تبني حماس عملية أرئيل اضطرار ام خيار


مهدي مبارك عبدالله

=

بقلم // مهدي مبارك عبد الله

على غير المعتاد في المواجهات ومنذ فترة بعيدة وفي تطور نوعي لافت أثار إعلان كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس مسؤوليتها الكاملة عن تنفيذ العملية الأخيرة التي وقعت على مدخل مستوطنة أرئيل قرب مدينة سلفيت بالضفة الغربية المحتلة

التي نفذها الأسيرين البطلين يحيى مرعي ويوسف عاصي رغم الأوضاع الأمنية المعقدة حيث جاء تبني العملية بعد اعتقالهما والكشف عن هويتهما وبما يحمل ذلك من دلالات تعبوية وأخلاقية في مقدمتها ان منفذيها من بيئتها ومناصريها ولا يجوز التنكر لهم اوالتخلي عنهم

العملية الاحترافية أسفرت عن مقتل حارس أمن إسرائيلي وخلقت تساؤلات عديدة بين الإسرائيليين حول التداعيات والاهداف والدوافع ومعنى هذا التبني في ظل معرفة حماس المسبقة بواقع الضفة المحتلة وقد وذهب بعضهم الى وصف الخطوة بالاستثنائية والجريئة وغير المسبوقة منذ فترة طويلة حيث أفردت صحيفة ” يديعوت احرونوت ” لنبأ التبني مساحة واسعة على صدر موقعها الإلكتروني اما رسميا فقد التزمت وزارة الحرب وجهاز أمن الاحتلال الشاباك الصمت ولم يتم الحديث أو التسريب عن أي ردود فعل تجاه هذا الإعلان المربك

في غمرة الصدمة والذهول طالب العديد من الإسرائيليين حكومة بينيت الآيلة للسقوط بتنفيذ غارات انتقامية عاجلة وضرب أهداف مهمة لحماس في غزة رداً على التبني دون خشية أو تردد بعدما اعتبروا أن هذا الإعلان الصريح يعبر عن تحدي صارخ للمنظومة الأمنية الاسرائيلية نفذته عناصر فدائية منظمة فكريا ومدربة عسكريا

بعض القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية زعمت ان اعلان حماس الصريح بمسؤوليتها عن العملية شكل تغيير في نهجها وسعيها نحو التحريض العلني المستمر لتنفيذ المزيد من العمليات التي تستهدف جيش الاحتلال ومستوطنوه في الضفة الغربية وداخل إسرائيل ومع سخونة الأوضاع ربما تقود ردود الأفعال بين الطرفين إلى مواجهة شاملة يترتب عليها تبعات كثيرة ليس لإسرائيل او المقاومة اي مصلحة في اشعال شرارتها وتمدد حريقها

العملية البطولية المتميزة شارك فيها أكثر من شخص وهي تعد انتقال واضح من العمليات الفردية الذاتية إلى العمليات الفصائلية المنظمة والمرتبة من حيث رصد الهدف واتخاذ القرار والتنفيذ وهو ما ينبئ بتمكن المقاومة وثقتها على الأرض ويعتبر بداية تدشين مرحلة جديدة كما يهدف تبنيها المباشر الى تشجيع الفصائل الأخرى والشباب الفلسطيني الثائر للتنافس في هذا الميدان النضالي والمبادرة بتنفيذ أعمال بطولية فردية ترهق الاحتلال وتبقى كرة اللهب في حضنه وبنادق المقاومة مصوبة نحو جنوده وقطعان مستوطنيه

اعلان مسؤولية كتائب القسام عن عملية سلفيت كان ( خيار مقصود ) حمل رسالة واضحة وشكل مفاجأة للجمهور الفلسطيني قبل الاسرائيلي وهو تحول كبيرا في مسار العمل العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة كما جاء في ظرف ووقت بالغ الحساسية أحرج الاحتلال خاصة بعدما نفت دوائره الأمنية بأن العمليات الفردية التي جرت مؤخرا في إسرائيل

ليست مرتبطة بالبنية التحتية العسكرية او التنظيمية التابعة لحركة حماس او فصائل المقاومة الاخرى التي امتنعت خلال السنوات الأخيرة عن تبني العمليات في الضفة الغربية بشكل مباشر للحفاظ على سرية تفاصيلها التي لا يعلمها العدو وخشية كشف بنيتها التحتية وملاحقة قياداتها وكوادرها بالاعتقال والاغتيال بعد العمليات فضلا عن اجتياح المدن والمخيمات وتدنيس المقدسات

