معضلة إختيار رؤساء الجامعات…!


د. مفضي المومني

=

بقلم / د. مفضي المومني.

مقال كتبته قبل سنة… وبعد التشكيلات الأخيرة لرؤساء الجامعات، والتي أحدثت صدمة في الأوساط الأكاديمية والشعبية، حد اليقين بأننا لم نسلك الطريق الصحيح بعد في تطوير التعليم العالي، وأن التطوير لا يعدو أن يكون إجتهاداً من وزير أو تدخلاً من جهات أخرى، وأن مجلس التعليم العالي محيد فيما يبدو..! ونتمنى أن يفتح عيونه على الوضع جيداً ويقرأ المشهد بعين المحلل ويضع الخطة المتكاملة للإصلاح… وغير ذلك ( أبشر بطول سلامة يا مربع)..وتاليا ما كتبت لعل وعسى:
لا أحد ينكر دور رئيس الجامعة وتأثيره في رفعة وتقدم جامعته إذا كان صالحا لذلك، ولست في معرض ذكر الصفات التي يجب أن يمتلكها رئيس الجامعة الناجح والتي نحفظها عن ظهر قلب وفي التطبيق نخفق..!، وهي التي يجب أن تتوج بالإدارة الحصيفة، التي تستطيع تحقيق نتاجات فعليه وليست وهميه هلامية في مجال، التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، والجامعة المنتجة، إضافة لأدوار ومهام يجب أن تحققها الجامعات في السمعة والتصنيفات العالمية الرصينة، وأستقطاب الطلبة الأجانب وغير ذلك من الأمور.
مر بتاريخ جامعاتنا الأردنية قيادات جامعية لا زلنا نذكرها ونتذكرها (Figures) شخصيات وقيادات لها كاريزما وتأثير، وللعلم لم تمر من خلال الطرق ولا اللجان المستحدثة لمجلس التعليم العالي، كان يتم الإختيار من خلال عقل الدولة ومعرفتها بالرجال والأكاديميين، ولا أعتقد أن أيا منهم توسط ليكون رئيسا…وأْحجم عن ذكر الأسماء كي لا أنسى أحدهم وكلهم قامات أطال الله بعمرهم ورحم من رحل منهم.
منذ سنوات ونحن نخفق في خياراتنا و لجاننا وطرق تعيين رؤساء الجامعات، والمشكلة الكبرى رغم كل الإنتقادات والإعتراضات والخيبات والفشل الذريع لبعض الرؤساء إلا أن مجلس التعليم العالي لم يصل لإعتماد آلية واضحة ورصينة لأختيار رؤساء الجامعات، وحدث ولا حرج، مره بالأعلان والتقدم للمترشحين، مرة أخرى من خلال لجنة تختار دون تقدم المتنافسين، ومرات بين هذا وذاك، وتردد وتغيير اللجان والآليات كما حدث منذ فترة، ولا ننسى تغيير الشروط والعبث فيها لخدمة س أو ص، وفي كل مرة نكتشف أن الإختيارات في أغلبها غير موفقة، وربما كان هنالك دور لجهات غير أكاديمية بفرض رئيس هنا أو هناك، في النهاية وعندما تذهب للجامعات تسمع العجب العجاب لسلوك بعض الرؤساء وفشلهم الذريع في إدارة جامعاتهم، وبعضهم لم يمضي فترات بسيطة لا تتجاوز نصف مدته، ولا ننسى تجربة نقل رؤساء الجامعات والتي أثارت الوسط الأكاديمي في حينه، ولا أنسى نجاح بعض من تم أختيارهم في قيادة جامعاتهم بشكل جيد، مع علمنا بقصر يد رئيس الجامعة عن العمل ضمن مديونيات تؤرق جامعاتنا ولا تترك للإبداع مكانا لأي رئيس، والبعض لشح الإنجازات يصنع وهما ويسوقه وتنكشف الأمور بعد مغادرته… !
إقتراحي والذي آمل أن يتم دراسته، رئيس الجامعة على أهمية المنصب لماذا لا يكون بالإنتخاب من خلال أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة، بحيث توضع شروط لمن يحق لهم الترشح من داخل الجامعة فقط، أو أن يتم تعيينه بالإختيار من أساتذة الجامعة نفسها، من قبل مجلس من أكاديميين خبراء بشفافية ودون تحيز بعد دراسة سيرته الذاتية وسمعته الإدارية والأكاديمية، او من مجلس التعليم العالي بعد تغيير تشكيلته الحالية والتي يغلب عليها الرأي الحكومي من خلال ممثلي التعليم العالي ومجلس الإعتماد والثقافة العسكرية ووزارة التربية، ولا نجد تمثيلا للجامعات فيه، والإقتراح الأنسب لتشكيلة مجلس التعليم العالي هو أن يكون فيه تمثيل نسبي للجامعات الحكومية والخاصة إضافة لأغلبية من الرموز الأكاديمية ذات الخبرة والتي تتصف بالشفافية والحيادية وإنعدام المنفعة، بحيث تكون القرارات والسياسات وطنية وليست مصلحية ولا تخضع لوزير أو أي جهة أخرى، عندها سنركن إلى أختيار هذا المجلس، لأنه سيكون منزه عن أي غاية او توجيه أو خضوع لواسطة.
يجب أن نغير أدواتنا ونحن نرى أننا لا نتقدم، ونختزل إصلاح التعليم العالي بأختيار شخص رئيس الجامعة، والحقيقة أننا بحاجة لثورة بيضاء في نظامنا التعليمي وخاصة التعليم العالي، فقد سبقنا كل من حولنا، وما زلنا نتأبط شراً… ونبحث بين بعض الشخصيات الأكاديمية التي لا تصلح أن تكون في الصف العاشر لنضعها بالصف الأول، ونترك العشرات من الأكاديميين المميزين إدارة وعلما وشبابا وطموحا… ! أي نجاحات سنصنع لجامعاتنا ضمن هذا التخبط الممتد منذ سنين خلت..! والمشكلة أننا نتفنن بتكرار الأغلاط بدل أن نتعلم منها، الإصلاح فعل وتخطيط وأستراتيجيات يجب ان تعمل له، ولا تنتظر أن يبحث عنك، يا صاحب القرار… حمى الله الأردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.