حرب بالوكالة


نسيم العنيزات

تمكن الرئيس الامريكي جو بايدن من اعادة الحياة الى حلف الناتو والحاق الاوروبيين بصفه بعد ان شهدت السنوات الماضية حالة من التململ وشبه التمرد وعدم الرضا عن بعض القرارات الأمريكية خاصة بعد الغاء الاتفاق النووي الايراني من قبل الرئيس السابق مما اغضب بعض الدول الاوروبية خاصة المانيا وفرنسا .
ولتحقيق هدفه وضمان السيطرة الأمريكية ، كان لا بد من صناعة حرب خارج ارضه ودون مشاركته عسكريا تهدد الاوروبيين واجبارهم على العودة الى صفه وبمعنى اخر السير خلفه وتبني قراراته ، كما تفعل بريطانيا ، هذا اولا ، اما ثانيا فهو اضعاف روسيا التي اخذت تتمدد وتجد لها موطىء قدم وتبحث عن مصالحها خارج حدودها .
فكان لا بد من ايجاد ضحية لتحقيق اهدافه ، فكانت اوكرانيا ، هذه الدولة الطامعة بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي والراغبة بالخروح من العباءة الروسية المتربصة بها دائما ، و تهدد وجودها بعد ان احتلت جزيرة القرم وضمها إليها، مبقية بنفس الوقت على تهديدها من خلال تقديم الدعم للانفصاليين في إقليمي « دونباس ومنتيسك « الامر الذي دفع اوكرانيا الى الانجرار الى أمريكا التي قدمت لها وعودا كثيرة بالدعم وعدم التخلي عنها .
وبهذه الحرب ضمن بايدن تحقيق اهدافه واصطاد اكثر من عصفور بحجر واحد ، فبعد ان وصلت القواعد الروسية الى حدود بعض الدول الاوروبية ، دب الرعب فيها فاخذت تتسابق بتنفذ الطلبات الأمريكية دون تفكير وتطبيق العقوبات دون تردد او مناورة ، وكذلك تقديم جميع اشكال الدعم العسكري لكن دون رغبة او نية في المشاركة المباشرة ، حتى لا تصل النار الى أراضيها .
كما ضمن عدم خروج روسيا من المعركة كما كانت قبلها حتى ولو انتصرت ، لانها ستخرج بجسم منهك ومثخن بالجروح خاصة في الشأن الاقتصادي بعد العقوبات التي فرضت عليها ، التي يبدو انها لن تتوقف عند هذا الحد، حيث يسعى الرئيس الامريكي الى عزلها عالميا من خلال حرب اعلامية تشن على جميع الجبهات وفي كل الاتجاهات لحشد تأييد دولي وعالمي بعد ان سلط الضؤ على الشأن الإنساني والأخلاقي وإظهار انها دولة غير مسؤلة وتنتهك القرارات الاممية خاصة في الشأن الإنساني والمنشأت النووية ،
وها هو رئيس محكمة الجنايات الدولية يعلن عن بدء التحقيق حول وجود انتهاكات انسانية واستخدام قنابل محرمة دوليا ، وكذلك الادانات المستمرة من معظم المنظمات الحقوقية والإنسانية وغيرها بعد ان نجحت أمريكا في تحشيد العالم ضد روسيا ، مما يذكرنا فيما جرى للعراق في تسعينات القرن الماضي وكأن المسلسل يعيد نفسه بنفس الأسلوب والطريقة.
وكذلك موافقة اكثر من 145 دولة على عقد اجتماعا للجمعية العمومية للامم المتحدة لاصدار قرار يدين روسيا على الرغم من عدم الزاميته الا انه يشكل نقطة أخلاقية ويعكس اجماعا دوليا .
انها حرب بين أمريكا البعيدة وروسيا التي وجدت نفسها مضطرة داخل معركة لن تكون لصالحها حتى لو حسمتها عسكريا ، كما انها لن تكون لصالح اوكرانيا التي انطبق عليها المثل «كالمستجير من الرمضاء بالنار»
انها حرب لن تنتصر فيها روسيا ولن تحقق اوكرانيا أهدافها لانهما ستكونان الدولتين الأكثر خسارة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.