الباقورة والأراضي الأردنية المحتلة


عمر سامي الساكت

=

بقلم / عمر سامي الساكت   

يعتقد الكثير منا أنه لا يوجد آراضي أردنية محتلة وهو ما روج له الإعلام الرسمي وغيره وقد تطور الموضوع إلى درجة التعاطف مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين الحبيبة، وتم حصر القضية بأنها تهم الفلسطينيين فقط متناسين أنها قضية إسلامية لإحتلالهم ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين وهي قضية كل مسيحي شرقي لإحتلال الصهاينة مقدساتنا وكذلك هي قضية عربية وبحكم الجيرة هي قضيتنا الأردنية بل وعلاوة على ذلك هنالك أراضي أردنية محتلة كما ذكرنا آنفاً والتي تم إخفاءها عن الأجيال حتى ينحرف فكرهم وحتى نظن بأننا حصلنا على مكتسبات من إتفاقية السلام المزعومة وإخفاء كونها إتفاقية إذعان، لكننا بدأنا نشعر بضياع حقوق الأردنيين بل الخسائر والتنازلات الكبيرة التي نتجت عنها. 

 

في ظل المشروع التوسعي الإحتلالي للصهاينة فقد أحتلوا في عام 1967 شريط حدودي يقع داخل الأردن في منطقة وادي عربة تبلغ مساحته الإجمالية 387 كلم مربع وبعد مدة دخلت تلك الأراضي في مشروع ” مدارس الحقل” لتزويد المستوطنات بالمنتجات الزراعية وقد تم حفر آبار المياه فيها لري تلك المزارع وتشكل تلك المزارع مساحة 5000 دونم. وفي إتفاقية السلام المزعومة في مشروع إعادة ترسيم الحدود حيث تم الإتفاق على تبادل تلك الأرضي الزراعية بأراضي بور صخرية رملية منها جنوب مدينة الطفيلة الأبية وأخرى حدودية لكنها مساحات بسيطة نسبياً ولا تصلح لشئ، أما في منطقة الغمرة المحتلة التي تبلغ مساحتها 4000 دونم وهي أرض خصبة فقد زحف إليها الصهاينة واستغلوها زراعيا لصالح مستوطنة تسوفار وقد خضعت في إتفاقية السلام المزعومة لنظام خاص كما طبق على منطقة الباقورة التي تم تأجيرها للصهاينة بإتفاقية السلام بعقد أجار صوري لا يوجد فيه مقابل مالي، ورغم إنتهاء عقد التأجير وإعلان الأردن رسمياً عدم الرغبة بالتجديد والإحتفال بإستعادتها إلا أن هذا ثبت ملكية 830 دونم لأفراد يهود محتلين واعتبرتهم السلطات الأردنية مستثمرين أجانب في الأردن ولهم حرية التصرف بها فمن يستطيع منع هؤلاء الصهاينة من الدخول إلى أراضيهم ومن استغلال مياهنا وهل هم معفيون من الضرائب والرسوم والجمارك !  بالإضافة إلى مشروع روتنبرغ لتوليد الكهرباء  في الباقورة والذي بلغت مساحته 6,000 دونم التي منحها الإحتلال البريطاني في عام 1926م ل “بنحاس روتنبرغ” أحد القيادات الصهيونية وقد أقرت حكومة حسن أبو الهدى الثانية هذه الملكية في عام 1928م لمدة 70 عام وتم تسجليها في دائرة أراضي أربد ورغم المواجهة الشعبية العارمة لهذه التمليك لكن دون جدوى.  ومؤخراً بعيد إعلان أسترجاع الأردن للباقورة وعلى الرغم من أن القانون الأردني لا يسمح بتملك غير الأردنيين لأراضي حدودية إلا أن وزير خارجتنا صرح بأن الأردن تحترم حقوق الملكية وأنه تم التفاوض مع الصهاينة لشراء تلك الأراضي والذي قوبل بالرفض،  فماذا كسب الأردن من عودة الباقوة ، هل الإعتراف بملكية مساحات شاسعة منها لليهود بدل عقد التأجير بدون مقابل!!  

 

وفي ثغر الأردن الباسل العقبة فقد خرق الصهاينة الهدنة مع الأردن كعادتهم في عام 1949م  بعملية سميت “عوبدا” أي “الواقع” واحتلوا منطقة أم الرشراش بسماحة 7 كلم مربع وهي منطقة استراتيجية عظيمة حيث تقع على رأس خليج العقبة وللأسف تم توثيق ذلك لصالح الصهاينة في إتفاقية السلام المزعومة ولم يكن كل ذلك لولا الدعم والضغط البريطاني والرعاية الأمريكية لصالح الكيان الصهيوني المحتل. 

 

في الخلاصة هنالك 830 دونم مملوكة لأفراد يهود صهاينة اعترفت بها الأردن في  منطقة الباقورة و 6,000 دورنم مملوكة للصهاينة لمشروع روتنبرغ لتوليد الكهرباء و5,000 دونم محتلة في وادي عربة و 4,000 دونم في منطقة الغمرة و 718 دونم في منطقة العقبة على ساحل رأس خليج العقبة هذه كلها أراضي أردنية محتلة أي بإجمالي مساحة 16,548 دونم جميعها أراضي استراتيجية إما زراعية خصبة جداً أو على نهر أو على بحر، وقد تم التنازل عن سيادة الدولة الأردنية على تلك الأراضي في اتفاقية السلام المزعومة إما بعقد أجار صوري الذي إنتهى بإلغاءه لكن بالتنازل عن مئات الدنمات والإعتراف بملكية الهيود لها،  أو محتلة بحجة إعادة ترسيم الحدود تحت بند مناطق خاصة، بالطبع من العبث أن ندعو إلى إلغاء تلك الإتفاقية في ظل الظروف السياسية الصعبة والمحيط الملتهب بالحروب لكن علينا أن ندرك مدى الإذعان والتنازلات فيها وأعتقد علينا أن نجد تكتيك سياسي خبيث وذكي للتعامل مع الكيان الصهيوني المحتل، يتناسب والتطورات في المنطقة العربية والإقليمية في الشرق الأوسط والعالم ككل. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.