السفير السديري والعبث النووي الإيراني


الدكتور موفق العجلوني

استوقفني حديث سعادة السفير السعودي نايف بن بندر السديري المنشور في صحيفة الدستور يوم امس ٤/٨/٢٠٢٢ بعنوان : العبث النووي الإيراني ومؤتمر المراجعة. و جاء حديثه حول مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي الذي ينعقد في نيويورك ، حيث غادرنا معالى وزير الخارجية  و شؤون المغتربين السيد ايمن الصفدي قبل يوميين للمشاركة باسم المجموعة العربية  في أعمال المؤتمر في نسخته العاشرة. حيث أكد الوزير الصفدي، في كلمة الأردن خلال المؤتمر، أهمية استمرار العمل من أجل جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن المنطقة تعاني ما يكفيها من الأزمات ولا تحتاج بالتأكيد إلى مشكلة أخرى مرتبطة بالتسلح النووي. بنفس الوقت أكد على التزام الاردن بدعم معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، والعمل مع المجتمع الدولي من أجل ضمان الالتزام بالمعاهدة وتنفيذ كل أحكامها، وخصوصاً فيما يتعلق بضمان أن تكون منطقة شرق أوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل. وأن مشاركة الأردن في مبادرة ستوكهولم لنزع السلاح النووي ومعاهدة عدم الانتشار، التي تعمل من أجل ضمان بيئة دولية تؤكد الالتزام بالمعاهدة وتقليل المخاطر، وانضمام كل الدول إلى المعاهدة وتنفيذ التزاماتها، مؤشر آخر على التزام المملكة بمعاهدة عدم الانتشار.

 

مع ضرورة العمل على حل جميع المشاكل والازمات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمها القضية الفلسطينية وعلى أساس حل الدولتين، والعمل من أجل حل الأزمة السورية والأزمة الليبية، وعدد أزمات أخرى تحرم منطقتنا حقها في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار”. وأن حل المشاكل والأزمات الإقليمية سيسهم أيضا في الحؤول دون دخول المنطقة في صراعات التسلح النووية، مؤكداً موقف المملكة الداعم للجهود المستهدفة إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران.

 

و يأتي حديث السفير السديري منسجماً انسجاماً كلياً مع حديث الوزير الصفدي و الذي يتمثل في المعطيات التالية:

 

 

  • الاتفاق على نزع السلاح وإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

 

  • إقرار المحاور الرئيسية الثلاثة في معاهدة الحد من الانتشار النووي، وهي:

 

  • نزع الأسلحة ومراقبة البرامج النووية الوطنية للتحقق من أهدافها السلمية.
  • الاستخدام السلمي للطاقة الذرية .
  • إقامة شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي.

 

ويضيف السفير السديري هنا بعد فوز بايدن بالانتخابات الأميركية، استؤنفت المفاوضات مع إيران في فينا للحد من طموحها النووي. لكن إيران سلكت طريق الابتزاز. والنتيجة مزيد من التوتر في منطقة متوترة أصلاً. بنفس الوقت تضاءلت احتمالات إحياء الاتفاق النووي الإيراني خلال الأشهر الأخيرة . والولايات المتحدة من جانبها قالت إن باب إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لن يبقى مفتوحاً إلى الأبد. العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية ليست أكثر صعوبة فحسب، بل ستتطلب أيضاً أن تعيد الولايات المتحدة التفكير في كيفية اكتشاف أي محاولة مستقبلية من جانب طهران لبناء أسلحة نووية.

 

و هنا يعبر السفير السديري عن قلقة من خلال توقع فشل المفاوضات الامر الذي سيؤدي بالنتيجة الى :

 

  • القيام باتفاق مؤقت يحد من عمل إيران المتقدم في أجهزة الطرد المركزي، ونشاط التخصيب المتسارع، وأبحاث معادن اليورانيوم.
  • هذا الامر من شأنه أن يكسب الوقت ويمنع البرنامج الإيراني من الوصول إلى المنطقة الخطرة. يضاف إلى ذلك برنامج الصواريخ الباليستية المقلق الذي تتبناه طهران.
  • من الممكن أن ترفع ايران مستوى التخصيب حسب التصريحات الإيرانية.
  • الدول الخمس (الدائمة العضوية في مجلس الأمن)، وألمانيا المعنية بالتفاوض مع إيران، لا تجد مفراً من اللجوء إلى التهدئة، على الرغم من خطورة هذا النهج الذي درجت طهران على سوء تقديرها لأبعاده المدمرة .

 

يختتم السفير السديري حديثه بالقول : ” ستكون مهمة رئيس مؤتمر المراجعة السفير جوستافو زلاوفينين شاقة ومضنية، للوصول إلى صيغة ترضي طهران . بنفس الوقت فأن قبول إيران دولة نووية، هذا يشكل تهديداً متزايداً للسلم والأمن الدوليين، وينتهك بشكل سافر معاهدة حظر الانتشار النووي والبروتوكول الإضافي الملحق بها. فلو تأملنا المشهد خلال الأسابيع القادمة سنجده ضبابياً، لان إيران لا تكف عن المجادلة والتقية السياسية. الدول الكبرى حساباتها معقدة، لا سيما بعد التلويح باستخدام أسلحة نووية في الصراع الدائر في أوكرانيا.

 

 و خلاصة القول أعتقد جازماً و من خلال قرأتي للملف النووي الإيراني و ما يواجهه العالم من أزمات ، ان أي اتفاقيات دولية مع ايران دون مشاركة دول المنطقة و على رأسها دول مجلس تعاون الخليج العربي و خصوصاً المملكة العربية السعودية سيكون اتفاق مبني على مصالح الغرب و ايران فقط دون الاخذ  بعين الاعتبار مصالح المنطقة بشكل عام الامر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة ليست على منطقة الشرق الأوسط فحسب وانما على العالم بأسرة لما تشكله منطقة الشرق الأوسط من أهمية جيواستراتيجية واقتصادية  و عنصر امن واستقرار للعالم .و اثبتت الزيارة الأخيرة للرئيس جو بايدن للمملكة العربية السعودية و ما تمخض عن مؤتمر جدة الموقف السعودي و الموقف العربي من اية اتفاقيات في المنطقة سواء مع ايران او دورها في التأثير على الازمات الدولية وعلى رأسها الازمة الروسية الاكرانية .

 

 و هذا ما عبرعنه حقيقة سعادة السفير السديري في اختتام حديثه بأن : ” الدول الكبرى حساباتها معقدة ،  لا سيما بعد التلويح باستخدام أسلحة نووية في الصراع الدائر في أوكرانيا ،و بالتالي  دول المنطقة تختبر بحذر الحلول الدبلوماسية. “

 

بقلم السفير الدكتور موفق العجلوني 

المدير العام

مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية 

muwaffaq@ajlouni.me

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.