في إطار جهوزية المقاومة الفلسطينية للرد على أي مساس بالمسجد الأقصى واستجابةً لنداء أهل القدس وضمن رسالة واضحة للاحتلال كشفت بأن بعض أو جميع العمليات التي نفذت خلال الشهور الأخيرة كانت تحمل بصمة الاشتباك من نقطة صفر وهي استراتيجية تتبناها كتائب القسام في الانقضاض والهجوم على جنود الاحتلال لكسر معنوياتهم واظهار ضعفهم وهزيمتهم

على ارض الواقع لا يوجد خطوط حمراء أمام المقاومة وهي قادرة على الوصول لأي مكان وضرب أي هدف في التوقيت المناسب لها وأن حماس ترفع سقف التحدي وتتحرك اليوم بشكل واضح ومركز وأنها سوف تضرب الاحتلال بعمليات متتالية في أي لحظة فكر فيها بارتكاب أي حماقة ضد المسجد الأقصى أو شن أي عدوان على الفلسطينيين رغم ان جميع محاولاته لخنق المقاومة المسلحة في الضفة الغربية باءت بالفشل

عملية ارئيل البطولية كانت ضمن سلسلة من الردود الجاهزة على الانتهاكات الإسرائيلية التي حصلت في القدس المحتلة مؤخراً وتحديداً الاعتداءات على المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى ومحاولات تدنيسه وفرض تقسيمه خلال شهر رمضان المبارك

الحقيقة انه لا يمكن اعتبار الإعلان الرسمي للقسام على أنه خطوة عفوية أو غير محسوبة في واقع الضفة الأمني والسياسي خصوصاً في ظل ملاحقة المقاومين ومصادرة الأسلحة وعدم وجود بنية تحتية كاملة لقوى المقاومة على غرار ما هو في غزة وان الامر مرتبط ايضا بحديث قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار الذي أكد في كلمته قبل أيام أن ما بعد شهر رمضان ليس كما قبله وأن المواجهة الحقيقة ستكون بعد عيد الفطر في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية

لا يخفى على المتابعين للشأن الفلسطيني ان التبني الرسمي للعملية يحمل في طياته أيضا رسالة سياسية جلية للسلطة الفلسطينية ورجالات التنسيق الأمني الذين لا يؤلون جهدًا في إجهاض العمل المقاوم مفادها أن المقاومة ستبقى تدعم المقاومين في الضفة الغربية وتقف خلفهم في كل الساحات رغم استمرار سياسة التنسيق الأمني وعمليات الاعتقال المتكررة التي تتم بحق كوادر وأفراد التنظيمات الفلسطينية المختلفة خصوصاً الجهاد الإسلامي وحركة حماس

منظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية تخشى خلال الفترة المقبلة امكانية تنفيذ عدد من العمليات القاسية ذات الطابع العسكري تمس أمن المستوطنين أو تستهدف الجنود والحواجز العسكرية هو ما سوف يسهم في تمدد تجربة جنين كنموذج لاستنزاف الاحتلال عملياتياً وسياسياً

وبما يمكن المقاومة لاحقاً من قلب المشهد لصالحها وبشكل متزامن وفي كل الساحات سيما وان موجة العمليات التي شهدها شهر نيسان المنصرم حاضرة كنموذج بطولي بقوة كبيرة ولا زال سيف القدس مشرعا يقف إلى جانب كل مقاومي الشعب الفلسطيني في كل ارجاء الأرض الفلسطينية المحتلة

بعض المحللين السياسيين بينوا أن إعلان كتائب الشهيد عز الدين القسام مسؤوليتها عن عملية مستوطنة أرئيل شمالي الضفة الغربية حمل في مضامينه العديد من الدلالات والرسائل الموجهة للداخل الفلسطيني وللكيان المحتل وأجهزته الأمنية معظمها يؤكد ان تصاعد العدوان والانتهاكات الإسرائيلية سيجعل المنطقة برمتها أمام صيف لاهب وحافل بالتطورات العنيفة قد يكون تدخل المقاومة المسلح أبرز عناوينها

يذكر ان آخر مرة تبنت فيها كتائب الشهيد عز الدين القسام عمليات في الضفة الغربية والقدس كانت منذ عام 2018 بعد عمليتي الشهيدين أشرف نعالوة وصالح البرغوثي فيما كانت تكتفي الحركة بمباركة العمليات والثناء عليها عبر قادتها السياسيين وتدعو لتوسيعها وتكثيفهاmahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.