ايام منسيّه


عبد الله العسولي

ايام الطفولة في السبعينيات من القرن الماضي كانت مدينتنا (كفرنجة) قرية. كنّا طلاب في الصف الاول الاعدادي عام ١٩٧٣م وكانت مدرستنا المدرسة الثانوية بجانب المخفر والذي جعلني اكتب هذه الكلمات اليوم هو الامطار الغزيرة التي اكرمنا بها الله اليوم والتي من خلالها تذكرت تلك الايام المنسية والتي كانت في عام ٧٣م حيث الشتاء الغزير والتي كانت فيها يستمر نزول المطر بضعة ايام متواصلة (ما ينقطع الها عرق).
في تلك الايام.. المدارس لا تعطيل فيها ولا ننتظر صدور قرار بالتعطيل لانه لم يكن اصلا شيئ من هذا القبيل… فنستعدّ للذهاب الى المدرسة… لا يوجد اي وسيلة نقل لتوصيل الطلاب وكان وقتها الطالب المدلل يلبس جزمة بلاستك(عصفور) والفقير مثلي يلبس بصطار اذا كان احد اقربائه في الجيش او كندرة بلاستيك، اما لابس البصطار فكان صوت مشيته يسمعها كل من في الشارع كون البصطار مليئ في اسفله بمجموعة من (قلول) الحديد، وتبدأ الطلبة بالتوافد على المدرسة والذي ينتظرك امامها الاستاذ المناوب يحمل في يده عصا او بربيش ليشمط بها الطلبة المتأخرين… فدخول الطالب الان امام معضلة كبيرة اما الملابس فتحمل في طياتها ما تحمل خلال مسيرك من مياه الشتاء والاهمّ من ذلك أن مسيرك تجاه المدرسة يكون بطيئا لما تحمله الاحذية من طين كون المدرسة موجودة في ارض زراعية ولم يتم تعبيد ما حولها (فاذا استعجلت مصع البصطار من رجلك واذا ابطأت تتأخر عن المدرسة واصبحت امام عقاب المناوب).
وكان امام البوابة الرئيسية للمدرسه مربع من الحديد مغروس في الارض لمسح احذية الطلاب من الطين.. والمضحك أنه من اول طالبين يمسحان حذائهما بالمربع يصبح الطين اعلى من المربع فيختفي هذا المربع الحديدي عن الانظار… وتبدأ الطلاب بالدخول الى صفوفهما فيكون الممر الذي بين الدروج مرتفع ومليئ بالطين وموحل لكثرة ما حملت ارجل الطلاب من طين.
وتبدأ الحصة فترى الطلبة وخصوصا في الحصة الاولى تتراقص اجسادهم من برد الشتاء وخصوصا اذا كان احد الشبابيك مكسورا ولم يُعرف الذي كسره فلا يتم تركيب زجاجه الا اذا انعرف الطالب الذي كسره.. اما الطالب الذي بجانب هذا الشباب فتخدر رجله ويده المجاورات للشباك وتكون مشاركته بالحصة بيده ورجله الاخرى انْ بقي فيه حياه.
وينتهي اليوم الدراسي ولا تنتهي معاناته فتبقى الملابس مبلولة والطالب مقشعر وشوربة العدس مفتوت فيها الخبز اليابس بانتظاره.
هذا يوم دراسي واحد من الايام القديمة المنسية.

التعليقات

  1. محمد يقول

    جمييييل — وانت تسرد لنا شيئا من ماضي دراستنا ومدارسنا الجميل ذكرنا باعزاء منهم من رحل عن دنيانا الفانية ومنهم ادام الله عليه الصحة والعافية – حسن الرشايدة – عبدالرحم ابوعبيلة – علي الصبح -حسن الجبالي – حسن العزبي – علي ابونامص – احمدالبدر- محمدابوالامين —واخرين كثر رتب لنا مقالت بعنوان تربويون من مدينتنا —شكراااااا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.