لماذا تأخر النصر يا غزة؟


عبدالخالق الفطيمات

بقلم / عبدالخالق الفطيمات  

لقد دام الصراع العربي الفلسطيني ولا زال منذ سبعين عام ونيف. وخلال هذا الصراع تراكمت الهزائم على نفسية الإنسان العربي والمسلم لدرجة اليأس من النصر. ومما زاد اليأس يأساً هو تدحرج من يدعوا بأنهم حماة قلعة الإسلام على عتبات الصهيونية للتطبيع معهم، وبيع ما تبقى من القضية. مواجهة تلو مواجهة وفي كل مواجهة كان ينزف من الدم الفلسطيني ما يكفي لري أرضها. فلماذا الآن كان النصر؟ ألم ندعي الله ليلاً نهاراً بأن ينصرنا؟ ألم نكن أهل للنصر في ذلك الحين؟ أردت أن أفهم مراد الله من تأخير النصر لهذا اليوم. فلفت انتباهي رحلة سيدنا موسى عليه السلام بمعية عبد الله الخضر في سورة الكهف. فعرفت أن هناك حقائق باطنة قد تنكشف مباشرة بعد الحدث وهناك أسرار قد يكشفها الزمن بعد حين وهناك ما الله به أعلم وقد لا يُتاح للبشر الاطلاع عليه أبداً ولكن قد يعيشوا أثره الطيب. 

راجعت دورة الصراع العربي الإسرائيلي بِعُجالة على مدار السنوات الماضية فوجدت أن النصر لو تم في السنوات الماضية لكان هناك اختلالين جوهريين مترابطين:

الاختلال الأول كان يتمثل  بأن المنتصر الحقيقي سيُهضم حقه، وأن نصره سيُختطف منه. ذلك لأن المواجهة في السنوات الماضية كانت تختلط فيها العقائد، فهناك من يقاوم بالعقيدة الوطنية وآخرون قوميون، وآخرون حقوقيون وثوريون، ثم هناك من يقاتل بعقيدة دينية صادقة. فلو حصل النصر في تلك الأثناء لخطفت تلك التيارات المقاومة ثمرة النصر ولضاع جهد المجاهدين والمرابطين في التيار الأقوى والأصدق وهم التيار الإسلامي، ثم أنه لن تلبث تلك التيارات بالانقلاب على التيار الديني وتنطلق لتسير في ركب الضلالة العالمية والعلمانية، ولقضي على التيار الإسلامي الصادق برصاص أبناء جلدتهم من التيارات القومية والسياسية الأخرى. (هذا السيناريو لا زال قائماً وهو مطروح على الطاولة على مستوى الجماعات وبعض الدول العميلة وعلى مستوى المجتمع الدولي المنافق للقضاء على التيار الديني المجاهد المرابط في فلسطين). لذلك كانت إرادة الله أن ينعزل فيها التيار الجهادي العقدي في بقعة منعزلة وبعيدةً عن تأثير أي من التيارات الأخرى حتى يكون النصر خالصاً لمن يحملوا في صدورهم عقيدة التوحيد الخالصة والتي تنبثق منها عقيدة الجهاد الصادقة. هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإن النصر لو حدث قبل هذا الوقت حيث وسائل الاتصال والتواصل محدودة، والإعلام أسير السياسة العالمية والعلمانية لجاء ذلك النصر نصراً مشوهاً، وما كنا لنعرف كيف تم النصر المبين من فئة مؤمنة مرابطة قلية على قوة عالمية باغية.

أما الاختلال الثاني المرتبط بما سبق فهو متعلق بإسقاط مصداقية النص القرآني (وهذا حاش لله أن يحدث). فالله سبحانه وتعالى يقول (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا). فهو لن يبعث على اليهود فئات كالقوميين ولا الوطنيين والا اليساريين ولا الليبراليين وإنما هم عباد لله. لذلك كان لزاماً على تلك الفئة التي تحقق النصر المبين أن تكون هويتها العامة هي هوية دينية بحته خالصةً بجهادها تعبداً لله وليست لأي مما تقدم ذكره من المسميات والأسباب. لذلك مَهدَ الله الأسباب لحماس وفصائل المقاومة المجاهدة لأن تنعزل في غزة لتنطلق منها راية النصر المبين وراية الفتح القريب الذي ندعوا الله أن يكون قريب. هذا والله أعلم.    

 

2 تعليقات

  1. د. هاني صلاح يقول

    لا فض فوك أصبت كبد الحقيقة جزاك الله خيرا وسدد على الخير خطاك فلقد آن الاوان ان نعلنها اسلامية إسلامية لا شرقية ولا غربية إسلامية إسلامية

  2. محمد خزاعله يقول

    تحليل جميل وواقعي والدلاله على ذالك البارحه قاموا بطرد خطيب المسجد الاقصى التابع للحكومه الفلسطينيه يعني الامم بلشت تصحى اول وقبل هيك كان اي انتصار بسيط ينسب لعباس وزمرته ابدعت صديقي العزيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.