الأم والكرامة…وجه الوطن الأحلى!


د. مفضي المومني

بقلم  – د. مفضي المومني

في كل عام… ورغم قساوة الأيام والجائحة التي داهمتنا هذا العام… تشرق مع صبيحة الحادي والعشرين من آذار بسمة على محياك يا وطني… بسمة تحمل عبق الكرامة المعركة… وعيد الأم… ذات عشق..و حب اجتمعتا… .الأم والكرامة، ليس عبثا تزامنت المناسبتان لدى الأردنيين، الكرامة المعركة وعبق النصر وعيد الأم عنوان الحب وفرح الوطن… الأم والكرامة سر حياتنا ووجه الوطن الأجمل، فلا كرامة بدون وطن ولا وطن بدون كرامة… اما الام فهي امتداد الوطن في وطننا الارحب….الاردن، بلد القابضين على الجمر من اجل عيونه وكل حبة تراب من أرضه.
حين اكتب عن الكرامة في زمن الردة والخيبات، يصبح للكلام شجون… فنحن امة تحتفل بالكرامة لانها عنوان عزة… ذات يوم قبل ثلاثة وخمسين عاما… فجر يوم 21/آذار/1968…قرر العدو الصهيوني وبعنجهيته وغطرسته، ان يغزو ارضنا…واختار جسر الكرامة في بلدة الكرامةليحتل ما استطاع منها، دارت المعركة… واستبسل جنودنا الأبطال رغم محدودية السلاح، وسجلوا نصرا تاريخيا، دون سفراً في صحائف المجد و الفخار، بدم الشهداء واستبسال الأبطال… وزغاريد النشميات… والتضحية وطلب الشهادة ليعلو الوطن… نستذكر معركة الكرامة ونشوة النصر، لنشحذ الهمم ونعيد الحياة لأمتنا، باننا قادرون على الفعل عند نداء الوطن.
اما الأم فهي الوطن وهي الكرامة وهي الرضى… هي ايقونة الحياة، الحضن الدافئ عندما تداهمنا الخطوب، هي الصدر الحاني عندما نفقد كل العابرين… هي امي الثمانينية وامهاتكم… يقفن بشموخ رغم السنين وقسوتها، ورغم ايام مضت بحلوها ومرها، كانت الحياة بدائية، وكانت الام كل شيء ، كانت تصحوا صباحا لتصلي ثم توقظ ابنائها، وتجهز للجميع الإفطار او الزواده لمن يذهب للارض او يرعى الماشية او من يذهب الى المدرسة، كانت تعجن العجين وتخبزه في فرن الطابون او على الصاج، كانت تنظف البيت بكل ما فيه وصولا للحاره، كانت تربي اطفالها وترضعهم وتغذيهم وتعتني بهم، كانت تطبخ وتغسل وتخيط الثياب، وتجمع الحطب، كانت تشارك الرجل بكل اعمال الزراعه، الحراثة، التعشيب، القنابه وجني المحصول، الحصيد ،الدراسه، التغمير، الجواله، الرجادة… ورعاية الماشية .. كانت تنحت الصخر من اجل لقمة العيش، كانت تحرم نفسها من كل طيب من اجل ابنائها، كانت تقبل بالقليل، ولا تشكو لاحد،كانت تساعد الآخرين… كانت وكانت… نعم امي وكل الاردنيات لباسات الشرش والحطه والشنبر والمدرقة والسلك اي لشماغ والبشكير الألماني، الجيل الذي صنع الرجال، الجيل الذي بنى الاردن، كنَّ اميات لم ينلن نصيبا من العلم، لكن كان تعليم الابناء اولوية مقدسة لديهن، جيل امهاتنا جيل الطهر، والبساطة، والعفوية، والبذل والعطاء ..جيل فعل المستحيل وسطر المعجزات من لا شيء.
في عيد الام اقول لامي ولكل امهاتنا… .مقصرون مهما فعلنا من اجلكن… الدَين في رقابنا لكن كبير… ولكن تأبين ان تشعرننا بذلك… تحملن شموخ جبال عجلون والبلقاء والكرك…وإربد وعمان وكل بقعة من وطني… تزينكن عزة النفس…وهيبة الحضور وجمال الطلعة والطلة… نصغر امام جلال ومهابة قدركن… واقول لمن فارقن هذه الدنيا من امهاتنا… لارواحكن الرحمة والسلام…وجنات النعيم.
اما الشجون …فكثيرة ولكن ما يخص الحرائر الاردنيات امهاتنا واخواتنا، فالاحوال الاقتصادية والاجتماعية تمسهن اولا، فهن خط الدفاع الاول في مجتمعنا وهن اول المعاناة واخرها، ادعو كل فاسد وكل من سرق من اموال الوطن وساهم في شقاء امهاتنا واجيالنا، اعيدوا ما نهبتم، او لتقدمهم الولاية العامه للقضاء، من حق امهاتنا ان يفرحن في حياتهن، وان يعشن لحظة فرح، من حقهن ان يعشن يوما اوساعات دون ان يحملن الم وشقاء وعوز ابنائهن، ووجع الوطن..وضنك العيش… انصفوهن قبل ان يفارقننا… مثلهن من يستحق… ونحن نحن سنبقى نبحث عن لحظة رضا، ودفقة حنان، وومضة صفاء، من بحر عطائهن الذي لا ينضب… حمى الله الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.