الفتى أحمد…!


د. مفضي المومني

بقلم /د. مفضي المومني.

لمن لا يعرف أحمد؛ أحمد فتى أردني من جماعة خبزك كفاف يومك، بعمر الورد أحد عشر ربيعاً، يمتشق طفولته المعذبة وفقره وضيق ذات الحال، وتجهزه أمه كل يوم ليبيع كاسات الماء وسط البلد، وفرق بين أن تبيع أو تتسول، داهمني خبر أعتقاله وإيداعه السجن من فرق مكافحة التسول يوم الوقفه..!، أحمد يبيع كاسات الماء ليروي عطشنا، ويعود لوالدته ببضع دنانير رزقة يومه، ليسد حاجة أمه، احمد يبيع كاسات الماء لكي لا يمد يده ويتسول أو يسرق، ويجود عليه الناس بما تيسر، أحمد امتهن هذه المهنة، ليستر حياته وحاجة امه، ويستر عورات مجتمع لم يستطع أن يقيه شر الحاجة، ليطيح به في الشارع بطفولته الغضة وبين عجلات السيارات ونظرات المارة إشفاقاً وعطفاً، هذه مسؤوليتنا جميعا حكومة وشعباً شئنا أم أبينا، مثل هؤلاء يجب أن تتابعهم وزارة التنمية وأخصائيين إجتماعين ليجدوا لهم الحلول، لا ضابطة عدلية وحبس.
أمس كما نشر في الخبر، حضر أحمد للسوق مبكرا واشترى ملابس العيد، وأمنها في كشك أبو علي، كشك الثقافة، وذهب ليمارس مهنته بيع كاسات الماء المبرد، وبلحظة داهمته فرقة التسول واحتجزته، وانتظرت أمه وطال انتظارها… أحمد لم يعد لا هو ولا ملابس العيد…ولا غلة اليوم ! وجاء الخبر ونقله صحفي شريف، وأثار ضجة إعلامية فالموقف مؤلم حد الوجع ويخذلنا جميعاً، لن تستطيع حبس دموعك وأنت تتخيل تفاصيله، فتى بعمر الطفولة مسجون ومودع للمحكمة إلى ما بعد العيد، وموقوف ربما مع مجرمين أو سارقين او زعران… لا نعلم ولكن هذا ما حصل… .وحسناً فعل رئيس الوزراء بالإيعاز لوزير العدل ربما لإخراج الطفل ليعيد مع أمه، وامتثل القضاء وعقدت جلسة خاصة اليوم أول أيام عيد الأضحى لإخراجه أو تكفيله لا نعلم المهم أنه سيعود لأمه الملهوفة الحزينة الصابرة… ثم ماذا؟ هل سيعود أحمد لمهنته؟ ويتعرض للحبس مرة أخرى؟ أم ستدرس حالته وحالة أمثاله ويتم حل مشاكل اسرهم؟ نرجو ذلك.
ورغم كل شيء يبقى السؤال، إلى متى تبقى تداهمنا كل فتره مثل هذه الأخطاء، وحادثة تدمير العربة بسوق الخضار لم ننساها بعد، إنسانية الأنسان فوق كل إعتبار فما بالك بطفل يمارس مهنة بسيطة ليؤمن بالكفاف مصروف يومه وأمه..!
أحمد وأمثال أحمد ضحية إرث من الامبالاة وإرث من العمل الحكومي الذي لم يستطع لحينه حفظ كرامة طفل أو شيخ أو إمراءة.
حنانيك يا أحمد خجلون من نظرة العتب والرعب الذي طالك وانتهك طفولتك، خجلون من أنفسنا وكل إداراتنا ووزاراتنا، ثم لماذا يتدخل رئيس الوزراء؟ لماذا لم يقدر من قبض عليه او اودعه انه بائع وليس متسول، اسئلة تلاحقنا، لماذا يجب أن يتدخل الملك أو رئيس الوزراء في كل صغيرة وكبيرة، ليوقفوا أخطاء هذا المسؤول أو ذاك، لماذا لا يتصرف المسؤول بحس الوطني أو أبن البلد ويشعر بألم الناس وأوجاعهم، هل حبس الفتى أحمد سيوقف كل أخطائنا؟ هل حبسه سينهي معركتنا مع الفساد والفاسدين؟ وبانتظار أن يستقيم وضعنا، نقول لأحمد وأمثاله ولوالدته، كل عام وأنتم بخير،وربنا يغير ما بنا من إحباط وخذلان لما هو افضل، ومن أجل الوطن الغائر في أعماقنا سنتحمل ونتحمل كل هذه الغصات والنغصات…هكذا علمونا أو هذا ما تعلمناه منذ سنين من الأمل الذي لم يأتي بعد… وكل عيد وأنتم بخير… حمى الله الأردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.