الرعد الفلسطيني القاصف الذي زلزل فقاعة تل ابيب


مهدي مبارك عبدالله

=

بقلم // مهدي مبارك عبد الله

ليلة الخميس الماضي 7 / 4 / 2022 كانت بصخبها مشهودة نفذ فيها الشاب الفلسطيني رعد فتحي حازم 29 عام من مخيم جنين عملية إطلاق نار بطولية ونوعية في اهم شوارع ديزنغوف وسط مدينة تل أبيب موقعاً في صفوف الاحتلال ثلاثة قتلى وأصابه 16 آخرون بجراح متفاوتة بعضها حرجة بعدما تمكن من الانسحاب من مكان العملية ولم تستطع قوات الاحتلال بكل زخمها من الوصول إليه حتى ساعات الفجر ولم يتمكنوا من اعتقاله بل ارتقى شهيداً بعد اشتباكه مع قوة مشتركة من نخبة وحدتي اليمام والشاباك خلال تحصنه بالقرب من مسجد في مدينة يافا المحتلة

محنة موجعة عاشها كيان الاحتلال ومستوطنوه وهم محاطون بالخوف والهلع وينتظرون الموت من مسافة الصفر حتى ان المجرم نفتالي بينيت رئيس الوزراء وصفها بأنها ليلة صعبة جداً زلزل فيها ( الرعد الفلسطيني ) في قلب تل أبيب وحول ضوضائها ومجونها الى كابوس مرعب فضلا عن شل حركتها وفرض حظر التجول على ساكنيها وهو يؤكد لهم بالعزيمة والرصاص

أن القدس خط أحمر وأن أبطال جنين على العهد بالمضي قدما في طريق المقاومة والتحرير وأن المسجد الأقصى المبارك الذي يهدده الاحتلال ومستوطنوه بالتدنيس سيحميه المرابطون وابطال المقاومة بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة وثبات مهما تعاظمت المخاطر وتطلبت التضحيات

العملية البطولية بجراءتها ومستوى الثقة عند منفذها وقدرته الخارقة على الانسحاب من الموقع بهدوء وسلام أظهرت من جديد الفشلٍ المدوي لمنظومة الاحتلال الأمنية حتى انه اضطر إلى استدعاء أكثر من 1000 عنصر من عدة تشكيلات مختلفة من نخبة النخبة من أجل القبض على بطلٍ فلسطيني واحد ( رجل مقابل جيش ) مثل في عمليته جزءا من صمود شعب مقاوم وحيوية قضية عادلة تسير إلى النصر والتحرير بخطى ثابته وايمان راسخ

لم تكن أجهزة الاحتلال الأمنية تتوقع أن تحمل ليلة الخميس/ الجمعة هذا الكم من المشاهد غير المألوفة على تل أبيب وفي المحصلة النهائية كان شاب فلسطيني بحوزته مسدس هو من قلب الطاولة في تل أبيب وزرع الفرع ومنع التجول فيها

بالرغم من كل الإجراءات المشددة والتعقيدات والاستنفار الكبير لقوات الاحتلال ونشرها لقرابة 15 كتيبة من الجيش وحرس الحدود ومختلف الأذرع الأمنية لمواجهة العمليات الفدائية الفلسطينية في ظل وجود إنذارات ساخنة كما زعمت أجهزتها إلا أنها فشلت وتمكن الفدائي البطل رعد حازم من تنفيذ عمليته في أحد أهم شوارع تل أبيب وضرب عمق المربع الأمني الأكثر حصانة وتطور في كل إسرائيل

لقد عكست الصور والمشاهد التي رصدتها وسائل الإعلام حجم الصدمة الإسرائيلية ما يؤكد بأن الاحتلال وأجهزته الأمنية لم يتوقعوا أن تأتي العملية الرابعة بهذه السرعة بعد أيام قليلة من العملية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة في بني براك في نفس مدينة تل أبيبكل الإجراءات الإسرائيلية لتجنب العمليات الفدائية فشلت سواء دبلوماسية أو أمنية لا سيما الحملة الأمنية المركزة ضد جنين ومخيمها وقد بات هناك عملية تأثير واضحة مع نجاح كل عملية لدى الشباب الفلسطيني في محاكاتها بشكل أعنف وأجرأ

الشهيد البطل رعد حازم دشن طريق رئيس في مسيرة المقاومة الطويلة التي يخوضها الشعب الفلسطيني حيث جاءت عمليته بعد أيام قليلة من استشهاد ثلاثة مجاهدين من سرايا القدس وفي ذكرى معركة جنين الباسلة وفي شهر رمضان المبارك لتؤكد على ديمومة واستمرار المقاومة ولترسل رسالة واضحة للعدو بأن عليه أن يحذر من ارتدادات عدوانه وإرهابه على أبناء الشعب الفلسطيني وعلى أرضه ومقدساته

هذه العملية هي جزء من مقاومة الشعب الفلسطيني الشاملة لوجود الكيان الصهيوني العنصري الاستعماري على أرضه وهي ردا موجعا على سياساتِه وجرائمه وعدوانه المتواصل على المقدسات وإن امن إسرائيل لن يتحقق عبر تعميق الاحتلال الإسرائيلي وفرض نظام الابارتهايد والإعدامات الميدانية ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات الاستيطانية وهدم البيوت بل من خلال الإقرار الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية

