بريطانيا تناصر المعتدين على حساب الضحايا


مهدي مبارك عبدالله

بداية ينبغي ان نفهم ان قرار الحكومة البريطانية بـ ( شيطنة النضال الوطني الفلسطيني ومحاولةً تجميل صورة الكيان الصهيوني ) بقرارها الذي ناقض أغلب مواقف دول العالم بما فيها الأوروبية باعتبار حركة حماس تنظيماً إرهابياً ليس مستغرباً على دولة سجلها الاستعماري حافل بالجرائم بحق الشعوب فضلا عن مساهمتها الاساسية في إقامة ما يسمى بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين المغتصبة وتهجير شعبها مروراً بالعديد من الحوادث والمواقف المنحازة مع الكيان واخيرا وليس اخرا اتخاذها هذا القرار الباطل الذي يشجع الاحتلال على ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ويتعارض كليا مع كل مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي التي أعطت للشعوب المحتلة حق مقاومة الاحتلال بمختلف الوسائل وبذلك اصبحت بريطانيا شريكا كاملا لإسرائيل في كل ما يرتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني

بالتوازي مع مواقف وخطى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اقر مؤخرا البرلمان البريطاني مذكرة وزيرة الداخلية ( بريتي باتيل ) بضم حركة حماس إلى قائمة المنظمات الإرهابية وحظر نشاطها بجناحيها العسكري والسياسي بالكامل فوق الاراضي البريطانية في السابق ومنذ شهر آذار عام 2001 كان الحظر يشمل الجناح فقط

حجة وزيرة الداخلية البريطانية الواهية قامت على اساس ان حركة حماس ترتكب ( الإرهاب وتشارك فيه وتعد له وتروج له وتشجع عليه ) وهي تحظى بـ ( قدرات إرهابية ملموسة بما يشمل الوصول إلى ترسانة أسلحة واسعة ومتطورة وإنها شاركت في الإرهاب من خلال إطلاقها ما يزيد عن أربعة آلاف صاروخ على إسرائيل بشكل عشوائي في شهر أيار من هذا العام تسببت في قتل مدنيين إسرائيليين بما في ذلك طفلين اثنين كما ان استخدامها للبالونات الحارقة كان عملاً إرهابياً تسبب في إشعال النيران في التجمعات السكانية في جنوب إسرائيل وأنها جهزت الشباب في غزة لممارسة الإرهاب من خلال إدارة معسكرات خاصة للتدريب ) حسب زعم الوزيرة غير الصحيح وتأتي هذه الخطوة المعدة مسبقا بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي يجرم كل من يعبر عن تأييده للحركة أو يرفع رايتها أو ينظم اجتماعات لها مخالفا للقانون ومهدد بالسجن 10 سنوات

حتى لو قبلنا بهذه المزاعم غير الدقيقة بدون جدال فقد قتل القصف الإسرائيلي لقطاع غزة 256 فلسطيني بما في ذلك 66 طفلاً ناهيك عن أن المناهج الدراسية في إسرائيل لا تشير إلى الجيران على أنهم فلسطينيون وإنما عرب يتم الحديث عنهم إما كلاجئين أو فلاحين بدائيين أو إرهابيين ناهيك عن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى في القدس والهجمات التي تنفذها عصابات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين في المدن الإسرائيلية المختلطة والقصف المبرمج الذي استهدفت عشرات المباني داخل غزة ما ادى الى تدمير ما يزيد عن 460 وحدة سكنية وتجارية وإن أي من تلك المزاعم لا تشير إلى أي نشاط او معاداة للسامية جرى من قبل الحركة او انصارها داخل الاراضي البريطانية وإن الأحداث التي تعطى لتبرير حظر حماس كحركة سياسية وقعت جميعها خارجها وداخل فلسطين المحتلة

الوزيرة باتيل لم تعطي وبشكل متعمد أي اهتمامات للتغيرات التي طرأت على ميثاق حماس لعام 1988 التي اعترفت بموجبها بحدود إسرائيل لعام 1967 بحكم الأمر الواقع ولم تعد تطالب بتدميرها وان هذا الاعتراف سيمكن المحامين من القول أمام المحاكم البريطانية إن حماس لديها حق مشروع في الدفاع عن النفس ضد قوة تحتل فلسطين التاريخية بشكل غير قانوني طال امده

القرار البريطاني بإعلان حماس منظمة إرهابية لن يحل الصراع بل سيفعله ويعمقه ويلحق ضررا هائلا بجهود البحث الدولية عن السلام في المنطقة والمبادرات المبذولة لتمكين الهدنة وإعادة الإعمار في قطاع غزة وقد سبق لـ ( بريتي باتيل ) بعثت برسالة إلى الفلسطينيين كانت اكثر ضرر وعدوان

مفادها انه بـ ( بإمكانكم أن تحظوا بالديمقراطية شريطة أن تصوتوا للحزب الصحيح وطالما أن الحزب الذي تصوتون له يقبل ممارسة الإرهاب بحق القوات الإسرائيلية ضد منازلكم وعائلاتكم كل ليلة وأن أي خيار يشتمل على مقاومة الاحتلال فهو مرفوض ولن يوضع على طاولة البحث أما إذا اخترتم عدم العنف مثل المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ( بي دي إس ) فسوف توصمون بمعاداة السامية واعلموا أنه مهما عملت إسرائيل فلا يجوز معاقبتها وأياً كان الذي تقوم به إسرائيل فإنه لا يجوز مقاضاتها من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابها جرائم حرب وأن التحقيقات الحالية التي تجريها المحكمة تعرضت للإدانة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا

