جمل المحامل أيها الاب


عبد الله العسولي

اي قلب هذا واي حمل هذا الذي يحمله الأب المسكين الذي تجّرع من ويلات الحياة اصعبها. واي هم يستطيع هذا الأب أن يحمل ويتحمل، والذي ولد منذ نعومة اظفاره وهو يقلّب صنوف المعاناة وصعوبات الدهر.

كيف بنى حاله وكيف أسس نفسه وأسس اسرة وبنى بيتا ورُزق بفضل الله وكرمه عائلة كبيرة
كيف ربّى ولبّى وصارع وحيدا متطلبات الحياة وبؤسها للصغير قبل الكبير.. يسجد لله شكرا وحمدا أن قدّره الله على صون أمانة التربية والتعليم وتأمين متطلبات الحياة.

كم من صنوف التحّمل والتفكر في قادم الأيام ما جعلت كثير من الآباء يقضون الساعات تلو الساعات في التفكير في كيفية تأمين لقمة عيش وثمن لباس وقسط جامعة… كم لكثير من الأمهات من دخلت بيوتا تخدم أصحابها وتتحّمل خشونة وقساوة بعض أصحابها وتخفي في عينها دمعة وفي قلبها لوعة وتتحمل نظرات العجرفة والسخرية والتكبر لتأمين حاجة أطفالها ولقمة عيش عائلتها لتعود إلى بيتها بعد عناء وتعب وهمّ جاثم على صدرها وأبنائها لا يعرفون مشقّة العوَز وقيمة ماء الوجه الذي يسيل من وجهها وهي تتلوّى في خدمة أناس قد لا تتكلف أن تجالسهم لولا مرارة الايام.

أيها الأبناء: انتم تنامون وفي صدور والديكم ازيز صدورهم وهموم ونهفات ألم ونشفان أفواه، تتعارك الهموم في صدورهم ولا يستطيعون أن يفرقوا بينها.. تتقلّب أفكارهم وتسوح في هذا العالم المتلاطم امواجه وتتناقل نظرات عيونهم من زاوية إلى زاوية ومن ظلمة إلى وحشة يمضون الدقائق والساعات تتقاطع أفكارهم وهمومهم وطموحاتهم..

هم الآباء أيها السادة الأبناء: الذين تركوا متاع الدنيا وملذات الأطعمة ورحلات السياحة ليزرعوا فيكم بذار خير وغراس محبة.
أيها الأبناء… كم من آبائكم مَن يحمل كيس دوائه المملؤ بأدوية لأكثر الأمراض التي داهمتهم من كثرة التفكير … وكم من عيادات الألم والضغط والسكري التي اعتادوا على التردد عليها حتى أصبحت مزارا لهم كم من أوجاع حيرّة الأطباء في تشخيصها جثمت على قلوبهم المنهك وينطبق عليهم المثل الشعبي(صاحب اللّه ابخهن بيها) … كم من الأنفاس التي يحبها ازيز الم تجرّعوها وهم يلهثون وراء قرض أو منحة أو بعثة يتنفسون الوجع والألم وانتم تنامون حتى الظهر بعد أن تركتم سهرة أصحاب تتفاخرون فيها بمصروف ولباس وخلوي أثقل كاهل والديكم في تأمينه لكم؛ على حساب لباس والديكم الرث وجيوبهم المنهكة.

انتم الأبناء… عليكم أن تعلموا أن كل تعب على وجه والديكم وكل تجعيدة لا يمحوها الزمن ما كانت الا ليمنحوا وجوهكم غضاضة وبشاشة وراحة … فتعاونوا مع والديكم على أن تكونوا بررة بهم وبحبكم ودعائكم وودكم لهم ولا تثقِلوا كاهلهم المتعب فقد عجزت قواهم وخارت معنوياتهم وكُسرت ظهورهم ولا يعرفون كيف سيستمرون في تلبية طلباتكم التي تزداد يوما تلو يوم.
أعيدوا حساباتكم وتعقلّوا وتدبروا اموركم فلا تعلموا ما في قادم الأيام من خداعات الحياة وويلاتها وتدبروا اموركم بأقل التكاليف. فقليل دائم خير من كثير منقطع.
ارفعوا أيديكم بالدعاء إلى الله أن يحفظ والديكم ويمدهم بالعزم والقوة فما في اليوم قد لايكون في الغد وتوكلوا على الله نعم التوكل والله يحفظكم ويرعاكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.