التحدي الأبرز اليوم بالنسبة للمنظومة الأمنية لدى الاحتلال هو استمرار هذه العمليات بطابعها الفردي دون وجود إشارات ملموسة وواضحة بشأن وقوف أي من الفصائل الفلسطينية خلفها بالرغم من بعض الانتماءات التي ينسب لها منفذوها

استمرار هذا النوع من العمليات شكل ارباكاً كبيراً للقوات الأمنية خاصة بعد إعلانها عن عملية ( كاسر الأمواج ) التي أطلقها الاحتلال لوقف العمليات في الأراضي المحتلة عام 1948ما يعني استمرار تعزيز القلق والرعب في صفوف المستوطنين والتأثير السياسي ضد الحكومة الحالية التي تواجه خطر الانهيار والسقوط في أي لحظة مقبلة

خلال الفترة القريبة الماضية وقعت 4 عمليات كبيرة في الخضيرة وبئر السبع وبني براك وكان آخرها عملية إطلاق النار التي وقعت قبل أيام قليلة في تل أبيب والملاحظ على ارض الواقع ان هناك تطورا ملحوظاً في عمل المقاومين الفلسطينيين وتراجع في أداء المنظومة الأمنية الإسرائيلية حيث ستسهم هذه العمليات في تراكم الإنجازات للفلسطينيين وفي المقابل زيادة الفشل لدى الإسرائيليين

كما ان هذا النوع من العمليات يفرض بلا شك على الجنود الإسرائيليين المواجهة الميدانية أمام الجماهير المضطربة ومعظم المشاهد التي بثت على الفضائيات تشكل بحد ذاتها حرب نفسية قوية ودعائية خطيرة لأنها أدخلت الرعب من جديد في صفوف عموم الإسرائيليين في الوقت الذي يجبر الجندي الإسرائيلي على المواجهة الميدانية التي اتضح أن الغلبة فيها أصبحت للمقاوم الفلسطيني بكل ثقة واقتدار

العمل الفلسطيني المقاوم مرهون خلال الفترة المقبلة بالتصعيد والعنف في ضوء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وتصاعد الاعتداءات الاستيطانية إلى جانب ما تشهده مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى ولا امن ولا استقرار لحياة الإسرائيليون مالم ينعم به الفلسطينيون وتتراجع تل ابيب عن كل الإجراءات العنصرية والاجرامية بحقهم

هناك دلالة سياسية واجتماعية من وراء هذه العمليات تتمثل في كون المنفذين لا يتبعون لتنظيمات فلسطينية بشكل مباشر وهو ما يعني في المحصلة أن محاولة الاحتلال مطاردة وتفكيك التنظيمات لم تؤثر على الوعي الفلسطيني المتعلق بالمواجهة والمخاطرة بحياته في سبيل المقاومة والانتقام

كافة السياسات القمعية التي قام بها الاحتلال منذ انتهاء انتفاضة الأقصى مروراً بإثقال الفلسطينيين بسياسات اقتصادية ومجتمعية وطرح مشروع الاقتصادي والهندسة الاجتماعية أصبح من الواضح أنها بلا جدوى وقد تآكلت امام عزيمة وتصميم الفلسطينيون على مواجهة الاحتلال وكنسه عن ارضهم بكل وسائل المقاومة المشروعة والمتاحة

ما يكفينا من الفخر والاعتزاز في هذا المقام ان البطل رعد حازم ارتقى شهيداً مقبلاً غير مدبر بعدما أن أثخن جراح والم الاحتلال في واحدة من أقوى عمليات المقاومة التي صدمته وهزت كيانه وأمنه وكشفت هشاشته في قلب كبرى مستوطناته وأكثرها تحصيناً تل أبيب المقامة على أراضي فلسطينية مغتصبة في مدينة يافا المحتلة

اننا ندعو الان كل الشباب الفلسطينيون الى المقاومة والنضال بمزيد من العمليات الفدائية واتخاذ سيرة الشهيد رعد الذي خاض حتى أنفاسه الأخيرة اشتباكًا مسلحا مع جنود الاحتلال رافضًا الاستسلام إلى أن ارتقى شهيدًا قدوة ونموذجاً لهم في مواصلة المقاومة والمواجهة الشاملة ضد الاحتلال في كل المواقع وصد أي عدوان يستهدف الأرض والمقدسات وتحويل حواجز الاحتلال التي يخنق بها مدن بالضفة إلى كتل نار ملتهبة تحت اقدام الغزاة

أخيرا نقول ان إسرائيل مخطئة تماما إن ظنت بأن القبضة الحديدية الأمنية هي الحل فقد أثبتت التجارب فشل كل الحلول الأمنية كما أن الحلول الاقتصادية المطروحة وحدها لن تجلب الأمن والازدهار لاحد وأن هناك خيارًا واحدا لتحقيق الأمن والاستقرار وهو الحل السياسي المستند لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وفقًا لمبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمنmahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.