الحقيقة الثابتة ان بريطانيا كانت ولا زالت جزءاً اساسيا من المنظومة الاستعمارية الإجرامية المعادية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع أشكال الاحتلال والظلم التاريخي وأن هذا القرار يكشف من جديد الوجه الإجرامي لهذه الدولة وهو دليل واضح على العقلية الاحتلال العنصرية التي ما زالت تعاني منها بريطانيا فضلا عن انه مرفوض لأنه يمثل انحيازا كاملا للاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية وقد جاء على عجل في إطار استهداف التعاطف ( الشعبي الدولي ) مع القضية الفلسطينية والذي تصاعد عقب معركة ( سيف القدس ) البطولية وهو في المحصلة لن يؤثر على استمرار المقاومة في مواصلة نضالها وتصديها للمشروع الصهيوني حتى تحقيق أهدافها المشروعة بالحرية والاستقلال والعودة

حركة حماس تعتبر جزءاً أصيلا من بنية الحركة الوطنية والكيان الصهيوني هو الإرهابي والصهيونية مصدر الإرهاب في العالم أجمع ومن لا يقاتل إسرائيل لا يحارب الإرهاب والمقاومة حق مشروع في العرف الدولي ما دام الاحتلال قائم وستبقى الدرع الصلب في الدفاع عن فلسطين والأمة العربية في مواجهة المخططات الصهيونية والامبريالية والتي يجب التحركٍ الواسع لرفض وإسقاط قراراتها الباطلة وفضح وتعرية جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ودعم نضاله بكافة الأشكال وكان على بريطانيا تصحيح خطيئتها التي بدأت بوعد بلفور المشؤوم اولى حلقات المؤامرة ثم احتلال فلسطين وتسليمها لقمة صائغة للاحتلال الصهيوني

لقد أقدمت باتيل على ما لم يقدم عليه حتى بلير رغم كل ما يكنه من بغض للإسلام السياسي ولا بد من تحركات فلسطينية وعربية واسلامية واممية على المستوى القانوني والدبلوماسي لإسقاط القرار والضغط على بريطانيا للتراجع عنه وأن حماس ينبغي أن تبقى جزءاً رئيس من الحل السياسي للصراع وهذا أمر لا يبدو أن إسرائيل تفهمه ولا باتيل ولا يفهمه اللوبي المؤيد لإسرائيل في بريطانيا

فهذا بلير الذي عقد سبع جولات من المفاوضات مع خالد مشعل، الذي كان حينها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في الدوحة في عام 2015 يعرب عن أسفه بعد ذلك بعامين لأن بريطانيا والبلدان الغربية أقصت حماس عن طاولة المفاوضات ودعمت حصار إسرائيل لقطاع غزة ويقر أيضاً بأن بريطانيا حافظت على حوار غير رسمي مع الحركة

بريطانيا العظمى التي لم تصبح عظمى الا من خلال احتلالها العالم تقريبا في قاراته الخمس بما في ذلك القتل حد الابادة وسرقة ثروات الغير وسن القوانين العنصرية والفاشية بما في ذلك قوانين الطوارئ والذي يعد الاعتقال الاداري الذي تمارسه اسرائيل اليوم ضد المناضلين الفلسطينيين احد أهم مكوناته اللا انسانية وان تطاول هذه الدولة على فلسطين وشعبها لم يبدأ باستعمارها ( انتدابها ) ولن ينتهي باعتمادها حماس منظمة ارهابية وانها بمثل هذا القرار انما منحت حماس ورقة أخرى نحو التفاف الشعب الفلسطيني وشعوب الامة حولها

حركة حماس لا زالت تحظى بدعم كثير من الفلسطينيين العلمانيين يتجاوز غزة نفسها حتى ممن لا يفضلون بالضرورة المقاومة المسلحة ولا الصواريخ ولا القنابل الانتحارية كما تجد التقدير والدعم بين كثير من العائلات الفلسطينية المسيحية في بيت لحم وستظل في أعين المقدسيين والفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية الجهة التي تبادر بعمل شيء لمقاومة الاحتلال الصهيوني الغاصب وعلى الجميع ادانة القرار البريطاني وتدعو الشعب الفلسطيني والمناصرين لقضيته في العالم إلى إدانته في المحافل الدولية

وزيرة الداخلية باتيل تعد من أشد الداعمين لإسرائيل ففي عام 2017 أُجبرت على الاستقالة من حكومة تيريزا ماي بعد أن تبين أنها أجرت اجتماعات سرية مع الحكومة الإسرائيلية وناقشت منح أموال المساعدات الخارجية البريطانية للجيش الإسرائيلي لكن بوريس جونسون عينها وزيرة للداخلية عندما خلف ماي في رئاسة الوزراء العام الماضي وتعد من أشد المقربين من

يذكر إن جهاز (شاباك) الذي يتمتع بخبرة وتجربة كبيرة في محاربة حماس إحاط صناع القرار في بريطانيا بالكثير من المواد والمعلومات التي ساعدت وزارة الخارجية البريطانية في تبني القرار

بريطانيا مستمر في غيها القديم وارتهانها وانحيازها ورضوخها للكيان الصهيوني المحتل ومواصلة اعتداءاتها غير المبررة واستهدافها حقوق الشعب الفلسطيني والكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والانتهاك الصارخ للقانون الدولي وتمرير المشاريع التي تخدم وجود الاحتلال وهي لن تبدل جلدها الاستعماري البغيض ولهذا فان مقاومة الاحتلال ستبقى حق مكفول في القانون الدولي للشعوب الواقعة تحت الاحتلال واستخدامها الوسائل كافة في كفاحه الوطني التحرري بما فيها المقاومة المسلحة كنهج قادر على ردعه وكسر عنجهيته

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.