في وداع فارس من فرسان عجلون


منذر محمد الزغول

=

تاريخ نشر المقال/  19-01-2021

 

عرفته منذ سنوات طويلة خلت، كنا نستمد منه العزيمة والطموح، فالابتسامة الجميلة  كانت لاتفارق محياه، وإذا غضب لأي سبب كان، فغضبه رحمه الله لا يتجاوز الدقائق أو الساعات، وسرعان ما يكرر جمتله المعهودة والمشهورة ( لا حول ولاقوة إلا بالله، وحسبناآ  الله ونعم الوكيلآ آ  ) ليستعين فيها على كل ما يواجهه من عثرات هذه الدنيا الزائلة .آ 

 

كان التسامح من أكثر الصفات المعروفة عن المرحوم الوجيه الحاج إبراهيم الزغول ( أبو النور ) وما عرفنا عنه إلا أنه كان يبدل السيئة بالحسنة ليس لضعف ولكن لأنه يؤمن كل الإيمان أن هناك رب غفور يقتص من الظالمين ، و يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وكان دائماً يردد إن إشاعة وشائج المحبّة والتسامح والألفة بين الناس هو أسمى شيء في الوجود.آ 

 

وإذا ما نادى المنادي لإصلاح ذات البين وإغاثة الملهوف لم يسبقه إلى ذلك أحد ، فكل من عرف المرحوم عن قرب يعلم تماماً  أن أحبّ الأعمال إليهآ  أنه كان يعتبر إصلاح ذات البين عبادة يتقرب فيها الى الله، وكان شعاره دائماً وأبداً قوله تعالى ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) ،، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة).

 

كان رحمه الله من أهل الحكمة والثقافة العالية ، فإن جالست الشيوخ وأهل الرأي وجدته بينهم ومعهم صاحب مشورة ورأي سديد وإذا ما التفت إلى الشباب وجدته معهم وبينهم يوجه ويرشد مرة ويسدي النصيحة لهم تارة أخرى ويأخذ بأيديهم ديدنه احترام الكبير والعطف على الصغير، شيمته التواضع، ورأس ماله عزّة نفسه وكرامته.

 

الحديث يطول ويطول عن هذه الشخصية العجلونية التي أحبّها الجميع ، ولكني اليوم أعترف أننا لم ننصف المرحوم في حياته رغم سجله الحافل بالعمل الخالص لوجه الله تعالى وخاصة في مجال إصلاح ذات البين وخدمة محافظة عجلون والوطن ، فاليوم عجلون كل عجلون ودعت فارساً شهماً أصيلاً من فرسانها النبلاء، الذين ما عرفنا عنهم إلا أنهم كانوا خير سند لعجلون وقضاياها وهمومها، وما هادنوا على أي حق من حقوقها ، بل على العكس تماماً فإن المرحوم كان ذلك الرجل المقدام الشجاع الذي ما عرفت أو سمعت عنه أنه هادن أو جامل المسؤولين بأي حق من حقوقنا.

 

فإلى جنات الخلد أيها الأخ الكبير و الرفيق والسند والعزوة ، وعزاؤنا أنك تركت بيننا آ فرساناً سيسيرون على دربك بإذن الله تعالى،آ  وإرثاً كبيراً من العمل والعطاء والإنجازآ  سنبقى نتحدث عنه ما حيينا بكل الفخر والاعتزاز ، أمّا مكانك في العشيرة والمحافظة فسيبقى فارغاً ولن نستطيع أن نملئهآ  مهما حاولنا أن نقدم ونبذل، ولكننا سنواصل المسيرةآ  المباركة التي بدأناها معاً، وكلما حاول اليأس والإحباط أن ينال من عزيمتنا، سنذكرك ونذكر عزيمتك وهمتك التي ما لانت ولا استكانت يوماً، لنتمكن من مواصلة المشوار.

 

أسال الله العلي آ القدير أن يتغمدكآ  بواسع رحمته وأن يسكنك فسيح جنانه مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ غڑ وَحَسُنَ أُولَظ°ئِكَ رَفِيقًا، ولا نقول إلا كما قال رسولنا الكريم إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أخي العزيز لمحزونون.

 

والله من وراء القصد من قبل ومن بعد…

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.