دجاج متقاعد ضمان اجتماعي


محامي محمد صدقي الغرايبة

=

قبل أيام وأثناء مروري من إحدى القرى شاهدت بكب نيسان جونيور محمل بأقفاص مليئة بالدجاج البياض الذي كانت تظهر عليه علامات الشيخوخة والإنهاك رغم وزنها الزائد وكانت الدجاجات على غير عادتها ينتابها الصمت والشعور بالخوف الذي يظهر عليهن من حمرة اجسادها التي تعرت تماما من الريش جراء الكد والتعب والاباضة ليلا ونهارا وخوفهن من المستقبل الآتي الذي يشبه إلى حد كبير مستقبل زميلاتهن من الدجاج اللاحم .

تلك الدجاجات اللاتي افنين اعمارهن وزهرة شبابهن في الإنتاج اليومي لبيض المائدة تم مكافئتهن في نهاية الخدمة من قبل اصحاب المزارع بأن تم بيعهم للتجار بأرخص الأثمان كي يتجول بهن ومن ثم بيعهن لأبو العيال الذي تآكل راتبه وانهكته ضرائب الخصاونه ومن سبقه ولحقه حيث يلتقف عدد غير محدود منهن على اعتبار أن السعر فرصة لن تعوض وفي نهاية المطاف يتم ذبح الدجاجات على قارعة الطريق لتمارس رقصات الدجاج البهلوانية على الطريقة التقليدية لما قبل اربعة عقود من الآن .

حال الدجاج البياض كحال الموظف الذي يهرم وهو يعمل دون كلل أو ملل وفي نهاية المطاف يهوي الى بيته منتوفا بلا ريش يغطي جسده فيقف عاريا أمام أهوال الرياح العاتية التي تقصف جسدة بلا شفقة او رحمة واولها مصاريف ابنائه وطلاب الجامعات والمدارس وما يترتب عليها من تبعات … فلا وظيفته اسعفته ولا خدمته انقذته وبات يرقص شاحدا بين الناس مذبوحا من الألم .

رحم الله الشاعر حينما قال :
لا تحسبني ارقص بينكم طربا فالديك يرقص مذبوح من الألم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.