القضية ليست الـ «5 دنانير»


نسيم العنيزات

ان حالة الازدحام والتسابق على احدى محطات الوقود أمس الاول الجمعة للاستفادة من عرض أعلنت عنه الشركة بالحصول على 5 دنانير مجانية بعد تعبئة سيارتك بمادة البنزين بقيمة 20 دينارا وما سببه من ازدحام في بعض شوارع العاصمة عمان ونظر له البعض باستغراب واستهجان.

فالقضية يا سادة ليست الـ 5 دنانير بمقدار ما شكلت رسالة صارخة وقوية للحالة التي وصل إليها المجتمع من معاناة وفقر أدت للخروج عن المألوف والاستغراب.

نعم من هذه الزاوية فقط علينا النظر للقضية وتسليط الضوء عليها وقراءتها جيدا بجميع ابعادها لانها تشكل مؤتمرا كاملا دون ان يعقد، اما النظر لها من الزاوية الأخرى باللوم فهذا يشكل ظلما للناس والهروب من المسؤولية وتجاهلا للواقع الذي يعيشه الناس بعد ان اوصلتهم حكومات له، نتيجة خططها العشرية والخمسية ووعودها.

وعلينا ايضا ان نسأل انفسنا كم بيتا وأسرة اردنية لا تملك خمسة دنانير ولا حتى دينارا واحدا؟. بعد ان حصدت قراراتنا كل شيء وافرغت جيوبنا الخاوية اصلا لتتركنا نصارع وحدنا دون اسلحة او وسائل للدفاع، او المساعدة على البقاء مسببة حالة انفصام مجتمعي اصاب الاسرة والفرد الذي يعيش تناقضا بين داخله وواقعه، منفصلا عن محيطه وهو يرى كل شيء حوله محاط بالخوف.

نعم هذا حالنا وها هو واقعنا جزء بايدنا. والجزء الاكبر يتحمله اصحاب الوعود والشعارات التي لم يتحقق منها شيء الا الرجوع للوراء والاحباط الذي اصاب عاداتنا وتقاليدنا واثر على موروثنا الاجتماعي والثقافي بسبب التناقض بين المدخلات والمخرجات.

فاصبحنا لا نعرف الصح من الخطا او من هو على صواب ونقيضه.

فلا تلوموا الناس على تصرفاتهم فهذه هي مخرجات خطط وقرارات التي لم تلامس واقعهم او تحاكي حالهم وتطلعاتهم، ولم تراع حتى شعورهم.

فالخمسة دنانير قدمت صورة حقيقية ومرآة متعددة الابعاد لم نستطع التقاطها او فك رموزها وحلحلة شيفرتها السهلة اصلا والمعروفة للجميع دون تفكير او تعقيد.

فالخمسة دنانير ازاحت كما كشف غيرها الغطاء عن الازمة التي نعيشها وتزيل الغشاوة عن أعيننا لتدفعنا فورا الى الحلول والمعالجات. لان الموضوع لا يحتاج إلى دراسات وانما الى قرارات، قبل ان تتضخم ويصعب احتمالها داخل النفس والجسد المتعب اصلا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.