تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ على العمليّة الانتخابيّة


د .عريب هاني المومني

=

تُعتبر العمليّة الانتخابيّة ركناً أساسيّاً من أركان الديمقراطيّة وتمثيل الشعوب، كما يُعدّ التطوّر التكنولوجيّ والذكاء الاصطناعيّ من العوامل المُهمة المُؤثرة على العمليّة الانتخابيّة في مختلف مراحلها: من التسجيل والتصويت إلى فرز الأصوات وإعلان النتائج. وتُظهر هذه التكنولوجيا تحدّيات وفرصاً جديدة في العمليّة الانتخابيّة، يُفترض استثمار الفرص منها ومواجهة التحدّيات؛ لتحسين العمليّة الانتخابيّة.
فمن الناحية الاقتصاديّة، يُمكن أن تُسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في تقليل تكاليف العمليّة الانتخابيّة من خلال التحوّل إلى الانتخابات الإلكترونيّة والتصويت عبر الإنترنت، كما يُمكن أن تُعزّز هذه التقنيات مُشاركة الشركات الناشئة والشباب في عمليّات الحملات الانتخابيّة، ممّا يُساهم في زيادة المُشاركة الفاعلة للشباب، وتعزيز النزاهة والشفافيّة في العمليّة الانتخابيّة.
وعلى الرغم من هذه الإيجابيات من الناحية الاقتصاديّة إلا أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ من الجوانب القانونيّة يطرحان تحدّيات بخصوص تأمين العمليّة الانتخابيّة منها: ضمان سريّة الاقتراع وصحّة النتائج، وحماية البيانات الشخصيّة وضمان الأمان السيبرانيّ، فهي قضايا يجب مراعاتها في تشريعات الانتخابات. وهذا يتطلّب وضع قوانين وتشريعات تضمن الشفافيّة وحماية البيانات الشخصية، وضمان سلامة العمليّة الانتخابيّة من التلاعب والتزوير.
أمّا سياسيّاً فمن المُمكن أن يؤدي تطبيق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في العمليّة الانتخابيّة إلى زيادة مشاركة المواطنين وتحفيزهم للمشاركة الفعّالة في الحياة السياسيّة، من خلال زيادة فرص التواصل ما بين المُرشّحين والناخبين وتعزيز التفاعل الديمقراطيّ، فقد أصبحت منصّات التواصل الاجتماعيّ أداةً أو منبراً ساخناً وذات تأثيرٍ قويّ جداً فيما يتعلّق بالترويج لأفكار المُرشّحين وبرامجهم الانتخابيّة، وكذلك إدارة الحملات الانتخابيّة لهم. ومع ذلك، فإنّ البعض قد يستغلّ التقنيات التكنولوجيّة لأغراض سياسيّة، فيما يتعلق بالتلاعب السياسيّ ونشر الأخبار الزائفة.
ومن الناحية الاجتماعيّة فقد يؤدي الاعتماد على التكنولوجيا إلى تعزيز المشاركة المجتمعيّة وتشجيع الشباب على المشاركة في العملية الانتخابيّة، إلّا أنّ ذلك يجب أن يتم بطرقٍ تضمن مشاركة جميع فئات المجتمع دون تمييزٍ. كما يؤدي التطور التكنولوجيّ إلى زيادة وعي المواطنين بالعمليّة الانتخابيّة، من خلال المساهمة في زيادة طرق ووسائل الحصول على المعلومات مثل وسائل التواصل الاجتماعيّ، وتقليل حواجز الوصول للمعلومات والسياسات الانتخابيّة، وبالتالي توفير مزيدٍ من المعلومات حول مراحل العمليّة الانتخابيّة.
باختصارٍ، يُمكن القول أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ يُعتبران عاملان حاسمان في تطوير العمليّة الانتخابيّة، ويجب على الحكومات ومختلف المؤسسات والجهات العمل سويّاً؛ لضمان استخدام هذه التقنيات بشكلٍ فعّالٍ ومسؤولٍ، وبطريقةٍ تضمن تحقيق التوازن ما بين التقدّم التكنولوجيّ وحقوق الإنسان بما فيها حقوق الناخبين والمُرشّحين؛ لضمان نزاهة العمليّة الانتخابيّة، وتحقيق العدالة والشفافيّة، وتعزيز الديمقراطيّة وحقوق الإنسان.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.