قِيَمُ المجتمع الأردني


د. عزت جرادات

=

بقلم / د. عزت جرادات

*من ذكريات المطالعة للصف الرابع الأبتدائي في الخمسينيات من القرن الماضي، أتذكر ثلاث قصص

– الحب الأخوي:

قصة أخويْن، أعزب وربّ أسرة، عندما جاء موسم الحصاد، كان الأعزب ينقل من بيدره إلى بيدر أخيه، فهو يعيل أسرة وبحاجة للمساعدةز أما ربّ الأسرة فكان ينقل من بيدره إلى بيدر أخيه، فهو مقبل على نفقات تكوين أسرة، وتزامن من أنْ التقيا كل يحمل من بيدره إلى بيدر أخيه.

-جيرة أبي دُلَف:

تراكمت الديون على مواطن، فقرر أن يبيع داره، وأعلن أنها بمائة وعشرة آلاف درهم. تجمّع المشترون… وقدّروا الدار بعشرة آلاف درهم. فأجابهم: أجل هو بعشرة آلاف، وجيرة أبي دلف بماية الف. وكان- أبو دلف- موسراً وصاحب بذل وعطاء، فما أن علم بالأمر حتى جاء وسدّد ديون جاره.

-سليم صديق العالم:

قصة ذلك المواطن الذي كان يوجد حيث تكون مشكلة إجتماعية في المدينة: مساعدة ذوي الحاجة، إنقاد الغارمين، رعاية كبار السن، حماية الأطفال، تسوية النزاعات بين المتخاصمين، إستضافة الغريب، جابر عثرات الكرام… إلى آخر المنظومة الاجتماعية.

*تذكرت هذه القصص، وما تحمله من قيم سلوكية وعادات إجتماعية وتعاملات حياتية مع الأحداث…

كانت الأسرة متآلفة متحابة متعاونة فهي الأسرة الأبوية الممتدة: الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد في فلَكٍ واحد، يجمعهم حب الخير والتسامح والبرّ والتعاون. فكانت روح الحبّ الأخوي ترفرف في موئلها، وإذا مسّ فرداً من أفرادها قرحٌ يتداعى الآخرون سباقاً للرعاية والوقاية.

*أما الأمن الإجتماعي فكان دافعه حُسن الجوار وفكُّ الكرب، وتبادل الودّ، والتسامح وحل المشكلات الطارئة بالسلوك الهادىء والتسابق للإعتذار قبل أن ينادي العالم بالحوار.

*وأما مجتمع التآلف والتعاون وتقديم العون والهبّة لرأب الصدع فقد وُجد قبل أن ترتفع مطالب التعايش والإنسجام والتفاهم، فالأواصر الإجتماعية من النقاء والصفاء والمتانة أقوى من أيِ خلاف.

*أنني على يقين أن الأحداث المتلاحقة التي هزّت المجتمع الأردني في الآونة الأخيرة، ستكون جرَسَ إنذارٍ وتذكير بقيم المجتمع الأردني الذي سوف نشدّه إليها: فيتلاشى إلى غير رجعة ذلك العنف الذي زعزع الأسرة الأردنية، والأواصر والسلوكيات الإجتماعية في الأسرة الأردنية الكبرى.

فالقيم الأصلية المتجذرة في المجتمع الأردني ستُبعث بأصالة ونقاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.