رحم الله القرضاوي


معتصم مفلح القضاة

=

المرة الوحيدة التي رأيت فيها الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله كانت يوم تكريمه بجائزة دبي للقرآن الكريم، إذ اختارته في عام ٢٠٠٠م شخصية العام الإسلامية.

كان تكريمه رحمه الله بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. الذي أبدى حينها شكره وإعجابه بقرار اللجنة المشرفة على الجائزة باختيار القرضاوي – رحمه الله – وقال فيما أذكر: مع انني لم أتدخل في قرار اللجنة إلا أنني كنت أتمنى أن تكون اختيارهم.

القرضاوي – رحمه الله – ألقى كلمة ارتجالية بهذه المناسبة شكر فيها دولة الإمارات على هذا التكريم الذي جاء رداً على بعض حاخامات اليهود الذين طالبوا حينها بمنع دخول القرضاوي – رحمه الله- إلى أمريكا.

كلمة القرضاوي أيضاً شملت مسيرة حياته الصعبة التي عاشها في صغره مرورا باعتقاله والتضييق عليه ، كما شملت دعاءه بالهداية والمسامحة لمن أساء إليه وأنه لا يفتي بناء على ما يطلبه الناس وإنما عن قناعة وبصيرة ، وفق قواعد واضحة تمزج الفقه والدعوة بمزيج واضح المعالم.

الملفت في ذلك اليوم ما قاله الشيخ محمد بن راشد للشيخ القرضاوي – رحمه الله – : إن واجب علماء الدين تصحيح أخطاء السياسيين، يا شيخ انصحهم ولا تخاف.
هذه المناسبة هي الوحيدة التي رأيت فيها الشيخ رحمه الله مباشرة ، وأحببت أن أستهل بها وأنا أكتب هذه الكلمات لما فيها من دلالة ، فثبات الشيخ على منهجه الوسطي كان ملازماً له في كل المناسبات فقهاً ودعوة، سياسةً واقتصاداً ولا يملك أحد الحق في أن يسلب الشيخ وقوفه بمسألة – أي كانت – لأن موقفه له أصول وهو وإن خالف الكثيرين إلا أنه تخلق بكل أدب حسن، وناقش بالحجة والبرهان دون مجاملة أو محاباة.

رحم الله الشيخ فهو اليوم بين يدي الحق جل شأنه لن ينفعه عمله بقدر ما ينفعه إخلاصه ، ولن ينقص من قدره أمام ربه مدح مادح ولا شماتة شامت.

ويبقى إرثه شئنا أم أبينا إرثاً أدبياً علمياً شرعياً رصيناً يستحق أن يدرس على جميع المستويات.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.