ادغال العالم تغزوا الاتحاد الأوروبي !!!


الدكتور موفق العجلوني

بقلم  السفير  الدكتور موفق العجلوني

المدير العام

مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

 =========================

قرأت بعناية فائقة بيان مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، السيد جوزي بوريل، والذي يعتذر فيه عن تصريحاته المثيرة للجدل الأسبوع الماضي، وقال إنها أُخرجت من سياقها وأسيء فهمها ، والذي جاء فيها ان أوروبا “حديقة”، وبقية العالم “أدغال”، وحذر من أن تغزو “الأدغال” تلك “الحديقة“.

 

دعنا أقول لكم يا سيدي لا داعي للاعتذار، فقد عقد ادغال أوروبا مؤتمراً كامبل عام ١٩٠٥، واستضافوا أحد الادغال الكبار، وأطلقوا عنانة بتوجيهات “داغلية” لاغتصاب ارض فلسطين واستعمار العالم العربي ونهب خيراته. واذكر معاليكم بوثيقة كامبل السرية، وثيقة الادغال الذين تجاهلتَ ذكرهم، دعني اذكر معاليكم ما جاء في هذه المذكرة:

 

“إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار! لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات”. يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان“.

 

وأبرز ما جاء في توصيات ادغال كامبل في هذا المؤتمر:

 

إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة، ويجب تقسيم دول العالم بالنسبة للأدغال إلى ثلاث فئات:

 

 

  • الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية ( دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ) والواجب تجاه هذه الدول هو الدعم ماديا وتقنيا.

 

  • الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها) والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمكانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا عليها وعلى تفوقها.

 

  • الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية ومحاربة أي توجه وحدوي فيها.

 

ولتحقيق ذلك، دعا المؤتمرون (الادغال) إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب الا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة.

 

 كما دعا المؤتمرون إلى فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.

 

 لدي أسئلة معالي الوزير:

 

  • من هم الادغال الذي منحوا تفويض ليس لهم به حق لاغتصاب فلسطين و تشريد أهلها و اقتراف الجرائم بحقهم! ؟
  • من هم الادغال الذين اشرعوا سيوفهم في حديقة المغرب العربي (ليبيا و تونس والجزائر والمغرب و موريتانيا) !؟
  • من هم الادغال الذين دمروا حديقة بلاد ما بين النهرين ” ميسسبوتاميا” ونهبوا خيرات العراق !؟
  • من هم الادغال الذين دمروا حديقة بلاد الشام و دمروا سوريا و اوصلوا لبنان الى ما وصل اليه !؟
  • من هم ادغال الحروب الصليبية الذي قتلوا الملايين من المسلمين والمسيحيين.
  • من هم الادغال الذين خلقوا داعش وقدموا لها المال والسلاح!؟

 

 

عاثوا ولا زال ادغالكم يعيثون فساداً في حديقة الشرق الأوسط. و يبدوا ان عدالة السماء قد عادت بأدغالكم اليكم ، وما نراه في هذا العالم من حروب هنا و هناك ، يبدوا ان الادغال عادت الى أعشاشها و جحورها التي انطلقت منها .عليكم أيها الأصدقاء ان تأخذوا الدروس والعبر ، و تكفروا عن ماضي أدغالكم ، لان المكر السيء لا يحيق الا بأهله” و يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين ” صدق الله العظيم.

 

 نعم اتفق مع معكم سيد بوريل انكم بنيتم حديقة من الحرية السياسية والرخاء الاقتصادي والترابط الاجتماعي، لكنكم دمرتم و حرقتم و جرفتم حدائق الشرق الغناء، و لا زال ادغالكم يمارسون كل الجرائم و يحرقون كل الحدائق و البساتين و يبنون الجدران العازلة حول حدائقنا التي سلبوها و يقتلعون أشجار التين والزيتون .

 

اتفق معكم سيد بوريل ، على الأوروبيون  أن يكونوا أكثر انخراطا مع بقية العالم ، وان تكون العلاقة علاقة احترام متبادل و عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ، و إعادة الحقوق  الى أصحابها و التي اغتصبها ادغالكم   وإلا فإن ادغال العالم سوف تغزوكم.

 

نعم اتفق معكم سيد بوريل في بيانكم الذي نُشر على موقع الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي: إن استعمالكم لمصطلحيْ “الحديقة” و”الأدغال” ليس من اختراعكم، إنما كان هذا المفهوم حاضرًا في النقاشات الأكاديمية والسياسية منذ عقود. واضيف بيتاً من الشعر ان مفهوم الحديقة ” فلسطين ” كان حاضراً في اجتماع كامبل عام ١٩٠٥. وهذا المفهوم الذي أضفتموه يشير الى قانون الغاب حيث يقوم النظام الدولي على إرادة الأقوى بعيدًا عن المبادئ المقبولة للجميع نظرًا إلى قوة الجهات الفاعلة فيها.

 

ابادلكم آسفي إذا شعرتم بالإهانة. وأضم صوتي الى صوتكم بأن يكون الأوروبيون والغرب قلبهم ليس فقط على أوروبا، وانما ان يكون هنالك اهتمام من الغرب بالشرق العربي (شرق وجنوب المتوسط) بشكل أفضل والتعرف على بقية العالم وان تكون العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

 

نعم اتفق معكم سيد بوريل ان تكون نظرة إنسانية أكثر للمهاجرين القادمين لأوروبا او اميركا. فان هؤلاء المهاجرين كانت لهم بصمات واضحة في بناء أوروبا وأميركا. وكما اشرتم من خلال خبرتكم أن أوروبا والغرب ليسا مثاليين وأن بعض دول الغرب انتهكت أحيانًا الشرعية الدولية والقوانين والحقوق الدولية في العالم، فأصبحوا “الأدغال” بعينهم.

 

أبعد الله عنا عز و جل وعن عالمنا العربي والإسلامي والعالم اجمع كل الادغال ومن ورائهم، وأصبح العالم كله حديقة غناء بلا ادغال .

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.