الإصلاح يبدأ من إصلاح حال الفقراء والمحتاجين


منذر محمد الزغول

=

تاريخ النشر / 14-01-2012

كثر الحديث خلال العام الماضي والعام الحالي عن الإصلاح في الأردن والطرق الواجب إتباعها في عملية الإسراع في عجلة الإصلاح ، حتى أن البلاد شهدت الآف المسيرات والإعتصامات والإحتجاجات لحث أصحاب القرار في وطننا الغالي على الإسراع في الإصلاح المنشود .

وعلى الجانب الأخر من هذه الإحتجاجات بدأت تظهر للعيان ظواهر خطيرة جداً منها قيام بعض المحتجين بحرق أنفسهم كما حدث خلال الأسبوع الماضي عندما أقدم شابان على ذلك على مرمى ومسمع من الجميع .

جلالة الملك شخصياً طالب وما زال بالإصلاح الشامل في كافة مناحي الحياة وظهر ذلك جليّاً من خلال توجيهاته للحكومات المتعاقبة ، ومن خلال الكثير من التعديلات الدستورية التي جرت وأقرها مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب .

إذن هناك إرادة سياسية من صاحب القرار في بلدنا الغالي في التوجه الحقيقي نحو الإصلاح الشامل ،ولكن ما أصبح يقلق المواطنين في كافة مناطق المملكة والمفروض أنهم المستفيد الأول من هذا الإصلاح ، أنهم أصبحوا يعتقدون جازمين أن ظروفهم المعيشية لم ولن تتغيير وظهر ذلك واضحا من خلال الهيكلة المزعومة التي أقرتها الحكومة مؤخرا حيث وصفها الكثير بالجمل الذي تمخض وولد فأرا ،مما جعل هذه الهيكلة تضيف عبئا جديدا على قيادتنا وحكومتنا لم تكن بالحسبان في ظل هذه الظروف الصعبة والقاسية ، بل أصبحنا نسمع في بعض المسيرات والاعتصامات أنها الشعرة التي قسمت ظهر البعير .

نعم نؤيد الأصوات التي تنادي بأن تعطى فرصة حقيقية للقيام بهذه الإصلاحات ، ولكن لا نريد أن نبتعد كثيرا عن الهدف المنشود من وراء هذه الإصلاحات ، فالفقر والجوع والبطالة هي من تدفع الناس للإحتجاج والتظاهر ، وأنا شخصيا لم أر كثيرا من الأغنياء والمسؤولين والوزراء السابقين وأولادهم وأحفادهم في هذه

المسيرات ، ورحم الله الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال: ( لــو كان الفقر رجلآ لــقــتـلــتـه ) ، فالفقير الذي بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه لا يهمه وجود قانون إنتخاب عصري أو غيره وقد يرضى أن تعود الأحكام العرفية إن إستطاع أن يعيش بكرامة في وطنه بين أهله وعياله .

أنا شخصياً أعتقد أن الطريق الصحيح في التوجه مباشرة للإصلاح يبدأ من خلال إصلاح حال الفقراء والمحتاجين في وطننا الغالي وهم وبفضل تخبط وفساد الحكومات المتعاقبة أصبحوا الغالبية العظمى من شعبنا العزيز ، لذلك أقترح أن توجه الحكومة دعمها مباشرة للطبقة الفقيرة وذلك من خلال عدة أمور أهمها:

أولاً â€“ وزارة التنمية الإجتماعية – مضاعفة ميزانيتها حتى تستطيع الوصول إلى كافة جيوب الفقر في كافة أرجاء الوطن ، وكذلك تحديث تشريعات الوزارة التي أكل الزمن وشرب عليها ، فبرأيي المتواضع لو إستطعنا تفعيل دور هذه الوزارة لاستطاعت حل مشكلة الكثير الكثير من الفقراء والمحتاجين .

ثانياً â€“ وزارة الصحة – لا أعرف كيف ترضى الدولة لمواطن أردني يحمل الجنسية الأردنية أن يبقى خارج مظلة التأمين الصحي ، وما ذنب هذا المواطن الفقير الذي لم يسعفه الحظ في الحصول على وظيفة أن يبقى بدون تأمين صحي ، لذلك أقترح أيضا دعم وزارة الصحة حتى تستطيع تأمين كل من يحمل الهوية والجواز الأردني بالتأمين الصحي ، وبذلك سنخفف الضغط عن الديوان الملكي ورئاسة الوزراء من المراجعات الدائمة للمرضى غير المؤمنين صحياً .

ثالثاً â€“ وزارة تطوير القطاع العام – أقترح عليها التنسيب فوراً لرئاسة الوزراء بالغاء هذه الهيكلة المزعومة التي زادت الطين بلة وزادت من التشوهات في الرواتب بدل معالجتها ، كما أقترح عليهم زيادة رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين والمتقاعدين زيادة مجزية وحقيقية تحسّن من مستوى معيشة الجميع .

رابعاً â€“ وزارة المالية ووزارة الصناعة والتجارة – أقترح عليهم ضرورة إبقاء الدعم على المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية كالخبر والمواد التموينية الضرورية والمشتقات النفطية، كما أقترح أن تبقى فواتير الماء والكهرباء التي بدأت ترهق كاهل الجميع ضمن المعدل المقبول الذي يتناسب مع دخل الطبقة الفقيرة في الوطن .

خامساً â€“ وزارة التعليم العالي – أقترح تخفيف الرسوم على الطلاب والطالبات الأردنيين حتى تصل الى التعليم المجاني لكل من استطاع تأمين مقعد في الجامعات الحكومية ، لأن الكثير من طلابنا وطالباتنا حرموا من التعليم بفضل الرسوم المرتفعة وعدم وجود مظلة أو مكرمة يستندوا عليها في تأمين مقعد في أحد الجامعات الأردنية .

وأخيراً وحتى لا أطيل فإن قيام الدولة بواجبها من خلال الإهتمام بطبقة الفقراء والمحتاجين والعاطلين عن العمل وتوجيه الدعم الحقيقي لهم سيخفف كثيراً من حالة التذمر والإحتجاج والإحتقان التي تسود البلاد منذ أشهر عديدة ، كما أن توزيع مكتسبات الدولة على الجميع بالعدل والمساواة وإصلاح حال الفقراء والمحتاجين هو الخطوة الأولى للإصلاح الذي نتمناه ونسعى اليه جميعاً .

حفظ الله الوطن وقائد الوطن المفدى — والله من وراء القصد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.