /٢٠١٦م.

بقلم نعيم محمد حسن. 

=====================================

قبل سنوات معدودة في شمال المملكة، كانت السماء ملبدة بغيوم سوداء يخالطها الحزن والهجران القصري  والاغتراب واللجوء الذي خالطه الدم والقتل والدمار والتشرد. أمطار هذه الغيوم الغزيرة  نزلت على الحدود و شكلت رويدا رويدا نهرا جارفا من البشر… بدأت: مائة… فالف… فعشرة الأف…فمئة ألف… فمئات الأف… فمليون… وأعداد اللاجئين في تزايد مستمر…

حتى أصبحنا البلد الأسرع زيادة في عدد السكان على مستوى الأقليم في المنطقة  إن لم يكن في  العالم، وخلال أقل من خمس سنوات زاد عدد سكان الأردن بنسبة لا تقل عن عشرين بالمئة،  لنجد أن ثرثرةً فوق  (المواطنة) قد طفتْ على السطح وزادت مساحة الصالونات السياسية التي تتحدث عن ذلك. فنجد كتابا من الصف الأول في البلد و على مستوى الوطن و العالم  يكتبون ويتحدثون عن أن  الأردن الكبير يجب أن  يتشكل وعلينا كأردنيين  أن “نهضم المكونات الجديدة  و نستوعبها  من دون أن يتبدل لون الهوية الأردنية أو تفقد خصائصها.”  ويتم مقارنة هذا الاندماج من وحي أن ” أكثر من نصف الفلسطينيين الذين لجأوا للأردن بعدالنكبةوالنكسةاستحقوا حقوق المواطنة عن جدارة” وأنني و إن كنتُ  أتفق مع هذا الطرح في هذه الجزئية فقط، لأن حقوق المواطنة هذه لم تكن أبدا مكتسبة بل كانت جزءا لا يتجزأ من كوننا شعبا واحدا لا شعبين حقيقة واقعة بحكم وحدة المصير والهدف في (قضية القدس وفلسطين) التي هُجر جزءٌ كبير من شعبنا في فلسطين من  أجلها وفي سبيلها، ولأننا في الأردن وفلسطين نعتبر أنفسنا جسما واحد برئتين إن مرضت يمينها صاحت يسارها، فهذه القضية قضيتنا الأولى ولا مجال إلا أن نكون جزء منها  وبالتالي وجدنا أنفسنا أمام خيار واحد،  هو الوحدة الوطنية النابعة من كون مصيرنا ومصلحتنا و هدفنا واحد؛ وهو أن الكيان الصهيوني غاصب و محتل لأرضنا من النهر  إلى البحر و العدو الصهيوني عدو لكل العرب والمسلمين وهذه مسلمة و حقيقية باقية ما بقي هذا الغاصب جاثم على صدر فلسطين التاريخية.

أما المفارقة الأخرى هو  أن يصبح اللاجئ إلينا بسبب فتن و ثورات و حروب داخلية و طائفية في دول شقيقة، مواطنا أردنيا له كل حقوق المواطنة وهذا سبق أن حذرت منه في مقالات سابقة،  فهذا أمر مختلف تماما فنحن لا نعرف ماهية و كينونة هذا القادم إلينا. وعندها طرحت ُ التساؤل التالي: هل نستطيع أن نهضم ونستوعب  الطائفي والمفتتن في دينه وبنظامه الدكتاتوري…؟!!!!ّ

أقول، إننا في الأردن نستقبل الضيف أو اللاجئ العربي المحترم، بكل رحب و سعة صدر لكن هذا الترحيب مشروط باحترام اللاجئ لأمن الأردن و أمن المواطن الأردني . و الذي أقوله أيضا، أنه يجب أن لا يسمح لهذا اللاجئ المرحب به دوما،  بممارسة أجنداته السياسية على أرض الأردن، خاصة المتطرفة أو التي لا تتوافق مع نهج هذا البلد في التسامح والتعايش والتضامن الأخوي الذي يميزنا عن كثير من البلدان العربية.  

 فكيف إذن نمنع هؤلاء اللاجئين من ممارسة أجنداتهم السياسية وفكر(بعضهم) المتطرف إن كنا كسياسيين أو كتابا أو أصحاب قرار نفكر في منحهم حق المواطنة …؟!!! حتى ولو كنا  نتوقع وجودهم بين ظهرانينا  لمدة تزيد عن خمسة عشر عاما. فهذا لا يعني أن نمنحهم حقوق المواطنة كاملة بما فيها الجنسية.

من هنا أعتقد أن الحل الأسلم أن نعتني بهم ونهتم به كضيوف أعزاء علينا  و نطالب بحقوقهم من المجتمع الدولي و نبحث عن حلول سياسية تودي بالنهاية  إلى عودتهم إلى ديارهم سالمين غانمين.

 نعم لماذا لا نضع حلولا سياسية وأمنية واقتراح مناطق أمنة لعودة الضيف العربي  إلى بلادة أمنا مطمئنا. وننائ بأنفسنا  عن حتى التفكير في جعلهم مواطنين أردنيين، خشية أن نندم على قرار يمكن الآن تجاوزه وعدم التفكير به  وإلا سنندم  حيث لا ينفع الندم.  والأردن كبير وسيبقى كبيرا بشعبه الأصيل الطيب، المضياف و المحب للخير لكل العرب بكل أطيافهم، لكن ليس بمكونات جديدة (بعضها متطرف) لا نعرف عنهم شيئا.

 باختصار لا… حتى للثرثرة فوق المواطنة.

amman1959@ymail.com

 العنوان مقتبس عن رواية.

*ثرثرة فوق النيل. للكاتب نجيب محفوظ”

.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.