ماذا بعد :


محامي محمد صدقي الغرايبة

 

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاخبارية الالكترونية فيديو يبين قيام ضابط من مديرية الامن العام وبرفقته طاقم دورية قاموا بالتعامل مع احد افراد القوات المسلحة بطريقة غليظة لا تتناسب وحجم المخالفة التي ارتكبها وهي بذات الوقت تشكل خروجا عن المألوف في تعامل افراد الامن العام مع القضايا التي لا تدخل ضمن اختصاصهم الوظيفي سيما وان رجال القوات المسلحة ومن في حكمهم يخضعون لأجراءات مختلفة عن تلك التي يخضع لها الاشخاص المدنيين من حيث القاء القبض و التحقيق و اجراءات المحاكمة وكذلك القوانين التي يخضعون لها والجهة القضائية التي يحاكمون امامها ناهيك على ان العرف الدارج والاجراء المتبع في هكذا مسائل يكون بالرجوع الى غرف العمليات واستقاء الاجراء القانوني منهم من خلال ابلاغ الشرطة العسكرية صاحبة الاختصاص في القاء القبض والتعامل مع العسكريين وهو امر معروف ويعتبر من ابجديات العمل الامني الامر الذي يتطلب معه اعتبار هذه الحادثة بمثابة اشارة الى جهاز الامن العام العريق بضرورة اعادة ترتيب اوراقه المتعلقة يتدريب وتأهيل الكوادر البشرية من خلال برامج هادفة تلامس احتياجات الفئات المستهدفة من خلال استقاء الاحتياجات التدريبية من واقع العمل الميداني وليس من خلال البرامج القديمة التي لم تعد تصلح في مجملها للتعاطي مع الاحداث المتسارعة بسبب اعتمادها ربما على التدريب التقليدي دون مراعاة لحجم الانتاجية ولمخرجات العملية التدريبية وهو ما يؤدي الى بروز العديد من الاخطاء الفردية والجماعية اثناء تنفيذ الواجبات .

الامر الاخر الذي ينبغي الاشارة اليه يتمثل بقيام طاقم الدورية باتهام العسكري بمقاومة رجال الامن العام في الوقت الذي لم يبد فيه ذلك الشخص اي نوع من المقاومة او العنف ولولا قدر الله ووجود التصوير المسجل للكاميرات لربما فقد العسكري وظيفته جراء هذا الاتهام حيث نصت المادة (185) :
1. من قاوم موظفا أو عامله بالعنف والشدة وهو يعمل على تنفيذ القوانين أو الأنظمة المعمول بها أو جباية الرسوم أو الضرائب المقررة قانونا أو تنفيذ حكم أو أمر قضائي أو أي أمر صادر من سلطة ذات صلاحية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة إذا كان مسلحا وبالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر إذا كان اعزلا من السلاح.ونصت المادة (9) :قانون العقوبات العسكري :
أ . يعاقب كل من عصى اوامر رجال السلطة العسكرية او المدنية اثناء ادائهم لوظائفهم بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنة اذا كان الفاعل دون سلاح وبالحبس من ستة اشهر الى سنتين اذا كان الفاعل مسلحا .
وعليه ينبغي على جهاز الامن العام وعلى السلطة القضائية ممثلة بالنيابة العامة على اختلاف انواعها واختصاصتها تكليف الموظف الذي يدعي على اي شخص بمقاومة رجال الامن العام او رجال السلطة العسكرية او المدنية باثبات ادعاءه بكافة وسائل الاثبات وليس فقط بكتابة الضبط والوقوف امام القضاء كشاهد للحق العام كما يجري حاليا بعدما ثبت للجميع ومن خلال الفيديو ان هذه التهمة قد تكون محلا للتجني والتسلط من قبل البعض ممن لا يدركون عواقب هذا الامر الدينية والدنيوية .

كنت اتمنى على مدير الامن العام عطوفة الباشا حسين الحواتمة إن كان ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي صحيحا في اصداره الاوامر بحبس طاقم الدورية ان يتريث قليلا وان يحيل الامر الى قضاء مديرية الامن العام والى النيابة العامة الشرطية صاحبة الاختصاص في النظر والفصل بالجرائم والمخالفات التي يرتكبها افراد جهاز الامن العام على اختلاف صنوفهم ورتبهم وان يكون قرار الحبس صادر عن المستشار العدلي النائب العام الشرطي او ايا من المدعين العامين التابعين له .

ان الاستمرار باعتبار الاخطاء التي ترتكب من قبل البعض على انها اخطاء فردية دونما اعتبار لحجم الاساءة التي تترتب على جهاز الامن العام وعلى المجتمع المتأثر من هذه الاخطاء ربما سيدفع الكثيرين الى التمادي وعدم الاعتبار مما قد ينجم عن تلك الاخطاء وسيؤدي مستقبلا الى مزيد من الاخطاء التي ربما ستكون مؤذية للمجتمع والافراد ومؤذية للجهاز على اوسع نطاق .

حمى الله الاردن وحمى الشرفاء الغيورين من العاملين في جهاز الامن العام وادام اله جهازنا الامني وقواتنا المسلحة ذخرا وسندا ومعينا ومغيثا لكل ملهوف

والله من وراء القصد

التعليقات

  1. حازم الصمادي يقول

    أحسنت النشر صديقي لا يجوز الاستمرار بإعتبار التجاوزات على الحقوق من قبل أفراد الأمن العام تجاوزات فردية فقد تعددت وان تصل للإعتداء على عسكري مرتديا زيه يدل أن هناك خللا في فهم و إستعمال السلطة المخولة للأمن العام فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.