السياسة الخضراء والحرب على غزة


د .عريب هاني المومني

=

يُلاحظ المعظم اليوم زيادة الاهتمام العالميّ بالتغيّر المناخيّ وما ينتج عنه من آثار سلبيّة من خلال عقد المؤتمرات على مختلف المستويات وورشات العمل، وإصدار الإعلانات والبيانات. وهذا التغيّر المناخيّ يرتبط فيما يُعرف بالسياسة الخضراء أو السياسة البيئيّة، وكذلك أهداف التنمية المُستدامة.وقبل الخوض في علاقة السياسة الخضراء في الحرب على غزة، فلا بُدّ من التطرّق إلى ماهيّة هذه السياسة، فالسياسة الخضراء أو السياسة البيئيّة تُعدّ أيديولوجيا سياسيّة تهدف إلى خلق مجتمعٍ مستدامٍ بيئيّاً، تتجذر فيه العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان والديمقراطيّة القاعديّة واللاعنف والبيئية، وتوعية الأفراد بهذه القضايا.وقد بدأت هذه السياسة بالتبلور منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث تمّ تأسيس بعض الأحزاب التي تقوم على هذه الأيديولوجيا في العديد من دول العالم. إلّا أنّه وفي ظل النتائج المترتّبة على التغيّر المناخي الذي يعيشه العالم من الناحية البيئيّة وانعكاسها على مختلف المجالات احتلّت السياسة الخضراء مرتبةً مُتقدّمة في سلم أولويات المجتمع العالميّ والتنمية المستدامة.إنّ ما يشهده قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي يدعو إلى القلق ليس من الناحية الإنسانيّة فقط، وإنّما من الناحية البيئية أيضاً والانتقال إلى الطاقة الخضراء، فالعدو الإسرائيلي وما ارتكبه من مجازر بحقّ المدنيين باستخدام العديد من الوسائل والأسلحة المُحرّمة دوليّاً، أدّت إلى آثار سلبيّة على البيئة وانتشار الأوبئة والأمراض، وتدمير البنية التحتيّة. ومن المعروف أنّ للحروب آثار سلبيّة على المستوى الأمنيّ والسياسيّ والإنسانيّ والبيئيّ، إلّا أنّ الحرب على غزة قد تجاوزت تلك الآثار بمستوى كبير.ومن البديهي أنّ تضرّر البيئة في إقليمٍ ما سيترتّب عليه بالضرورة إلحاق الضرر في مناطق أخرى، كما سينعكس سلباً على أمن واستقرار المنطقة، وسيُعدّ أحد العوامل في تأخير الانتقال إلى الطاقة الخضراء والاستثمار فيها؛ كون أولويات الدول في أوقات النزاعات تختلف، بحيث تحتّل القضية الأمنية رأس هرم أولويات الدول.إنّ استمرار الحرب على قطاع غزة لن يؤدي إلى نتائج كارثية بحقّ أهالي القطاع فقط، وإنّما سيُواجه المجتمع العالميّ العديد من التحديات والإشكاليّات في ضوء استمرار العدوان الغاشم. وبات من الضروري تحرّك كافّة الفاعلين في المجتمع العالميّ لوقف هذا العدوان، فإن كانت الأسباب الإنسانيّة والتحرّكات التي قادها ملوك ورؤساء دول العالم، وفي مُقدّمتهم جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم لم تؤدي إلى وقف العدوان بشكلٍ تامٍ في يومه الثامن بعد المئة، فيُمكن للتحديات البيئيّة، وخوف المجتمع العالميّ من الكوارث البيئيّة التي سيُواجهها كآثارٍ لهذه الحرب أن تُساهم في وقفها، وهذا يقع على عاتق الدول والمنظمات الدوليّة بشكلٍ عام، والجهات التي تتبنّى السياسة الخضراء بشكلٍ خاص.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.